هناك مجموعة من المواضيع، هي بمثابة محطات تاريخية، قد لا يتطلب أي منها مقالاً منفصلاً، ولكنها مهمة، ويمكن ضمّها إلى غيرها، في مقال واحد، وهي:
• بحكم عملي السابق في وزارة المالية، فقد سمعت القصة التالية من قدامى الموظفين:
في عهد المغفور له الملك سعود، صدر أمر جلالته، بإعفاء شحنة واردات من الرسوم الجمركية، وبحثت وزارة المالية، وإدارة الجمارك ذلك الأمر، وأعدت إجابة قانونية لجلالته، ملخصها أنه وردنا أمركم الكريم، ولكن هناك مرسوم ملكي، يحتّم تحصيل الرسوم، والمرسوم الملكي يتقدم قانونياً على الأمر الملكي، وعادت المعاملة بتحمل الخاصة الملكية سداد الرسوم الجمركية المستحقة.
• سبق أن ذكرت هذه القصة في مقال سابق، مخصص عن سمو الأمير مساعد بن عبدالرحمن، وزير المالية، رحمه الله، ولطرافة القصة فسأعيدها، لمن لم يقرأها من قبل: كانت عملية إحداث وظائف جديدة، شحيحة، بسبب الوضع المالي، ولذلك متى عرف عن وظيفة ما، في أي جهة أخرى، فالكل يحرص على التقدم لها، وحدث أن موظفاً في وزارة المالية، أتيحت له فرصة الترقية على وظيفة أعلى، في جهة أخرى، وكتب رئيس الموظف مذكرة، للأمير مساعد، يمتدح فيها الموظف، ويقترح الموافقة على انتقاله، وكان جواب سموه: "إذا كان الموظف جيداً كما تقولون، فنحن أولى به".
فأسقط في يد الموظف، ورئيسه، وانتظروا عدة أشهر، وأمّلوا في أن يكون سموه، رحمه الله، قد نسي الموضوع، وكتب الرئيس مذكرة جديدة، يذم فيها ذات الموظف، أيما ذم، ويقول أنه من حسن الحظ، أن هناك فرصة للتخلص منه خارج الوزارة، ورد سموه: "إذا كان سيئاً كما تقولون، فلماذا نبلي به غيرنا؟؟". ولكن الأمر انتهى نهاية سعيدة، بترقية الموظف في وزارة المالية.
• لو رجع أحد إلى أرشيف معهد الإدارة (وهو أرشيف غني، وجيد) واطلع على بيانات ميزانيات الحكومة، قبل أربعين سنة، لأعجب بالتفاصيل الموجودة بها.
• عندما كنت مديراً عاماً لبنك الرياض، كتبت إلى معالي وزير المعارف، أقترح تقديم عشرة أجهزة كمبيوتر، كمكافأة للعشرة الأوائل، من خريجي الثانوية، في كل منطقة تعليمية، وتأخر عليّ الجواب، وعندما تابعت الموضوع، طلب مني الاجتماع بوكيل الوزارة، والذي بدا لي متحرجاً في حديثه، وخففت عليه، بأن سألته هل مشكلتكم أننا بنك؟ قال نعم، وانتهى البحث عند ذلك.
واليوم يتسابق موظفو الحكومة في طلب التبرعات من القطاع الخاص، وبطريقة مزعجة.
كم من الوقت أضعنا؟!