المنشآت الصغيرة (ضرورة تصحيح المسار)

26/01/2013 21
د. أنور أبو العلا

تصريحات معالي وزير العمل التي تستحق الشكر لشفافيتها مؤخّراً (جريدة الرياض الأربعاء 28 نوفمبر 2012) بأنه يوجد: "مايزيد على 200 ألف منشأة بالسوق السعودي لا يوجد فيها أي عامل أو موظف سعودي وحتى اصحابها لا يعملون بها". كذلك تصريحات معاليه التي وردت في أرقام نقلاً عن بعض صحفنا" بأن 11% من المنشآت الصغيرة والمتوسطة غير موجودة. تمتلك سجلات تجارية تمارس من خلالها تجارة التأشيرات".

هذه الحالات لا شك أنه ينطبق عليها وصف معالي الدكتور الحميد (نائب وزير العمل سابقا) بأنها" شبيهة بقصص الأفلام السينمائية" (جريدة الرياض الخميس 14 يناير 2010).

لو ألقينا نظرة عابرة على أهداف خطط التنمية عند بداية صدورها وقارناها بما يحدث على أرض الواقع بعد نهاية فترتها لأكتشفنا مدى التناقض العجيب بين ماتقوله وزارة التخطيط على الورق المصقول مع بداية كل خطة وبين ما تقوله الحقائق على أرض الواقع في نهايتها.

لقد تعوّدنا دائما وأبداً أن كل هدف يرد في الخطة يحدث العكس تماماً فعلى سبيل المثال: الهدف الثالث عشر (ويبدو أنه فعلاً رقم شؤم) من خطة التنمية التاسعة يقول بالنص: "تطوير قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة لزيادة مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي واستحداث الأطر لرعايته وتنظيمه".

الخطة التاسعة مدتها خمس سنوات (2010-2015) مضى منها الآن مايقارب الثلاث سنوات، ياترى ماذا تحقق من الهدف الثالث عشر هل فعلاً طوّرنا قطاع منشآت صغيرة ومتوسطة تساهم في الناتج المحلي واستحدثنا الأطر لرعايته وتنظيمه؟ الجواب واضح من تصريحات معالي الوزير أعلاه فالذي حدث هو عكس ذلك فقد استحدثنا الأطر لظهور قطاع منشآت صغيرة ومتوسطة طفيلية تنهش جسد الاقتصاد الوطني وتساهم في خفض الناتج المحلي.

الغريب أنه كعادة نهاية كل خطة تعوّدت وزارة التخطيط أن تستعرض الانجازات التي حققتها في الخطة المنتهية ولكنها للأسف لا تكتفي بذكر الإيجابيات (لندرة وجودها) بل تعتبر السلبيات أيضاً من الإيجابيات فمثلاً عند حصر المنشآت بدلاً من أنها ستقول لنا بأنه استغل البعض نقاط الضعف في التطبيق مدفوعين بحكم غرائزهم البشرية وضعف الرقابة فسجلوا منشآت باسمائهم ممولة بأموال الشعب لتقديمها على طبق من ذهب للعمالة الأجنبية المدفوعة أيضاً بغرائزها البشرية وأننا سنصحّح الأخطاء في الخطة القادمة، ستقلب مصلحة الاحصاءات (واس وزارة التخطيط) الحقائق - كما عوّدتنا - فتقول في نشراتها لقد حققت المملكة أعلى معدلات النمو في عدد المنشآت الصغيرة والمتوسطة في العالم وتستشهد بصندوق النقد والبنك الدوليين على صحة احصائياتها غير ملقية أي اعتبار لصرخات وزارة العمل التي كلما تحاول أن تجد حلاً لسعودة اقتصادنا الوطني يغلبها صراخ الجهات الأخرى التي تنافسها عياناً بياناً على إصدار التأشيرات بحجة أن السعودي كسول وغير مؤهل للعمل.

الحقيقة لا أحد يلوم المواطنين ولا العمالة الوافدة وإنما اللوم كل اللوم يقع على الجهات المسؤولة التي لكثرتها يجعل كل واحدة منها تلقي بالمسؤولية على الأخرى وكأن الأمر لا يعنيها ويترك وزارة العمل وحدها تواجه رصاصات المدفع رغم أنها لا تصيب إلا أنها تدوش فتجعلها كالأطرش في الزفة يبحث عن رفيق يشاركه رقصة الاحتضار.

موضوع زاوية السبت القادم - إن شاء الله - توقعاتي لأسعار البترول للعامين 2013-2014.