أكد محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي أن الفوائد التي تتخذها المصارف السعودية على القروض غير مبالغ فيها وأنها معقولة، بينما يشير الكثير من الناس إلى أنها مبالغ فيها وأنها تحسب على كامل القرض لا على القيمة التناقصية للقرض، فأيهم على حق في ذلك؟
طالبت قبل ثلاث سنوات في مقال صحافي بضرورة قيام البنوك بالإفصاح عن التكلفة الحقيقية للقروض حسب الأعراف العالمية، وقد تجاوب المحافظ السابق مع تلك المطالبة موضحاً أن البنوك تعمل على تصحيح طريقة عرض تكلفة الفائدة بالشكل المتعارف عليه، وبالفعل قامت بعض البنوك بإيضاح التكلفة حسب النسبة السنوية لهامش الربح (آي بي آر)، إضافة إلى هامش الربح الثابت.
وفي أحد إعلانات البنوك آنذاك ذكر أحد البنوك أن تكلفة القرض الشخصي ".. 2.99 هي هامش الربح السنوي الثابت المتعارف عليه حالياً في السوق السعودية وهي تعادل 7.90 في المائة كمعدل النسبة السنوية لهامش الربح (آي بي آر) المتعارف عليها عالمياً وتتفق مع معايير مؤسسة النقد العربي السعودي التي تم احتسابها على مبلغ تمويل مدته خمس سنوات شاملاً إجمالي تكلفة التمويل غير متضمن التأمين (انتهى)".
الحقيقة أن هناك لغطا كبيرا متداولا بين الناس حول طريقة احتساب القروض والبنوك مقصرة في جانب التوعية في هذا الشأن، ما جعلها تقع في دائرة الشك والتضليل، بينما في الحقيقة أن لا فرق في التكلفة الفعلية، سواء تم احتساب القرض بطريقة هامش الربح الثابت أو بطريقة النسبة السنوية لهامش الربح، والمطالبة هي فقط لإبراز التكلفة الفعلية كما هو متعارف عليه عالمياً.
فمسألة هل تكلفة القروض مبالغ فيها أم لا ليس لها علاقة بالنسب المركبة أو احتساب التكلفة حسب القيمة التناقصية أو غيره، وحسبما أراه من مشاهدات عامة، ليست بحثاً ميدانياً مفصلاً، أن تكلفة القروض الشخصية بتحويل الراتب في المملكة تعتبر تنافسية إلى حد كبير، وأقل من دول كثيرة، لكن- وعلى الرغم من ذلك- لا يزال هناك عدد من التجاوزات في طريقة احتساب القروض وفي آلية السداد المبكر.
للإيضاح لو أن شخصاً تقدم على قرض شخصي بمبلغ 300 ألف ريال، فقد يقال له إن سعر الفائدة 2.5 في المائة سنوياً، وعندها قد يظن الشخص أن تكلفة القرض متدنية جداً، لأن تكلفة الفائدة المماثلة في البنوك الإقليمية والعالمية وقتها تصل ما بين 5 إلى 7 في المائة. هذه هي النقطة الأساسية في المطالبة بتصحيح النسبة المعلنة، لأن الطريقة القائمة مبنية على طريقة حساب قديمة وغير معمول بها عالمياً. في هذه الحالة يجب على البنك الإفصاح عن أن الفائدة تساوي 4.735 في المائة، وذلك حسب الطريقة الصحيحة لحساب التكلفة، ليكون العميل على إلمام بالتكلفة الحقيقية للقرض.
لكن القصة لا تنتهي هنا، بل إن التكلفة الحقيقية تأخذ في الحسبان الرسوم الإدارية التي تُحدد حالياً بحرية مطلقة من قبل البنوك السعودية، تصل إلى ربع نقطة مئوية أو أكثر في بعض القروض، ما يعني أن النسبة الواجب على البنك الإفصاح عنها في هذه الحالة تزيد على 5 في المائة. علاوة على ذلك، تقوم بعض البنوك السعودية – وربما جميعها، حيث لا أعلم عن كل حالة فردية – باحتساب الفائدة بطريقة خاطئة (ولن أقول خبيثة) وهي أن يتم احتساب الفائدة حسب عدد أيام السنة الميلادية، بينما يتم تحصيل الأقساط حسب عدد الأيام الهجرية، التي تقل بنحو 11 يوماً في العام الواحد.
وقد يدّعي البنك أن السبب في ذلك هو أن الراتب الشهري في جميع الجهات الحكومية يُصرف حسب الأشهر الهجرية، فتحل الأقساط الشهرية وفقاً لذلك، ولا بأس في ذلك شريطة أن يتم احتساب النسبة السنوية لهامش الربح بعد أخذ عدد الأيام الفعلي في الاعتبار.
في المثال السابق، يجب أن تكون النسبة الفعلية التي تُعرض على العميل ويتم تسويقها من قبل البنك في منشوراته على أنها نحو 5.15 في المائة، وهذه هي النسبة الحقيقية العادلة التي تتيح للعميل معرفة تكلفة الإقراض الذي سيُقبل عليه، ويستطيع مقارنتها بتكاليف التمويل في دول أخرى، بل مع العوائد المالية المتحققة من استثمارات أخرى، كالأسهم والعقار وغيره.
المشكلة الأخرى، التي تم التطرق إليها في وقت سابق، هي مشكلة السداد المبكر، حيث تُرك الحبل على الغارب، فقامت بعض البنوك العام الماضي بقرار مفاجئ ومجحف في حق العملاء عندما امتنعت عن قبول السداد المبكر للقروض الشخصية بتاتاً. هذا يعني أن العميل الذي اقترض لمدة خمس سنوات وقرر سداد القرض بعد مضي عامين سيجد البنك يطالبه بدفع ما تبقى من أصل القرض، إضافة إلى فوائد السنوات الثلاث المقبلة.
يمكن تشبيه ذلك بشخص استأجر مبنى تجارياً لمدة خمس سنوات وقرر إغلاق المتجر بعد عامين، ففاجأه مالك العقار بأن عليه تسديد إيجار السنوات الثلاث الباقية، بينما في العرف العقاري أن للمستأجر الحق في البقاء خمس سنوات، لكنه غير ملزم بذلك، وهذا يسري بشكل كبير على القروض في جميع دول العالم، وإن لم يكن كذلك فتوضح رسوم السداد المبكر للعميل قبل الحصول على القرض.
معالجة جوانب القصور في آلية القروض الشخصية مطلب مستمر، ولا يقل عنها أهمية ضوابط التمويل العقاري،حيث صدرت لائحة التمويل العقاري أخيرا من قبل مؤسسة النقد، وورد فيها عدد من البنود التي تعالج بعضاً من مشاكل تمويل القروض الشخصية، مثل تضمين جميع التكاليف عند احتساب النسبة المئوية لتكلفة القرض،التي سيتم احتسابها بطريقة صحيحة.
كذلك حددت اللائحة آلية أفضل للسداد المبكر إلا أنها أتاحت للممول العقاري الحصول على تعويض يحسب بطريقة قد تستغل ضد العميل- إن لم تكن هناك مراقبة دقيقة لها- وهي أن اللائحة تسمح للممول أن يقتص من العميل رسوما مبنية على الفرق بين سعر الفائدة وقت السداد المبكر وسعر الفائدة المضمّن في عقد العميل. كما أن الممول العقاري يستطيع فرض رسوم مبنية على نفقات تخص طرفا ثالثا ستوضح في العقد، إلا أنها قد تفتح المجال لرفع رسوم السداد المبكر.
كما أن اللائحة لم تتطرق للاختلاف بين عدد أيام السنة، حسب التقويم الهجري والتقويم الميلادي، على الرغم من أن عدد الأيام المتفق عليه هو 365 يوماً، إلا أن بالإمكان أن يُجبر العميل على دفع الأقساط حسب التقويم الهجري لتعجيل حصول الممول على الأقساط، بينما التكلفة مبنية على 365 يوماً.
خلاصة القول أنه لا فرق هناك بين التكلفة الفعلية للقروض، سواء كانت بطريقة هامش الربح الثابت أو طريقة النسبة السنوية لهامش الربح، لكن من الواجب اعتماد الطريقة الصحيحة لتحقيق الشفافية والالتزام بالمعايير الدولية. كما أن الآلية الحالية لاحتساب التكلفة مضللة إلى حد معين بسبب حرية البنوك في تحديد الرسوم الإدارية واستغلال الاختلاف بين التقويمين الهجري والميلادي ضد العميل.
ابق على اطلاع بآخر المستجدات.. تابعنا على تويتر
تابِع
ايضا البعض لا يفرق بين ال اي بي ار (وهو مضلل) وال effective interest rate. لكن هل الفوائد نصف سنوية (مركبة) ام سنوية فعلا؟ ايضا لا اعرف هل ال amortization table لقروض بنوكنا شبيهة بالبنوك الأجنبية ام مختلفة فعلا؟ ظني انه نعم, وهنا منبع المشكلة. لكن لست متأكد فان كان لديك او لدى القراء معلومة حيال ذلك اتمنى افادتنا بها. موضوع جميل كالعادة.
ليت المشرعين عندنا ينتبهون لمثل هذه الأمور وفعلاً يشترطون عرض النسبة المؤية السنوية "الفعلية" وهي نفس الآي بي آر ولكن مع الأخذ بالاعتبار الفترات التراكمية، وهذي الطريقة ما تفرق في حالة القروض التي نتحدث عنها ولكنها مهمة في أنواع معينة من القروض، مثل بطاقات الائتمان. وللتوضيح، لو قال لك البنك إن سعر الفائدة (آي بي آر) على بطاقتك هو 10%، والفائدة تحسب بشكل شهري، عندها تكون النسبة المؤية السنوية "الفعلية" 10.47% وليست 10%، لأن البنك يحب عليك شهرياً 0.083% (10% تقسيم 12 شهر)، ولكن إذا حسبتها "فعلياً" بشكل تراكمي تطلع في السنة 10.46%. بالنسبة للقرض الشخصي فالنسبة التي تعلن هي الفعلية لأنها تحسب مسبقاً وتعرض للعميل بشكلها النهائي بعد أخذ جميع التكاليف بالاعتبار.
خلاصة القول الواجب اعتماد الطريقة الصحيحة لتحقيق الشفافية والالتزام بالمعايير الدولية. أن الآلية الحالية لاحتساب التكلفة مضللة إلى حد معين بسبب حرية البنوك في تحديد الرسوم الإدارية واستغلال الاختلاف بين التقويمين الهجري والميلادي ضد العميل.
اهلا بك الدكتور فهد وكالعادة مبدع ... واسمح لي وبالنيابة على القراء ان تكتب عن لوائح نظام الرهن العقاري وبالتفصيل .. على عدة مقالات ... واخير الى الامام د\ فهد لللك تحياتي
الفوائد المضللة...لدينا تحتسب على كامل المبلغ ,و ليس على المتبقي من القرض مثل كل دول العلم . مثال: قرض مليون ريال .... تدفع في السنة الاولى فوائد بمبلغ 40 الف ريال .....و في السنة العاشرة تدفع 40 الف اخرى رغم تسديدك لما يزيد عن 90% من القرض...اي تسديدك لمبلغ 900 الف مع فوائد 40 الف عن كل سنة رغم ان رصيد القرض المتبقي اقل من 100 الف الى ان الفوائد للسنة الاخيرة قد تصل الى اكثر من 40%. يجب ان تكون الفوائد على القروض تناقصية و واضحة الشروط....بالاضافة الى تسهيلات السداد المبكر. //////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////// خلاصة : مؤسسة النقد.....نائمة في العسل . ----------------------- حماية المستهلك....لا يوجد .
هلا GENE صلب الموضوع هو عكس ما تقول :-) الموضوع يقول إنه سواء حسبتها بشكل تناقصي أو على القرض كامل، مالياً ما تفرق وأنت تدفع نفس التكلفة بالضبط، بالهللة الواحدة. في مثالك، صحيح إنهم يحسبون عليك 40 ألف في كل سنة حتى في آخر سنة، ولكن لا تنسى إنهم قالوا لك النسبة عليك 2.5%... لو حسبوها على المبلغ المتبقي من القرض (وهذا هو الصحيح) لقالوا لك إن النسبة (ربما) 6%. يعني يحسبونها لك إما بنسبة 2.50% ثابتة وتكون على كامل قيمة القرض، أو يحسبونها عليك بنسبة 6% ولكن على المتبقي من القرض. التكلفة عليك وحدة، الفرق إن قولهم إنها 2.50% طريقة مضللة، ليست أغلى ولا تكلف أكثر، فقط إنها مضللة.
د.فهد ، أعتقد أن أبرز المشاكل في القروض لدينا باالنسبة للأفراد في أمرين، إعادة الاقتراض، حيث تقدمه لك البنوك على شكل مبادرة وتجبرك على دفع فائدة لم تقضي مدتها ، يعني مشكلة مركزية في إعادة الاقتراض. المشكلة الثانية التي هي مشروع دعوى قضائية بالنسبة لي هي أن البنك يقرضك بالميلادي ويأخذ من رواتبك على الهجري، وبالتالي يأخذ فائدة أعلى بحكم فارق 11 يوم بين السنة الهجرية والميلادية ، لقد عشت تجربة شخصية ، لكن كل من سألت خطأني وأتيت أنت وشجعتني على إثبات ذلك بشكل رياضي...كل التحايا يا دكتور
شكراً جزيلاً دكتور / فهد على هذا الموضوع الرائع .. من المفترض على العميل في مرحلة التسوق أي قبل الاقتراض ، أن يطلب من البنك توفير كافة البيانات المهمة وأبسطها جدول Amortization ليستطيع معرفة القسط الشهري وكذلك مقدار الفائدة التي يحتسبها البنك عليه في كل شهر ويستقطعها منه وهي أشبه بالهرم المقلوب ، حيث أن البنك يقتطع جل فوائده في السنوات الأولى ، يجب على العميل أن يسأل عن مقدار الرسوم الإدارية وإجمالي الأرباح المستحقة عليه حتى يكتشف مقدار الفائدة ويقارنها بغيره من البنوك للحصول على العرض المناسب ..
سبق لي السداد لتمويل من أحد البنوك السعودية الكبيرة وعندما طالبت ويكشف حساب مفصل لما تم سداده بالأقساط وماتم دفعه بالسداد المبرم ومقدار والخصم وطريقته ما طل البنك لمدة طويلة جداً ثم أعطاني ورقة مخالصة واشترط بها أنها ليست مخالصة نهائية أترى كيف نعيش بين ذئاب من البنوك التي لا ترحم. ولا يهمها العميل أبدا
من المعروف ان العميل هو الطرف الاضعف فى التعامل مع البنوك و شركات التقسيط ..!! والدليل على ايضا ان العميل يوقع على شيكات او كمبيالات بقيمة الاقساط وعلى شيك باجمالى القيمة ويسمونها ضمان وهى مخالفة نبه عليها معالى محافظ مؤسسة النقد مؤخرا ....!!