للتذكير فقد تكلمنا عن العوامل الأربعة المؤثرة على مكرر الربح في المقال الاول ، وبعد أن تكلمنا في المقال السابق حول أثر (مزاج المتعاملين في السوق) ، سنتطرق في هذا المقال لعاملين آخرين هما "الوضوح المستقبلي" و "العوائد البديلة" ، وأثر هذين العاملين على مكرر الربح المقبول من السوق ، فيما سيكون العامل الرابع والأهم "النمو" محور الحديث في المقالات القادمة..
فقط لتذكير القراء فإن مكرر الربح المقبول يأخذ في عين الاعتبار كل هذه العوامل مجتمعة ولايكفي أن نأخذ مؤشراً واحداً ونبني عليه مالم تكن العوامل الأخرى محايدة وذات تأثير محدود.
وباذن الله مع نهاية هذه المقالات سنصل الى طريقة يتمكن القارئ من خلالها تحديد مكرر الربح العادل من خلال نظرته الخاصة حيث أن ذلك يختلف من شخص لآخر حسب تفاؤله وتشاؤمه وتقديره لمستويات النمو وقدرته على ايجاد فرص بديلة.
الوضوح المستقبلي (VISIBILTY)
عندما ترغب أن تفاضل بين استثمارين أو شركتين بنفس السوق فإن وضوح مستقبل نموذج أعمال الشركة يلعب دورا هاما في تقييم السوق لسهم الشركة وبالتالي مكرر الربح... المستثمرون لا يحبون الغموض أو الشك حول نموذج أعمال اي شركة سواء كان ذلك منطقيا أم لا...
خذ مثلا شركتي "الطيار" و "دار الأركان" حيث يتم تداولهما بمكرر ربح 7 مرات للأولى و 8.5 مرة للثانية وذلك بسبب الغموض المستقبلي ... فالطيار مثلا تجني 35 % من ايراداتها من تعاقدها مع وزارة التعليم العالي (الابتعاث) والعقد يسري لعام 2014 ولايدري المستثمر هل سيتم تجديد العقد آنذاك أم لا ... ودار الأركان تبيع أراض في كل ربع وتحقق أرباحا لكن لايدري المستثمرون أين هذه الأراضي وعلى من تبيع وهذا يشكل غموضا لكل من يرغب بالاستثمار بالشركة.. واذا تغير ذلك مستقبلا ستتغير نظرة المتعاملين للسهمين..
وفي مقابل ذلك هناك شركات يتم تداولها بمكررات ربح أعلى من السوق مثل جرير (16 مرة) و هرفي (17 مرة) والسبب بسيط وهو أن نموذج عمل هاتين الشركتين واضح ويمكن قراءته لأغلب المستثمرين حيث أن أغلبهم لابد وانهم قد تعاملوا مباشرة مع الشركتين ولا يوجد هناك ألغاز وتخمينات في الوقت الحالي (قد يتغير ذلك مستقبلا)..
القانون هنا باختصار هو أنه اذا كان معدل مكرر السوق 12 مرة مثلا فإن المستثمرين يكافئون الشركات ذات نموذج الأعمال الواضح وبالخصوص مستقبليا بتداولها بمكرر أعلى من السوق ويعاقبون الشركات الغامضة بتداولها بأقل من مكرر السوق..
عائد الاستثمارات البديلة
سوق الأسهم يحركه بالدرجة الأولى المستثمرون الكبار أصحاب المحافظ الكبيرة وليس صغار المتعاملين ولذلك يجب أن تفهم كيف يفكر ويقرر هؤلاء حتى لو كنت مستثمرا صغيرا... خذ مثلا تاجر كبير لديه أعمال تجارية متعددة وسيولة فائضة على متطلبات تجارته ولنفترض أنها 500 مليون ريال ... اين يضع هذه السيولة الفائضة؟؟ .. سيدرس البدائل من ودائع أو سندات أو عقار أو أسهم أو كاش أو الدخول في أعمال تجارية جديدة أوغيرها..
ولذلك فإن العائد الذي يمكن تحقيقه باستثمار هذه الفوائض يلعب دورا مهما في مكرر الربح المقبول في أي سوق .. لنفترض جدلا أن هناك شركة بالسوق تحقق 10 ريال ربحا للسهم وسعرها بالسوق 100 ريالا (مكرر ربح 10) وتوزع 7 ريالات سنويا وان أعمالها منتظمة ومستقرة..
الأرباح النقدية التي توزعها الشركة أعلاه تعادل 7 % من سعر السهم كما أن الشركة تحتفظ بـ 3 % كأرباح مبقاة... الآن لنفترض أن العائد على الاستثمار العقاري 7 % والسندات 3 % والودائع 1 % ، فبالتأكيد أن النصيحة التي سيتلقاها تاجرنا أعلاه من مستشاريه ستكون أن يضع جزءا من الـ 500 مليون في تلك الشركة التي ستعطيه عائدا منتظما قدره 7 % ببساطة لأن ذلك أفضل من البدائل الأخرى (لاحظ أن 7 % عائد للأسهم أفضل من 7 % للعقار نظرا لأن الأسهم يمكن شراءها والتخارج منها بطريقة أسرع).. اذا تلقى مستثمرون كبار آخرون نفس النصيحة ووضعوا جزءا من سيولتهم بالشركة سيؤدي زيادة الطلب على السهم لرفع قيمة السهم وبالتالي مكرر الربح المقبول ربما للضعف..
دعنا نفترض نفس الشركة بنفس العوائد (7 %) ولكن بتغيير عوائد الاستثمارات الأخرى حيث نفترض أن العقار يحقق 15 % والسندات 12 % والودائع 10 % ... في هذا الحالة قلت جاذبية السهم لأن هذا التاجر يستطيع تحقيق عوائد أفضل في قنوات أخرى بديلة وبالتالي فإنه لن يتلقى نصيحة بشراء السهم وكذلك لبقية المستثمرين الذي سيفضلون التوجه للاستثمارات الأخرى بدلا من شراء السهم.. وبالاضافة الى ذلك فإن ملاك هذا السهم سيقومون ببيع السهم وذلك للحصول على عوائد بديلة أفضل ، أو بمعنى آخر فإن مكرر الربح للشركة المعنية سينخفض مقارنة بالمثال الأول..
الخلاصة من المثال أعلاه أن مكرر الربح يتأثر بالعوائد البديلة التي يمكن تحقيقها بعيدا عن الأسهم فعندما تزيد عوائد العقار والأسهم والسندات والاستثمارات التجارية الأخرى يؤدي ذلك نظريا لانخفاض مكرر الربح المقبول ، بينما عندما تقل عوائد هذه الاستثمارات البديلة يرتفع مكرر الربح المقبول..
وهنا يمكن أن يطرح أحد هذا السؤال : اذا كانت العوائد على السندات والودائع والمرابحات في الوقت الحالي أقل بكثير من عوائد الكثير من الأسهم فلماذا لايرتفع مكرر الربح ؟؟ ... والجواب أن الأزمات المتلاحقة خلال الاربع سنوات الماضية (الأزمة العالمية – الأزمة الاوربية – الربيع العربي ... الخ) أدخلت عنصرا جديدا للمعادلة وهو "الأمان".. فالمستثمرون أصبحوا يبحثون عن الأمان أكثر من العائد بحث أصبح الكاش الذي عائده (صفرا) أفضل من الاستثمار بالاسهم من ناحية الأمان ، فصاحب المال يرى في ظل هذه الظروف أن الاحتفاظ بجزء كبير من سيولته نقدا ويمكن نقلها في لحظة لأي بنك بالعالم أكثر أمانا من الأسهم حتى لو كان العائد مغريا من الأخيرة..
في المقالات القادمة سنتطرق للنمو وأثره على مكرر الربح المقبول .. وتذكر عزيزي القارئ أن الاغراء الأكبر من الاستثمار بالأسهم هو الحصول على شركات تحقق نمواً مع الزمن وبالتالي عائداً أكبر مما يمكن تحقيقة في استثمارات أخرى...
سلسلة مقالات متميزة
يعطي العافية
شكرا دكتور أحمد على هذا المقال المهم .. حيث تطرقت يا سيدي إلى مفهوم المبادلة بين العوائد والمخاطر والذي يمكن قياسة بمعامل التغبر (Coefficient of Variation) والذي يحسب بواسطة قسمة المخاطر (المقاسة بالإنحراف المعياري للعوائد حيث تؤخذ المشاهدة لآخر 60 إسبوع) على العائد (متوسط العائد خلال نفس الفترة 60 إسبوع) .. الخلاصة أن معامل التغير الذي يقيس العلاقة بين العائد والمخاطر للسوق السعودي وفقاً لإغلاق يوم الإربعاء 12/12/2012م بلغ 10.55 مرة والتي تعني أن الإستثمار في السوق السعودي يولد مخاطر تفوق العوائد بـ 10 مرات تقريباً أو بمعنى اخر أن متوسط العائد الإسبوعي للسوق البالغ 0.19% قد يتراوح بين (-1.81% إلى 2.19%) وذلك بفعل تعرضه لمخاطر تذبذ العائد والتي بلغت 2% .. (يلاحظ أن معامل التغير تراوح بين 3 مرة لدى الحكير حتى 70 مرة لدى سابك وترفض القيم السالبة).
يعطيك العافية على الاضافة
شكرا دكتور احمد دائما تتحفنا بمقالاتك ودروسك الرائعة ... سؤال ان سمحت ظروفك مارأيك في الحكير كأستثمار واضح مثل جرير وهرفي ...هناك مستقبل واعد للشركة بعد الاندماج حيث تعمل في سوق استهلاكي بنمو جيد ، وكذلك اسمنت السعودية تنمو وتلاحق استمرار النمو والانفاق الحكوكمي والخاص على البناء هل ينطبق عليهما قاعدة الوضوح والنمو لحساب المكرر العادل .... وشكرا
كلمة الوضوح تختلف من شخص لآخر حسب معرفته بعمل الشركة مثلا انا سبق لي التعامل عشرات المرات مع جرير وهرفي ولم يسبق لي التعامل مع الحكير ولذلك بالنسبة لي الحكير اكثر غموضا لكن بالنسبة لمستثمرين آخرين ممكن يكون العكس ... بالمناسبة انا اوردت هرفي وجرير كمثال على نموذج الاعمال الواضح لكن الوضوح فقط هو احد العوامل وليس كل شئ في تقرير ما اذا كان استثمار جيد أو لا
شكرا للدكتور احمد فنحن بحاجة ماسة لهذة النوعية من الدراسات لتوعية المستثمرين وليس المضاربين على ان يتم دراسة التقارير المالية بدقة من ناحية جودة وتقييم بنود الميزانيات الموثرة على النسب التى تهم المستثمرين كمكرر الارباح علي سبيل المثال وشكر مرة اخرى
العفو وشكرا على التعليق
شكرا دكتور احمد علي ماتقوم به من توعيه المستثمرين...سوالي هو لماذا لاتستخدم نموذج جوردن لاني اجده اشمل ويتطرق الي نقاط اكثر من التي ذكرت. تقبل تحياتي
لا أحب النماذج الرياضية ... أفضل المعادلات التجريبية (Emperical Equations)
بارك الله فيك يادكتور أحمد وجزاك كل الخير على مواضيعك المميزة والهادفة وسؤال جانبي هل تتوقع ينساب تبدأ بتوزيع أرباح على مساهميها هذا العام أم تؤجل إلى العام القادم من وجهة نظرك؟
استطيع أن اجيبك بدقة أكثر لو راجعت بعض الاشياء لكن ليس لدي وقت ... اعتقد ان بعض القروض التي حصلت عليها الشركة مرتبطة بعمليات التوزيع اي ان عليها ان تسدد بعض القروض قبل ان تتوزع ... اذا لم تخني الذاكرة فهي مثلا سددت معظم قرض سابك ... تخميني بدون الرجوع للبيانات المالية وشروط القروض انها ستوزع ارباح لعام 2012 ولكن بشكل محدود وأعتقد مع نهاية 2013 سيكون توزيعها طبيعيا بحدود 60 الى 80 % من الارباح
شكرا لجميع الذين علقوا
شكرا لجميع المعلقين على المقال
السهل المتتنع هو شرحك الجامع المانع - والمبسّط بطريقة عجيبه د. أحمد (ماشاء الله). يذكرني بلعب البرازيل يراه المتابع سهلاً حتى يحاول تقليده! أفدتنا وعلمتنا - فجزاك الله عنا خير الجزاء
يعطيك العافية وشكرا على الاضافة
أؤيد ما جاء في مقالك يا دكتور أحمد من وضوح في الطرح ودقة في المعلومات.
شكرا د فهد يعطيك العافية
حي الله د. أحمد وشكراً جزيلاً على المشاركات المفيدة.. أعجبني هنا الحديث والتفسير لعامل الوضوح المستقبلي لنموذج الأعمال في الشركات المستهدفة بالإستثمار... وهو نفس العامل الذي يستخدمه المستثمر العالمي/وارن بيفت في قراراته الإستراتيجية... وقد يؤيد هذا العامل الإستثماري المثل العامي (لا تسرق ز. ولا تخاف)!!.. ولهذا فأن الغموض في نموذج العمل (كالمقارنة بين الحكير ودار الأركان) ومساره المستقبلي قد يكون دليلاً على فساد الإدارة.. وقد يكون أيضاً لأسبلب فنية لم تبلغها بعد شركات سوقنا !!!.. شطراً جزيلاً مرة أخرى.
شطراً جزيلاً مرة أخرى = شكراً جزيلاً مرة أخرى... العذر والسموحة.
د احمد صباح الخير ارجو ان توضح لي اكثر فما كنا نفهمه انه كلما انخفض المكرر كلما كان هذا افضل والان ما فهمته من مقالك ان ارتفاع المكرر كأنه هو الافضل , فهل لك ان توضح حيث اختلط علينا الامر ؟
نعم صحيح كلما انخفض مكرر الربح كان أفضل ... الموجود بالمقال يخص أحد العوامل فقط وهو الوضوح المستقبلي ويشرح فقط لماذا بعض شركات السوق مكرراتها أعلى من الأخرى ولايعني ذلك أنها افضل استثماريا
شكرأ يادكتور على التوضيح المبسط والجميل.
اشكرك بداية على هذه السلسة الرائعة دكتور لو تكرمت .. نغرب بتفسير لاعلان بتروكيم بخصوص خسارة 264 مليون بنقل مصروفات راسمالية لقائمة الدخل .. هل هي خسائر جديدة ستضاف فوق الخسائر المتراكمة 207 مليون ريال وما طبيعة بند مصروفات مؤجلة الموجودة بالميزانية تحت الموجودات الثابته وهل يمكن محاسبيا ان يأتي بند مصروفات مؤجلة تحت الاصول الثابته ( قوائم عام 2011 ) .. شاكر لك مقدما
بدأ الانتاج التجارري في شهر اكتوبر ولذلك جميع الخسائر المحققة نتيجة لتشغيل تضاف الى الخسائر المتراكمة ... المصروفات المؤجلة هي عمولات ورسوم على القروض التي حصلت عليها الشركة ... وهي مشابهه للأصول غير الملموسة والتي يتم اضافتها للموجودات الثابته فمثلا زين تدرج قيمة الرخصة في الموجودات الثابتة
مقال ممتع د احمد المزروعي ..لكن هل تتوقع تصحيح قوي للعقار ..لك تحياتي
يعطيك العافية د. احمد .فعلا جهد وموضوع يستحقان الاشادة بهما . لك جزيل الشكر ولمزيد من االمواضيع الهادفة .
بانتظار الحلقة القادمة على احر من الجمر يعطيك الف عافية دكتور احمد
شكرا للجهد و لك احترامي حبذا لو بعبارة مبسطة توضح اسماء المكررات وعددها في مختصر شاكرا لك استاذي
بارك الله دكتور أحمد كالعادة مبدع .... هذا ينطبق بشكل واضح على الشركات الأمريكية مثل الشركات الاستهلاكية مثل مواد التنظيف والمشروبات الغازية والاشياء الاستهلاكية الصرفة .... قاومت انهيار النازاك في مارس 2000
شكرا دكتور احمد وربي يوفقك اطالب ارقام ان تنسق معك لقاء مفتوح تجيب فيه على اسئلة قراء ارقام ولك ولهم الشكر