إذا وافقت إدارة الرئيس باراك أوباما على خط أنابيب «كي ستون إكس إل»، فإنه سينقل 830 ألف برميل يومياً من نفط ألبرتا إلى المصافي الأميركية في خليج المكسيك، لينافس واردات الولايات المتحدة النفطية من السعودية والكويت والعراق وفنزويلا بسبب اقتراب نوعية هذه النفوط من بعضها. كما ان عدم الموافقة لن يوقف تدفق كميات النفط الإضافية من كندا إلى الولايات المتحدة لأن قرار الرئيس يتعلق فقط بالجزء العابر للحدود، وليس بالخط كله.
وينتهي قريباً إنشاء الخط، باستثناء الجزء العابر للحدود.
فإذا وافقت حكومة أوباما، تنفذ الوصلة بين الجزء الكندي والجزء الأميركي، ليبدأ بعدها الضخ التجريبي. إما إذا رفضت فسينقل النفط عبر الحدود بالشاحنات أو القطارات لمسافة قصيرة، ويعود إلى الأنبوب في الجزء الأميركي.
باختصار، قرار أوباما لن يغير الواقع، ولكنه سيبطئ عملية نقل النفط ويرفع تكاليفها. ونظراً الى الخصومات الكبيرة على النفوط الكندية فإن سعرها في خليج المكسيك سيظل أقل من أسعار النفوط المماثلة من دول الخليج وفنزويلا، ما قد يخفض واردات الولايات المتحدة من هذه الدول.
كما ان رفض أوباما للأنبوب سيؤدي إلى غضب كندي، وسيجبر الكنديين على زيادة تعاونهم مع الصينيين، ما يعني بناء مزيد من الأنابيب من ألبرتا إلى غرب كندا، ومن ثم التصدير إلى الصين وبقية الدول الآسيوية. وحتى لو لم يغضب الكنديون فإن هناك مشروعين للأنابيب سينقلان 1.2 مليون برميل يومياً من النفط عبر غرب كندا بحلول عام 2018.
هذا النفط سينافس النفط الخليجي في عقر سوقه: دول شرق آسيا. كما أن هناك محاولات لتغيير اتجاه بعض الأنابيب وبناء أنابيب جديدة لنقل النفط من ألبرتا إلى شرق كندا، ما سيخفض واردات النفط الكندية.
يضاف الى ذلك مشاريع مماثلة عدة، اذ أعلنت شركة أميركية الأسبوع الماضي أنها ستبني خط أنابيب لنقل الغاز من حقول «إيغل فورد» القريبة من مدينة سان أنتونيو إلى الحدود المكسيكية وربطها بشبكة الخطوط المكسيكية. هذا الخط سينقل 2.1 بليون قدم مكعبة من الغاز يومياً.
ويتوقع أن يؤدي ذلك إلى توقف المكسيك عن استيراد الغاز المسال من نيجيريا ودول أخرى، والتوقف عن بناء مزيد من محطات الغاز المسال التي كان من المفروض أن تزيد الطلب العالمي على الغاز المسال، بخاصة من أستراليا.
هذا يعني أن نيجيريا وأستراليا وغيرها سيضطرون إلى البحث عن أسواق أخرى، وستزداد المنافسة في هذه الأسواق، نتيجة ثورة الغاز الأميركية.
ويجري الحديث حالياً عن بناء أنابيب نفط إلى المكسيك لتصدير النفط الأميركي الخفيف إليها، بخاصة أنه سيكون لدى المصافي المكسيكية طاقة تكريرية فائضة تتجاوز 500 ألف برميل يومياً خلال السنوات المقبلة. وإذا تم ذلك فإن المكسيك ستخفض وارداتها من المشتقات النفطية بأكثر من 80 في المئة، اي أن الدول التي كانت تبيع هذه المشتقات للمكسيك، ستبحث عن أسواق أخرى!
على صعيد آخر، يعد تحويل الغاز إلى سوائل نفطية مكلفاً جداً، واستطاعت قطر بناء معمل يمكنها من القيام بذلك بتكاليف معقولة بسبب توافر الغاز بكميات كبيرة فيها. إلا أن ارتفاع التكاليف منع أي دولة أخرى من تبني مشاريع كهذه. وتقضي هذه التكنولوجيا بتفكيك جزيئات الغاز ثم إعادة تركيبها لإنتاج سوائل نفطية مثل البنزين والديزل والكيروسين.
إلا أن هجمة الغاز في الولايات المتحدة ساهمت في توليد ثورة في هذا المجال اذ بدأت هذه المعامل تنتشر ليتم تحويل الغاز فيها إلى سوائل نفطية بتكاليف متدنية، ما ساهم في ربحية هذه المشاريع من دون أي تدخل حكومي. اي أن إنتاج النفط سيزيد، بتكاليف متدنية، وبطرق صديقة للبيئة.
أما على صعيد الطلب، فالكل يعرف أن طلب الدول المتقدمة على النفط ما زال في انخفاض منذ ثلاثة سنوات، ويتوقع أن يستمر كذلك في أوروبا. لكن هناك تطورات جديدة في الأسواق الأميركية قد تمنع الطلب من الزيادة على رغم بوادر الانتعاش. اذ أعلنت شركة قطارات «بي إن إس أف» الأميركية، والتي تعد ثاني أكبر مستهلك للديزل في البلد بعد البحرية، أنها ستقوم بتحويل ستة قطارات لتعمل بالغاز المسال بدلاً من الديزل.
وإذا نجحت التجربة فإنها ستقوم بتحويل البقية في السنوات المقبلة. ونجاح هذه التجربة يعني أنه كل القطارات ستحوّل إلى الغاز المسال، ما سيخفض الطلب على الديزل في الولايات المتحدة 6 في المئة. وسبب هذا التحويل أن كلفة الوحدة المكافئة من الديزل، أعلى من كلفة الغاز بخمس مرات.
ومن التطورات أيضاً تحويل منصات حفر آبار النفط والغاز والمضخات من الديزل إلى الغاز، اذ تقوم شركات مثل «شلومبرجيه» و «هاليبورتون» و «بيكر هيوز» وغيرها بإنفاق ملايين الدولارات لتحويل الحفارات والمضخات من الديزل إلى الغاز. هذه الجهود ستخفض الطلب على الديزل، وبالتالي على النفط. والأهم من ذلك كله أنها ستخفض تكاليف الإنتاج في المناطق التي يتم فيها حرق الغاز.
أن التغيرات في عالمي النفط والغاز تسارعت من كل الأطراف كرد فعل على انخفاض أسعار الغاز وارتفاع أسعار النفط، في وقت بقيت الأمور كما هي... في عالمنا العربي.
فإذا كان رد الحكومات والشركات الوطنية بطيئاً، فإن رد فعل الأفراد، بخاصة طلاب الثانوية والجامعات، يجب أن يكون سريعاً. الفرص العالمية في مجال النفط والغاز كبيرة، برواتب وميزات عالية... واستقرار وظيفي لم تشهده الصناعة من قبل.
ابق على اطلاع بآخر المستجدات.. تابعنا على تويتر
تابِع
انت مبدع بمذاق خاص لك وافر الشكر وعظيم الامتنان.
انا عندي سؤال اعتقد انة مهم جدا الكل يعلم ان اي دولة تنتج النفط او تزيد النفط فانة يزيد استهلاكها النفطي الداخلي نتيجة لوجود النفط لديها وزيادة الدخل نتيجة ذلك هل نتوقع زيادة استهلاك النفط في امريكا ويعكس الاتجاة الحالي وماتاثير ذلك على شركات انتاج السيارات هل نتوقع استمرار تصنيعها لسيارات البنزين نتيجة لثورة النفط الامريكية وماتاثير ذلك على استهلاك النفط في المستقبل
مقال مميز، شكراً د. انس...
الكاتب مقالاته متشابهه وكلها تصب في التشاؤم من اي خبر عن النفط يعني لو اكتب خبر عن اكتشاف حقل نفط في كولومبيا لكتب الرجل خمس مقالات عن خطر ذلك على دول الخليج والسعودية وان امريكا ستستغني عن النفط والمستقبل لكولومبيا!! واضح ان الكاتب عنده مشكلة او انه يسير مع مايطلبه المتشائمون!
كلامك صحيح
الواضح انك انت عندك مشكلة حقيقية في فهم ما يتحدث عنه الكاتب المعروف بخبرته الطويلة في اسواق النفط على عكسك تماما. الكاتب لا يتحدث عن تهيؤات كبعض الكتاب في الفا بيتا بل يتحدث عن حقائق ومشاريع قائمة . حاول ان تفهم اساسيات الامر اللي تعلق عليه قبل لا تتفلسف.
كاتب متخصص ومتمكن - بارك الله فيه. الموضوع جاد ومحاولات الولايات المتحده جادة للاستغناء (أو التقليل من الاعتماد على/عن) النفط القادم من الشرق الأوسط. لم يكن بوش (الابن) مازحاً عندما صرّح أن أمريكا لن تبقى أسيرة بالاعتماد على نفط الخليج. الزبدة: استخدام نفطنا بتكريره في البلد ثم تحويل المشتقات الى بتروكيماويات وكيماويات ومنتجات نهائيه يعظِّم أرباح السعوديه، ويفتح وظائف متخصصة ويدويه (غير تقنيه) لأبائنا وبناتنا. رُبّ ضارةٍ نافعه!
صباح الخير.. كاتبنا الفاضل جمع أكبر قدر لديه من مشاريع تقوم حاليا في العالم الصناعي هدفها تطوير الإمكانيات الذاتيه في تلك الدول لتقليص الإعتماد على نفط العرب .. الأمر ليس جديد ونفط العرب لم يكن بمأمن من التوترات منذ استخراجه قبل 60 عاما وأكثر مما يحد من ضمان تدفقه الى الأسواق في أي لحظه . أرقام الإقتصاد في العالم ستتحسن كثيرا مع كل بادره تقنيه لتخفيض سعر النفط وكل اكتشاف جديد له دور في خفض تكلفه الطاقه في العالم ستستفيد منه دول الخليج . دول لم تستفد من إلإرتفاع الفاحش لسعر البرميل لما صاحبه من تضخم في عقود ومشاريع النفط وبرامج تطوير الجيوش والتسلح التي تتصاعد مع إرتفاع سعر النفط .
النفط من المنتجات الاستهلاكيه ولابد في يوم ما ان ياتي البديل وسيكون البديل ليس حل مؤقت بل ثوره جديده تغير خارطة العالم اقتصاديا واجتماعيا والدول المتقوقعه على نفسها والتي تتوقع عدم التغيير ولم تحرك ساكن يبدو في قادم الايام ستكون لديها مشاكل اقتصاديه كبيره جدا ويبدو ان التحرك على مستوى عالمي للبحث عن بداءل للنفط واتمنى ان نلحق بالركب بدل ان نكون عجلت له
فعلا تعاون كندا مع الصين هو التهديد الحقيقي للطلب على النفط الخليجي وبالاخص السعودي وليس زيادة الانتاج في امريكا. وين اللي يطالبون من شعبنا بحفظ البترول للاجيال القادمة؟ تحويله الى نقد يستفاد منه لدفع عجلة التنمية نحو اقتصاد المعرفة والخدمات افضل من خزنه الى ان يصبح لا قيمة له.
مقال ممتاز من كاتب مبدع يعلم خفايا الصناعة النفطية والغاز ومن اراد التخصص وفهم هذه الصناعة عليه بمتابعة مقالات الكاتب ويجب على دول الخليج الاسراع في خطوات التنمية البشرية والتكنولوجية وعمل خطط استراتيجية بذلك وليس ردود افعال او حلول وقتية ومن يقرأ قصة كوريا الجنوبية يرى العبر والدروس .