أتفهم، وأؤيد مطالبة شركات القطاع الصناعي، ورجال أعمال الجبيل باستقلال غرفتهم التجارية والصناعية عن غرفة الشرقية كإجراء تنظيمي يساعد على تطوير أداء الغرفة، وتحسين خدماتها، والتوسع في أنشطتها الداعمة للقطاعين الصناعي والتجاري وقطاع شباب الأعمال والمنشآت الصغيرة، ومساهمتها في التنمية الاقتصادية،وتحمُّل مسؤولياتها تجاه المجتمع الذي تعمل من خلاله.
تمدد نطاق محافظة الجبيل وضم رس الخير لها، والتوسع الكبير الذي شهدته مدينة الجبيل الصناعية، والذي قادته بكفاءة متميزة، الهيئة الملكية للجبيل وينبع، ونمو القطاع الصناعي فيها، واحتضانها لأكبر الشركات العالمية وفي مقدمها سابك، شفرون، سبكيم، الصحراء، ساتورب، وصدارة، إضافة إلى استحواذها على قطاعات الصناعات البتروكيماوية، والتكريرية، وحجم مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي، وسيطرتها على الصادرات السعودية غير النفطية يجعلها أكثر استحقاقا لاستقلالية غرفتها التجارية وبما يحقق تطلعات القطاعين الصناعي والتجاري وأهداف رجال الأعمال.
تضم مدينة الجبيل الصناعية أضخم الاستثمارات المجمعة في المملكة بحجم يفوق 500 مليار ريال، محققة عوائد مالية تقارب 35 مليار ريال سنوياً، أي ما يعادل 35 في المائة من حجم الأرباح المجمعة لسوق المال السعودية،إضافة إلى احتضانها ميناءي الملك فهد الصناعي والتجاري الداعمين للقطاع الصناعي والتجاري واللذين يشهدان حركة تصدير استثنائية ونوعية ويسهمان في دعم تجارة المملكة وصادراتها بشكل لافت.
انضمام مدينة رأس الخير لمدينة الجبيل الصناعية تحت مظلة الهيئة الملكية للجبيل وينبع، يُعطي المدينة ميزة تنافسية أكبر، وإضافة نوعية على مستوى الدخل، الاستثمارات، الشركات العالمية، ونوعية الصناعات الإستراتيجية، في الوقت الذي سيزيد فيه ميناء رأس الخير حركة الصادرات السعودية، وهو أحد أهم الموانئ وأكثرها تطوراً على مستوى المملكة والخليج العربي.
تسعى مدينة الجبيل الصناعية لاحتضان الإستراتيجية الوطنية للصناعات التحويلية التي تقودها بكفاءة الهيئة الملكية للجبيل وينبع مع شركائها الرئيسين، سابك، وأرامكو، وبمساهمة صندوق الاستثمار الصناعي، وهي إستراتيجية طموحة تهدف إلى استثمار المنتجات الأولية محلياً واستغلالها في الصناعات التحويلية الوسيطة والنهائية وبما يدعم الاقتصاد ويسهم في دعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة الأكثر خلقاً للوظائف، ومساهمة في الاقتصاد الوطني، ما يعني زيادة حجم قطاع الأعمال بشكل كبير، واحتياجه لخدمات لوجستية متخصصة،ومتنوعة، وعاجلة، تستدعي الاستقلالية والتركيز.
مسؤوليات مدينة الجبيل الصناعية المتعاظمة، والتزاماتها تجاه الوطن، الاقتصاد، والتنمية يُفترض أن يهبها استحقاقات تنظيمية تساعدها في أداء عملها بكفاءة ودينامايكية محفزة.
لم تعد مركزية الأعمال متوافقة مع متطلبات العصر الحديث، واحتياجات قطاع الإنتاج في مدينة الجبيل الصناعية،فالاستقلالية المتاحة للهيئة الملكية والتي ساعدتها على تحقيق النجاح التنموي غير المسبوق، يفترض أن تكون مثالاً يُحتذى لاستقلالية غرفة الجبيل، على أساس أن البيروقراطية والمركزية عادة ما تتغلغل في القطاع الحكومي لا القطاع الخاص، ومن باب أولى أن تكون الغرفة التجارية متقدمة عنه في استقلالية العمل واتخاذ القرار.
وأحسب أن فكر رجال الأعمال المنفتح في غرفة الشرقية، وثقافتهم الإدارية والإنتاجية، ومبادراتهم في دعم الأفكار الخلاَّقة، وتنمية المدن، سيدعم هذا التوجه المبارك - بإذن الله -.
استقلال الغرفة التجارية والصناعية في الجبيل لن يتسبب في إحداث ضرر مباشر على غرفة الشرقية، بل ربما خفف عليها الالتزامات، وأعطاها مساحة أكبر للتركيز على فروعها الأخرى الأكثر حاجة للدعم والاحتضان، وهذه فائدة ستعود بالنفع على قطاعات الأعمال في المدن الحاضنة للفروع الأخرى، المستفيدة من تركيز غرفة الشرقية عليها.. وفي الوقت عينه ستحقق استقلالية غرفة الجبيل فائدة أعظم للمدينة الصناعية في جانب اتخاذ القرار، وتقديم الخدمات العاجلة وتطويرها بما يتوافق مع احتياجات القطاع الصناعي وإمكانيات المدينة العصرية،والمساهمة في دعم الأنشطة، وإقامة الفعاليات واللقاءات، وإبراز المدينة لصناعية بشكل أكبر، ودعم قطاع شباب الأعمال، والمساهمة في توفير حاضنات الأعمال، واحتضان المبادرات الصناعية والتجارية الوليدة ورعايتها، والإسهام بشكل أكبر في دعم المنشآت الصغيرة ورعايتها، والمشاركة الفاعلة في خدمة المجتمع.
أجزم بأن استقلال غرف التجارة والصناعة، المحققة لمعايير ومتطلبات الإدارة والتشغيل، كغرفة الجبيل،سيساعدها في تقديم خدماتها بشكل أكبر وأكفأ لبيئتها الحاضنة، وسيخفف من التزام الغرف الرئيسة، وسيزيد من عددها بما يحقق الدعم الأمثل لقطاع الأعمال، وللاقتصاد السعودي، وسيسهم في تحمُّل رجال المال والأعمال المحليين مسؤولياتهم تجاه المجتمع الذي ينتمون له، وبما يحقق توفير الدعم الأمثل لمناشط الحياة التنموية، العملية، الاجتماعية، الفكرية، والخيرية.
نقلا عن جريدة الجزيرة