مثلث برمودا!

05/12/2012 22
محمد العمران

مع بدء تطبيق وزارة العمل قرار مجلس الوزراء الموقر المتعلق بفرض رسوم بقيمة 2400 ريال سنوياً على العمالة الوافدة التي يزيد عددها على عدد العاملين السعوديين في كل منشأة من منشآت القطاع الخاص في المملكة،كان من الطبيعي أن نشاهد ردود أفعال معارضة قوية لهذا القرار من قِبل القطاع الخاص تحديداً على اعتبار أن القطاع الخاص هو الذي سيتضرّر من هذا القرار بشكل مباشر نتيجة ارتفاع نسبة العمالة الوافدة مقارنة بالعمالة السعودية في القطاع الخاص والتي تصل نسبتها في المتوسط ما يزيد على 90 في المائة للعمالة الوافدة مقارنة بـ 10 في المائة فقط من العمالة السعودية.

وعندما ندقق في القرار جيداً، سنجد أنه في حقيقة الأمر امتداد لقرارات سابقة موجودة اليوم على أرض الواقع (مثل قرار رفع رسوم تأشيرات العمالة الوافدة وقرار تطبيق برنامج نطاقات لتصنيف المنشآت.. إلخ) والتي تهدف بشكل رئيس إلى خلق فرص عمل جديدة للشباب السعودي وإلى تمويل صندوق تنمية الموارد البشرية الذي بدوره يقوم بتمويل برنامج حافز (المسؤول عن تقديم إعانة مالية للباحثين عن العمل من المواطنين)، مما يعني أن حكومة المملكة - حفظها الله ورعاها - ماضية قدماً في الضغط على القطاع الخاص لتحقيق هدف استراتيجي يتمثل في تقنين وجود العمالة الوافدة الفائضة عن الحاجة من طرف وخلق فرص عمل جديدة للشباب السعودي من طرف آخر.

على الرغم من تواضع القيمة المتوقعة لقرار فرض الرسوم على العمالة الوافدة والتي تشير التقديرات إلى أنها لن تزيد على 10 مليارات ريال سنوياً، إلا أن المشكلة تبرز في أن الحكومة تنظر إلى القطاع الخاص دائماً على أنه الحلقة الأضعف بالنسبة لقراراتها بينما يقوم القطاع الخاص بدوره بتمرير ارتفاع التكلفة المفروضة عليه من خلال زيادة الأسعار التي يتحملها المستهلك النهائي لأنه وببساطة الحلقة الأضعف بالنسبة للقطاع الخاص،وعندما ترتفع الأسعار لا يملك المواطن المغلوب على أمره إلا الاعتراض أمام الحكومة على ارتفاع تكلفة المعيشة لأنها الحلقة الأضعف بالنسبة له. هذا يدل على أننا نعيش في مثلث أشبه ما يكون ''بمثلث برمودا'' تتكون أضلاعه من الحكومة والقطاع الخاص والمواطنين!

لذلك سواء نجحت الرسوم الجديدة في خلق فرص عمل جديدة للشباب السعودي أم لم تنجح (ومن الواضح أن تأثيرات هذه الرسوم ستكون محدودة لحل المشكلة) فالمؤكد لنا أن الحكومة مستقبلاً قد تلجأ لرفع الرسوم أو ربما تتبع برامج أخرى تصب في نفس الهدف، وبالتالي استمرار الدوامة التي نعيشها داخل مثلث برمودا! ويبقى التساؤل مطروحاً: إلى أي مدى سيتحمل المواطن فاتورة رفع الأسعار عليه بشكل متواصل على اعتبار أنه الحلقة الأضعف في هذا المثلث؟ وكم من الوقت سنحتاج إلى توفير فرص عمل كافية ومشجعة لغالبية الشباب السعودي؟