البترول في بلاد الشام «سوريا كمثال»

09/03/2013 10
د. أنور أبو العلا

لقد كان شهر فبراير زاخراً بالتقارير التي أصدرتها إدارة معلومات الطاقة الامريكية عن تحليل احوال الطاقة في عدة دول فقد تلقيت في الايميل تقاريرها على التوالي عن كل من: تركيا، ومنطقة بحر جنوب الصين،والقابون،وتايلند،وسوريا. وبإجراء خيرة حادي بادي لاختيار موضوع زاوية اليوم اخترت سوريا كممثلة لبلاد الشام(سوريا، الأردن، لبنان، فلسطين/اسرائيل، شمال سينا).

سأبدأ بإلقاء نكتة تبادلتها الصحافة الاسرائيلية مؤخراً تقول إن موسى عندما خرج ببني اسرائيل من مصر تائهاً في سينا أخذ يتنقل سائحاً في الأرض يبحث عن وطن آمن لبني اسرائيل إلى أن قادته عصاه إلى البقعة الوحيدة في المنطقة التي لا يوجد فيها قطرة بترول.

ثم تلتها نكتة اسرائيلية أخرى تقول ولكن أخيراً قد تتحقق المعجزة، فقد تبين مؤخراً أن اسرائيل يوجد فيها احتياطي بترول (متوقع اكتشافه) أكبر من احتياطي بترول المملكة. لا علينا فلنترك النكات جانباً فالاسرائيليون لن يبزوا العرب في تبادل نكات المبالغة عن احتياطيات البترول. كذلك لن ندخل مع أبناء عمومتنا (كما يزعمون) في جدال من لديه بترول أكثر من الثاني حتى لايتوّهوننا كما توّه اسلافهم موسى وهارون أربعين سنة في صحراء سينا، وسنعود للحديث عن البترول في سوريا.

سوريا هي الحصن المنيع الأخير الذي استعصى - حتى الآن - على منجنيق الربيع العربي أن يدك أسوار عاصمتها دمشق (قبل أن يستطيع الانتقال إلى عواصم بلاد الشام الأخرى) لكن الربيع السوري استطاع بجدارة أن يشل الحركة الاقتصادية السورية بكاملها فأدى - وفقاً للتقرير - إلى خفض إنتاج بترولها بأكثر من 50% منذ مارس 2011 (بداية الربيع السوري) وبدأ قطاع الطاقة يعاني من استمرار الحرب فبلغت تكاليف تدمير الحرب لصناعة البترول 2.9 مليار دولار حتى اكتوبر 2012.

يقول التقرير في بداية عام 2013 بلغ احتياطي بترول سوريا 2.5 مليار برميل أكبر من احتياطي أي دولة من دول بلاد الشام (سوريا، الأردن، لبنان، فلسطين/اسرائيل) ومعظم بترول سوريا من البترول الثقيل والحامض مما يجعل تكريره صعباً ومكلفاً للمصافي، وبالتالي غير مرغوب للدول المستوردة خارج الاتحاد الاوروبي. ولذا أدّت المقاطعة الاوروبية إلى حرمان سوريا من حوالي 3.6 مليارات دولار حصلت عليها سوريا من تصديرها البترول إلى الأسواق الاوروبية عام 2011.

لعدم وجود مصافي كافية تستورد سوريا المنتجات المكررة من الخارج ولكن فقدانها لإيرادات تصديرها البترول الخام بسبب المقاطعة جعلها تجد صعوبة في استيراد احتياجاتها من المنتجات رغم استمرار بعض الدول كالعراق وايران وروسيا وفنزويلا في التعاون مع سوريا في مجال الطاقة.

سوريا بدأت اصدار الامتيازات لشركات البترول منذ الثلاثينيات ولكن لم يبدأ الإنتاج إلا أواخر الستينيات بكميات بسيطة اخذت تزداد تدريجياً ببطء إلى أن وصلت ذروتها 600 ألف برميل في اليوم عام 1995 ثم أخذت تنخفض تدريجيا إلى أن وصلت حوالي 300 ألف برميل في اليوم عام 2011.

تعتمد سوريا على ايرادات البترول ليس فقط من تصديره بل أيضاً من الرسوم على مرور أنابيب البترول العالمية في أراضيها التي تأمل سوريا أن تزداد أهميتها في المستقبل.

موضوع زاوية السبت القادم - ان شاء الله - بعنوان: تقرير ستاندرد اّند بورز (احتياطي بترول المملكة يكفي سبعين سنة ).