مناقشات حول مكرر الربح (7): لاتستعمل المكرر في هذه الحالات

30/12/2012 33
د. أحمد المزروعي

مكرر الربح يستعمل فقط للشركات المنتظمة الارباح ذات الأعمال الثابتة نسبياً أو تلك النامية بينما في حالات كثيرة أخرى يفقد مكرر الربح قيمته ومعناه كمؤشر يستدل به للتقييم. هناك طرق اخرى للتقييم البسيط للحالات التي لايوجد معنى لاستعمال مكرر الربح فيها مثل "القيمة الدفترية" في حالة الشركات المتعثرة و "متوسط الارباح" خلال الدورة الاقتصادية للشركات الدورية وتقدير الارباح للشركات التي لم تبدا انشطتها بعد ... الخ.

تخيل أن قرارا صدر في أسواق الأسهم بأن المستثمر لايحق له الاطلاع الا على معلومتين فقط عن اي شركة بالسوق... فما هي هاتين المعلومتين الأكثر أهمية التي سيختار المستثمرون الاطلاع عليها ؟؟؟ ... بالتأكيد ستكونان "سعر السهم" و "ربح السهم".

لذلك منذ نشأة أسواق الأسهم كان لابد من ايجاد مايربط بين هاتين المعلومتين الهامتين والرابط بينهما هو مكرر الربح حسب المعادلة التالية:

مكرر الربح = سعر السهم ÷ ربح السهم

فمثلا اذا كان سعر شركة ما بالسوق هو (50 ريال) وربح السهم (3 ريال) فالمكرر يصبح 17 مرة وهي حسبة سهلة جدا وهذا سبب شعبية استعمال مكرر الربح منذ نشأة البورصات.

الجزء الأول من الطرف الايسر للمعادلة وهو (سعر السهم) هو أمر واقع ولا يختلف عليه اثنان ، أما الجزء الثاني (ربح السهم) فهو قابل لكل الافتراضات ... هل هو للسنة المالية الماضية ؟؟ هل هو للسنة المالية الحالية ؟؟ ام هل هو للسنة المالية المقبلة أو حتى لما بعد عدة سنوات ؟؟

اكثر المستثمرين يستعملون مكرر الربح المتوقع للسنة الحالية ومن ثم يدخلون تعديلات على الرقم حتى يأخذون بعين الاعتبار التوقعات المستقبلية سواء القريبة أو متوسطة الأجل ، أما اذا كانت الشركة مقبلة على تغير جوهري قريب فيجب أخذ ذلك بعين الاعتبار..

نظرا لسهولة المصطلح والحساب الا ان كثيرا من المستثمرين المبتدئين وغير المتمرسين قد يقعون في اخطاء فادحة عند استعماله لأن مصطلح (مكرر الربح) ليس له معنى في الحالات التالية مالم يتم اجراء تعديلات:

شركة تحقق خسائر:
يبدو هذا أمراً واضحا حيث أنه لايوجد اي معنى لمكرر الربح السالب ... وكذلك الحال عندما تكون الأرباح ضئيلة جدا بحيث يصبح مكرر الربح عاليا جدا ومن غير الممكن الاستفادة من هذا الرقم.

شركة تمر بمشاكل مالية :
الشركة التي تمر بمشاكل مالية متعلقة بالمديونية أو قدرة الشركة على السداد وما الى ذلك يستحسن ألا يستعمل مكرر الربح معها حتى لو كانت تحقق أرباحا (مثال على ذلك المعجل قبل الايقاف أو الشركات العقارية في دبي بعد أزمة 2008).

شركة في طريقها لمواجهة تباطوء اجباري في أعمالها:
أحيانا تكون هناك شركات تواجه مستقبلا غامضا بسبب طبيعة عملها المجهول المصير ويحضرني هنا كمثال شركة (PBI) الأمريكية والمدرجة ببورصة نيويورك ويبلغ مكررها 4 أو 5 مرات فقط وتحقق أرباحا سنوية جيدة تصل الى 400 مليون دولار ولكن مجال عمل الشركة الرئيسي هو توريد الأنظمة والمعدات المتخصصة في نقل وتوزيع البريد وهو مجال عمل يكاد ينقرض تدريجيا بسبب أجهزة الاتصال الحديثة والرسائل الالكترونية وغيرها التي قللت الاعتماد على البريد العادي .. الشركة قد تعيد اختراع نفسها وتدخل مجالات جديدة لكن بالوقت الحالي لا احد يريد شراءها رغم أنها توزع ارباحا تعادل 14 % من سعر السهم..

شركة تمر باعادة هيكلة كبيرة:
اذا كانت اعادة الهيكلة كبيرة فإن النتائج غير معلومة وتجعل من مكرر الربح أمرا غير ذي أهمية عند التقييم. وعادة عمليات اعادة الهيكلة الكبيرة تترافق مع شطب أصول وفصل أعمال وغيرها من الاجراءات التي تجعل من الربحية قبل الهيكلة أمرا من الماضي الذي لاعلاقة له لما بعد الهيكلة..

شركة لم تبدأ أعمالها التشغيلية بعد:
مكرر الربح لايعني شيئا للشركات التي لم تبدأ أنشطتها التشغيلية بعد ولا يمكن الاستدلال به في هذه الحالة..

شركة لم تكتمل أنشطتها التشغيلية بعد:
هناك شركات اشتغلت بعض مشاريعها ولايزال بعضها طور الانشاء فمثلا شركة لديها 3 مشاريع واشتغل واحد أو اثنان منها فقط لايمكننا استعمال مكرر الربح واجراء مقارنة مع شركات أخرى اكتملت مشاريعها مالم نقم بتعديل المكرر بالأخذ بعين الاعتبار التقديرات المحتملة عندما تدخل المشاريع المتبقية حيز الانتاج (كمثال معادن – الصحراء) حيث أن الارباح الحالية تمثل فقط جزءا من اجمالي الارباح المحتملة مستقبلبا عندما تكتمل المشاريع.
تذكر ان ربح السهم هو الربح الصافي للشركة على عدد الأسهم ، فمثلا اذا كانت هناك شركة تنشئ 3 مشاريع واشتغل واحد منها فقط فالربح الصافي يمثل نتائج مشروع واحد بينما عدد الاسهم يمثل رأس المال المستثمر في المشاريع الثلاثة كلها..

شركة تتضمن أرباحها بنودا غير متكررة:
عندما تتضمن أرباح الشركة بنودا غير متكررة سواء كانت تشغيلية أو غير تشغيلية يجب استثناء هذه البنود عند حساب ربح السهم لغرض ايجاد مكرر الربح ... لاحظ انه يجب الاستبعاد حتى لو كانت أرباحا تشغيلية ما دام أنها غير متكررة لأنه لامعنى لبناء قرار استثماري على حدث استثنائي أدى لتضخيم الأرباح ومن الصعب تكرره مستقبلا..

من أمثلة الأرباح غير المتكررة غير التشغيلية الربح الذي حققه بنك البلاد من بيع أرض الدرعية بالربع الأول وقدره 373 مليون ريال.. ومن أمثلة الربح التشغيلي غير المتكرر هو الربح الذي حققته "الرياض للتعمير من بيع بعض الاراضي في الربع الأول..

شركة تمر بتطور رئيسي وجوهري
أحيانا تحدث تطورات جوهرية غاية في الأهمية سواء كان هذا التطور ايجابيا أو سلبيا وفي هذه الحالة وبالخصوص اذا كان التطور سلبيا يجب التوقف عن استعمال المكرر المتعلق بما قبل حدوث هذا التطور ... وهنا نتكلم عن تطور جوهري كبير قد يؤدي الى اختفاء الارباح (اذا كان سلبيا) أو مضاعفة الارباح (اذا كان ايجابيا) .. وربما يكون أفضل مثال لذلك عندما تم تخفيض اسعار القمح المستلم من الشركات الزراعية في التسعينات مما أدى الى اختفاء الارباح والتوزيعات الخيالية التي كانت تحققها هذه الشركات.

في المقال القادم سنتحدث بالأمثلة عن حالة خاصة وهو كيف نتعامل مع شركة لديها كمية كبيرة من النقدية أو الاستثمارات واثر ذلك على طريقة حساب مكرر الربح..