الاستثمـار في الأسهـم

27/04/2013 7
وليد عرب هاشم

سوق الأسهم تسبب في أضرار كبيرة لجموع غفيرة من المواطنين، فلقد تعدى مؤشر هذا السوق حد الـ 21000 نقطة في بداية عام 2006، ومن بعدها انهار إلى أقل من 20% مما كان عليه ليصل إلى 4000 نقطة، وبالتالي فقد 80% من قيمته وتلاشت أموال ملايين المساهمين، وهناك جزء من هؤلاء لم يفقدوا أموالهم فحسب وإنما فقدوا معها أموالا أخذوها من أقرباء أو بنوك لكي يضعوها في الأسهم وهم يحلمون بالكسب السريع، ولِـم لا فالسوق كان في ارتفاع على مدار أربع سنوات لا أقل، وخلال هذه الفترة ارتفعت أسهم كل الشركات بدون استثناء،وبالتالي أينما وضعت مالك حققت أرباحا، وهكذا جذب السوق القاصي والداني، وبما أن أحدا لم يعالج مشكلة تضخم أسعار الأسهم ولم يكن هناك أي طرح مناسب لأسهم شركات قوية مثل سابك لامتصاص الضغط المتزايد فارتفعت أسعار أسهم كل الشركات حتى تلك التي لا تكاد تساوي شيئا، بالعكس فإن الشركات التي لا تكاد تساوي شيئا كانت الأكثر ارتفاعا، وأخيرا كما يحدث لأي بالون ينتفخ باستمرار فإنه لابد أن ينفجر، وهذا تماما ماحدث.

وبما أن سوق الأسهم آنذاك جذب إليه الملايين فإنه عندما انفجر (تضرروا الملايين)، وبما أن انخفاضه كان شديدا،فلقد كان الضرر قاسيا، وعلى إثر هذه الكارثة ابتعد الكثير عن سوق الأسهم ولازالوا لايتقبلون العودة للاستثمار فيه فالذي أتلسع من الشربة ينفخ في الزبادي، ولكن مع كل التقدير لما حدث، وبغض النظر عن الأسباب التي أدت لحدوثه، إلا أن ماحدث لم يكن استثمارا، فأسعار الأسهم كانت ترتفع تقريبا يوميا واستمر ذلك لعدة سنوات فلا يكاد يتبقى أحد لم يصدق أنها لن تستمر في الارتفاع وإلى الأبد، ومهما كان هذا الاعتقاد غريبا الآن إلا أنه كان مقبولا آنذاك وبالتالي دخل إلى سوق الأسهم الذي يفهم فيه والذي لا يفهم، لا لسبب إلا ليقلد غيره ولذلك ارتفع سعر سهم شركة لايسوى ثلاثين ريالا ليصل إلى خمسة آلاف ريال ويجد من يشتريه، وبالتالي انهار سوق الأسهم وكان لابد من أن ينهار، فما حدث لم يكن استثمارا وربما كان مضاربة أو ربما كان شيئا آخر، لك أن تسميه ماشئت ولكن لا تسميه استثمارا.

فالاستثمار هو في أصول تعتبر إلى حد ما آمنة وتعطيك عائدا مقبولا للمخاطرة في شرائها وخلال مدة زمنية محددة، والاستثمار بالتأكيد أفضل من ترك الأموال كما هي تأكلها الأسعار، فالتضخم السنوي يفقد النقود قيمتها، وحتى لو تم قبول فائدة على النقود فإن الوضع لن يتغير كثيرا، فالعوائد البنكية حاليا هي حوالى واحد بالمئة، وهذا أقل بكثير من معدلات التضخم أو ارتفاع الأسعار مما يعني أن الأموال تفقد من قيمتها سنويا،بالتالي إن كان الاستثمار يعرض أموالنا لمخاطرة الخسارة فلا يوجد استثمار بدون مخاطر، إلا أن ذلك يظل أفضل من الخسائر الأكيدة عند ترك الأموال جامدة فيأكلها ارتفاع الأسعار وتفقد من قيمتها سنويا، فهذه خسارة أكيدة.

والاستثمار في الأسهم هو تاريخيا وفعليا من أفضل الاستثمارات وأكثرها عائدا، وبالإضافة لذلك فهو استثمار سهل وآمن وسريع وذو سيولة مرتفعة فممكن أن تستثمر في الأسهم بمبلغ لايتجاوز الألف ريال وممكن أن تنجز هذا الاستثمار وأنت في منزلك وفي غضون ثوان قليلة من الوقت كما أنك واثق أنه تم تسجيل الأسهم باسمك ولن ينازعك عليها أحد، فكل العمليات موثقة بدقة وهناك مستويات مختلفة من الرقابة للتأكد من صحتها وسلامتها..

ولكن يظل الخوف من الاستثمار في الأسهم وهذا الخوف إما نابع من عوامل نفسية بسبب ما حدث في السابق في كارثة سوق الأسهم والقصص التي عاصرناها أو سمعنا عنها، أو أن الخوف نابع من أن ندخل في مصيدة بعض الأسهم التي ترتفع لأسباب وهمية وقد تكون مدبرة أو مقصودة وهي لا تستحق مثل هذه الأسعار المرتفعة وبالتالي لو استثمرنا فيها فقد نجد أنفسنا وسط مصيدة لا نستطيع الخروج منها بدون خسارة.

وهناك فعلا شركات في سوق الأسهم وبعضها له أسماء رنانة إلا أنها شركات إما مديونة لرأسها ولا أرى أنها تستطيع سداد ديونها أو أنها خسرانة أو لم تربح أبدا وبالتالي يجب الحذر من هذه المصائد حتى لو كانت أسهمها في ارتفاع، أما الشركات القوية والفعالة والتي تسجل وتوزع أرباحا عاما تلو الآخر وبنسب جيدة فهي استثمار يستحق أن نضع فيه جزءا من أموالنا وأن لا نترك ماحدث في الماضي يسيطر علينا، فسوق الأسهم سوق جذاب وله فوائد ومردوده ليس فقط على الفرد وإنما على الاقتصاد الوطني ككل والاستثمار المدروس فيه حاليا سيكون له عوائد مجزية بإذن الله.

نقلا عن جريدة عكاظ