الاستثمارات السعودية إلى الخارج والاستثمارات الأجنبية إلى الداخل، وعائدات النفط، والعملية التنموية. أربعة محاور تمثل درجتي التناغم والانسجام بين مدخلاتها ومخرجاتها عماد أسباب تحقيق التنمية المستدامة للأجيال اللاحقة في المملكة، بعون الله، تعالى، وتوفيقه. فكلما زادت درجتا التناغم والانسجام بين مدخلات هذه المحاور الأربعة ومخرجاتها، زادت الطمأنينة على مستقبل الأجيال اللاحقة، وزادت معهما درجة التفاؤل بتحقيق هذه الأجيال إنجازات تنموية تفوق ما حققتها الأجيال السابقة، والعكس صحيح.
تشير قاعدة بيانات مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد) إلى وتيرة كل من تدفق الاستثمارات السعودية إلى الخارج وقرينتها وتيرة تدفق الاستثمارات الأجنبية إلى الداخل وحجم نصيبهما للفرد، ومدى علاقتهما بالناتج المحلي الإجمالي السعودي، ومستوى نسبتيهما إلى إجمالي الاستثمارات الأجنبية حول العالم. كانت هاتان الوتيرتان تعيشان حالة من تبادل المواقع خلال التسعينيات بتفوق الأولى على الثانية في عام، وتفوق الثانية على الأولى في عام آخر.
ثم تفوقت وتيرة تدفق الاستثمارات الأجنبية إلى الداخل على وتيرة تدفق الاستثمارات السعودية إلى الخارج مع بداية العقد الماضي قبل أن تتراجع قبل خمسة أعوام.
أشارت قاعدة البيانات إلى حجم ما يمثله كل من تدفق الاستثمارات السعودية إلى الخارج وتدفق الاستثمارات الأجنبية إلى الداخل إلى الناتج المحلي الإجمالي. حيث بلغ المعدل السنوي لنسبة تدفق الاستثمارات الأجنبية إلى الداخل إلى الناتج المحلي الإجمالي 2.01 في المائة سنوياً خلال الفترة (1990-2011) مقابل 0.24 في المائة عبارة عن المعدل السنوي لنسبة تدفق الاستثمارات السعودية إلى الخارج إلى الناتج المحلي الإجمالي.
كما بلغت أقصى وتيرة خلال الفترة ذاتها للاستثمارات الأجنبية إلى الداخل في 2008 بتسجيلها نسبة 8.61 في المائة إلى الناتج المحلي الإجمالي، بينما بلغت أدناها في 1997 بتسجيلها نسبة 0.03 في المائة إلى الناتج المحلي الإجمالي. في المقابل، بلغت أقصى وتيرة خلال الفترة ذاتها للاستثمارات السعودية إلى الخارج في 2000 بتسجيلها نسبة 0.82 في المائة إلى الناتج المحلي الإجمالي، بينما بلغت أدناها في 1990 بتسجيلها نسبة سالبة بلغت 0.55 في المائة إلى الناتج المحلي الإجمالي.
كما أشارت قاعدة البيانات إلى نصيب الفرد من كل من تدفق الاستثمارات السعودية إلى الخارج، ومن تدفق الاستثمارات الأجنبية إلى الداخل. حيث بلغ المعدل السنوي لنصيب الفرد من تدفق الاستثمارات الأجنبية إلى الداخل 303.02 دولار أمريكي خلال الفترة (1990-2011) مقابل 31.46 دولار أمريكي عبارة عن المعدل السنوي لنصيب الفرد من تدفق الاستثمارات السعودية إلى الخارج.
كما بلغ أقصى نصيب للفرد خلال الفترة ذاتها من الاستثمارات الأجنبية إلى الداخل في 2008 بتحقيقه مقدار 1.458 دولار أمريكي، بينما بلغ أدناها في 1990 بتحقيقه مقدار ثلاثة دولارات أمريكية. في المقابل، بلغ أقصى نصيب للفرد خلال الفترة ذاتها من الاستثمارات السعودية إلى الخارج في 2010 بتحقيقه مقدار 142.33 دولار أمريكي، بينما بلغ أدناها في 1990 بتحقيقه مقدار 39.55 دولار أمريكي.
وبحسب قاعدة البيانات سجل المعدل السنوي لحجم تدفق الاستثمارات الأجنبية إلى الداخل إلى إجمالي تدفق الاستثمارات الأجنبية حول العالم 0.66 في المائة مقابل 0.07 في المائة عبارة عن المعدل السنوي لحجم تدفق الاستثمارات السعودية إلى الخارج إلى إجمالي تدفق الاستثمارات الأجنبية حول العالم.
كما بلغ أقصى معدل سنوي خلال ذات الفترة من الاستثمارات الأجنبية إلى الداخل إلى إجمالي تدفق الاستثمارات الأجنبية حول العالم في 2009 بتسجيله معدل 2.68 في المائة بينما بلغ أدناها في 1999 بتسجيله معدل 0.01 في المائة. في المقابل، بلغ أقصى معدل سنوي خلال الفترة ذاتها من الاستثمارات السعودية إلى الخارج إلى إجمالي تدفق الاستثمارات الأجنبية حول العالم في 2002 بتسجيله معدل 38.22 في المائة، بينما بلغ أدناها في 1990 بتسجيله معدل سالب 26.43 في المائة.
تقودنا بيانات وتيرة تدفق الاستثمارات السعودية إلى الخارج وقرينتها وتيرة تدفق الاستثمارات الأجنبية إلى الداخل إلى النظر في مدى تأثيرهما في حجم الحراك الاستثماري في الداخل وانعكاساته على العملية التنموية.
تشير دراسة صدرت الأسبوع قبل الماضي عن صندوق النقد الدولي إلى معدل تأثر الحراك الاستثماري بالاستثمارات المحلية الخارجة أو الأجنبية الواردة. توصلت الدراسة بعد تحليل وتيرة الاستثمارات الأجنبية في 121 اقتصادا ناشئا على مدى عقدين من الزمن إلى أن نتيجة مفادها أن كل 1 في المائة زيادة في نسبة الاستثمارات المحلية المصدرة إلى الخارج إلى الناتج المحلي الإجمالي تؤدي إلى تراجع بمقدار 29 في المائة في حجم الحراك الاستثماري في الداخل إلى الناتج المحلي الإجمالي.
إن النظرة إلى وتيرة تدفق الاستثمارات السعودية إلى الخارج وقرينتها وتيرة تدفق الاستثمارات الأجنبية إلى الداخل على مدى العقدين السابقين مع ربط هاتين الوتيرتين بتطورات عائدات النفط السعودي خلال ذات الفترة يثير عديدا من التساؤلات حول مدى وضوح الرؤية في تحقيق مستوى عال من التناغم والانسجام بين مدخلات ومخرجات هذه التدفقات الاستثمارية.
حيث تشير بيانات منظّمة الدول المصدرة للبترول (أوبك) إلى التحديات التي واجهت أسعار النفط نهاية التسعينيات الميلادية بملامستها مستوى عشرة دولارات أمريكية للبرميل الواحد، مقارنة بالازدهار الذي وصلت إليه نهاية العقد الماضي.
كما يشير التقرير السنوي لمؤسسة النقد العربي السعودي إلى التحديات التي واجهت المالية العامة للدولة مطلع التسعينيات الميلادية بتسجيل العجز المالي إلى الناتج المحلي الإجمالي نسبة 18.4 في المائة في 1991، مقارنة بما سجلته من فائض إلى الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 32.5 في 2008.
إننا في الوقت الذي تمر فيه العملية التنموية السعودية بمرحلة ازدهار، عطفا على نمو عائدات النفط، فإنه من الأهمية التأكيد على مضاعفة مستهدفات الادخار لدعم أسباب تحقيق التنمية المستدامة للأجيال اللاحقة عندما تتزامن عمليتها التنموية مع تحديات تراجع عائدات النفط في ظل استمرار تواضع تنويع مصادر الدخل.
ابق على اطلاع بآخر المستجدات.. تابعنا على تويتر
تابِع