رسالة إلى معالي الرئيس

11/02/2013 30
سليمان المنديل

هذه الرسالة موجَّهة إلى معالي الدكتور محمد بن عبد الملك آل الشيخ، الرئيس الجديد لهيئة سوق المال، وأودُّ أن أضمنها بعض الملاحظات، من واقع تعاملي مع الهيئة:

1- أمامك تحدِّيات تتجاوز التحدِّيات التي يواجهها رئيس سوق نيويورك، أو طوكيو، أو فرانكفورت، والسبب هو أن سوقنا ناشئة، ومِنْ ثمَّ فإنَّ مشكلاتنا أكبر، ومؤثِّرة في حياة المواطنين بِشَكلٍّ أكبر مما يحدث في باقي الأسواق العالميَّة، وكل ذلك بسبب محدودية بدائل الاستثمار الأخرى (خصوصًا بعد خروج قطاع الاستثمار العقاري، من منافسة سوق الأسهم، بسبب ارتفاع كلفته).

2- أنظمة هيئة السوق، استقيت من عدد كبير من الأسواق العالميَّة، تحت أسلوب تلصيق عدد كبير من الأنظمة والإجراءات، (Cut الجزيرة Paste) وهذا خلق مشكلات كبيرة للهيئة، ومِنْ ثمَّ للشركات، التي كانت تستفتي الهيئة حول عدد منها، ولم تكن تجد الإجابة الشافية.

3- الهيئة، وبالرغم من استخدامها العالي للتقنيَّة، إلا أنّها انتهت بتوظيف عدد كبير من المُوظَّفين المؤهلين علميًا، ولكنهم أكثر من حاجتها الفعلية، ولذلك شعرنا، نحن العاملين في الشركات المساهمة بكثرة اتِّصالات أولئك المُوظَّفين؛ لأن كل منهم يبحث عن ملاحظة ما، وكل منهم يصرّ على الحديث مع الرئيس التنفيذي، بالرغم من وجود ضابط اتِّصال.

4- تكوّن لدى الهيئة أسلوبٌ غريبٌ في التَّعامل مع الشركات المساهمة، فهي تطلب منهم إيضاحات حول قضية ما خلال ساعات، وربما أقل من ذلك، ولكن عندما تطلب الشركة المساهمة من الهيئة فتوى حول لوائحها، فإنّهم يطلبون منك الكتابة إلى معالي رئيس الهيئة، وفي كلِّ الأحوال يبلغونك بالفتوى تلفونيًا، ويرفضون إرسال جواب مكتوب. بصراحة نحن تعوَّدنا هذا الأسلوب من الوزارة الحكوميَّة، ولكن لم نكن نتوقعه من مؤسسة حديثة.

5- الهيئة، ومن خلال عدد كبير من متطلباتها بخصوص عمليات الاكتتاب، ومثلها عمليات إصدار السندات، هي فعليًّا حققت لمديري الاكتتاب أرباحًا غير معقولة، وحمّلت المساهمين تكاليف عالية، وهذا يفسر إحجام الشركات المساهمة اليوم عن إصدار سندات؛ لأنهم يستطيعون الحصول على تمويل بديل للسندات بكلفة أقل،ولذلك إذا كانت الهيئة حريصة على تطوير سوق السندات، فلا بُدَّ أن تعيد النَّظر في اشتراطاتها، التي تكلف مصّدر السند تكاليف عالية.

6- سوق الأسهم السعوديَّة مهمة من حيث حجم تداولاتها، وكليّ ثقة بأن رؤساء السُّوق الماليَّة في كلِّ من طوكيو، وسيؤل، وفرانكفوت، ولندن، وباريس، ونيويورك، سيستقبلونك، ويطلعوك على أسلوب حياتهم كرؤساء،وستجد سريعًا أنهَّم مهتمون بوضع المستثمر الصَّغير، وأتمنَّى أن تسألهم عن أسلوب عملهم، وستجد أنهَّم يتركون الأمور التنفيذيَّة للمختصين، ويشغلون أنفسهم بإستراتيجيات العمل، وبالتنسيق مع الجهات الأخرى، أيّ أنهَّم غير مركزيين في عملهم، وهنا اقترح على معاليكم تفعيل دور مجلس الإدارة، والإدارة التنفيذيَّة للهيئة.

7- هناك لجنة منبثقة من الغرف التجاريَّة تمثِّل الشركات المساهمة، أتمنَّى أن تضمَّ رئيسها إلى عضوية مجلس الإدارة، أو على الأقل الاجتماع مع مجلس إدارة تلك اللجنة، كل ثلاثة أشهر، للتعرف على قضاياهم، وهمومهم.

8- هناك قضية بناء السجلات، التي تتولاها مؤسسات استثماريَّة، قبل طرح الاكتتاب، وهذه أثبتت، وبسبب حرية أولئك المستثمرين بالبيع في اليوم التالي للاكتتاب، بأنّها أدَّت إلى رفع علاوات الإصدار على باقي المستثمرين،طالما أن أولئك المستثمرين القلّة يمكَّنهم تحديد سعر عالٍ، ثمَّ يبيعون في اليوم التالي بأرباح عالية!! كيف يغيب ذلك عن الهيئة، وهي التي يفترض أن تكون حريصة على مصلحة المستثمر الصَّغير؟ ومِنْ ثمَّ قد تحدِّد الهيئة مدة زمنية لحظر تداول أسهم أولئك المستثمرين الكبار.

باختصار الهيئة أمام تحدِّيات كبيرة قادمة، فهي حاولت محاكاة الأسواق العالميَّة في بعض الحالات، وانفصلت عنها في حالات أخرى، ولكن الغاضبون هم أكثر من الراضين عن أداء الهيئة، فأعانك الله في مهمتك الصعبة.