استثمارات فتيحي .. لا من شاف و لا من دري

08/11/2012 10
صالح على الصبي

تتميز شركة فتيحي بكونها من أولى الشركات العائلية التي تم تخصيصها و طرحها للعموم في عام 1998 ميلادي و قد كانت هي الشركة الوحيدة في مجالها المسجلة للتداول في السوق الأوراق المالية السعودية منذ عام 2000 ميلادي.

خلال مسيرة الشركة الحافلة, لازلت ممارستها لا تختلف كثيراً عن كونها شركة عائلية متحكم بها بشكل كبير من قبل المؤسسين من ناحية نسب التملك و عدد أعضاء مجلس الإدارة. و بسبب هذه الممارسات, فإن الفكر العائلي للشركة أثر كثيراً على مسارها الإستثماري و ما يتعلق بالمساهمين من قرارات و إفصاحات تتعلق بصرف رأس المال و الدخول في استثمارات دون اكتمال أو وضوح في الرؤية لدى المتداول.

تمت زيادة رأس مال الشركة عدد من المرات بغرض تمويل التوسعات, و لكن بغض النظر عن نشاط الشركة الأساسي (سابقاً) في تجارة المجوهرات و المعادن و الأحجار الثمينة فإن غالبية التوسعات و استخدمات متحصلات زيادات رأس المال كانت تصب في الأوعية الإستثمارية للشركة حتى بلغت ما يزيد عن 65% من رأس

مال الشركة 500 مليون ريال خلال عام 2008 ميلادي موزعة على الشكل التالي:

• شركة صدوق العالمية للإستثمارات القابضة (100 مليون تأسست عام 2008)
• شركة مدماك الخليجية للاستثمار العقاري (100 مليون تأسست عام 2008(
• استثمار في المركز الطبي الدولي (أكثر من 118 مليون تأسس عام 2006)
• مع وجود استثمارات و ملكيات في شركات أخرى بعضها تم تصفيته لاحقاً و بعضها لازال حتى الآن بقيمة إجمالية تتجاوز 30 مليون ريال.

و من الغريب أن أنشطة الشركة المعلنة مختلفة كلياً عن أنشطتها التي تم ممارستها لاحقاً, فنجد أن شركة صدوق العالمية للإستثمارات تمارس أنشطة الإستثمار في الأسهم (السوق المصرية غالباً) و لكن نشاطها المعلن حسب القوائم المالية:

و المؤسف في الموضوع هو تعمد إدارة الشركة التعمية على أخبار  مستجدات استثمارات الشركة مع كونها تشكل قيمة جوهرية من رأس المال, و هو ما ظهر جلياً في إعلان نتائج الربع الرابع لعام 2011 حيث كان أداء الشركة إيجابيا حتى الربع الثالث مسجلة ارباح قدرت بـ 28.3 مليون ريال بما يساوي 0.57 ريال/للسهم و بارتفاع قدره 64% مقارنة بالعام السابق. و في بادرة غريبة من الشركة قرر مجلس الإدارة تثبيت الخسائر في الإستثمارات خلال السنة المالية, مع كونها أكثر السنوات الخمس الأخيرة نموا في الأداء التشغيلي فجاءت نتائج الربع الرابع محملة بخسائر الإستثمارات خلال السنوات السابقة و التي قدرت بـ 68.6 مليون ريال وهو ما يزيد عن 13% من قيمة رأس مال الشركة مما أدى إلى نهاية سيئة للسنة المالية بخسارة قدرت بـ 46.3 مليون ريال بما يساوي (0.93 ريال/للسهم) كان يمكن تفاديها خلال الخمس سنوات الماضية بكل سهولة.

و لأول مرة قامت الشركة بالإفصاح عن استثماراتها الخاسرة و تفصيلاتها بما يحفظ ماء الوجه, مع محاولة حجب بعض المعلومات الجوهرية عن المساهمين مثل الحجم الفعلي لهذه الإستثمارات (فيما يخص استثمارات الشركات) و التوقعات المستقبلية (فيما يخص المساهمات و المركز الطبي).



و بتفصيل الشركة لأداء أنشطتها تبين النمو الكبير و المطَّرد في النشاط التجاري للشركة خصوصاً بعد تطبيق إستراتيجية التوسع خلال السنوات الماضية عن طريق التوسع في العلامات التجارية و التوسع الجغرافي, مع انخفاض حاد و متوقع في انشطتها الإستثمارية و العقارية كما هو معلن لأجل تبرير الخسائر المسجلة في نهاية السنة المالية.



و أمام هذا التردي الواضح في نتائج استثمارات الشركة, مع تجاهل مستمر لطلبات المستثمرين في الجمعيات العمومية بإيضاح بعض الحقائق بما يخص الأنشطة الإستثمارية للشركة كونها تمثل نسبة جوهرية من رأس المال. استمرت الشركة في انتهاج سياساتها الإستثمارية الغامضة, كأي شركة عائلية مغلقة, من ناحية التوسع في الإستثمار دون مساءلة من الجهات الرقابية ممثلة بهيئة سوق المال كما نصت على الأنظمة و اللوائح في ما يخص أخبار الإستثمارات. فنجد أن القوائم المالية للسنة المالية 2011 اشتملت على ما يلي:



و بما أن الأسواق المالية و الجهات المنظمة لها مهتمة بحماية المستثمرين فإن المستثمر في السوق السعودي يصدم بالأخبار القادمة من الجهات المنظمة للبورصة المصرية و التي تفيد باستمرار توسع شركة فتيحي عن طريق ذراعها الإستثمارية شركة صدوق العالمية للإستثمارات بشكل كبير خلال العام المالي 2012 نتيجة للإنخفاض السق المصرية حيث تم القيام بعمليات شراء متعددة في الشركات الموضحة أعلاه زادت عن 15

عملية شراء متفرقة بقيمة تقريبية قد تزيد عن 25 مليون ريال:

• رفعت ملكيتها إلى ما يقارب 6.49% من عدد أسهم شركة النساجون الشرقيون بعد أن كانت 4.85% في أول السنة المالية 2012 باستثمار ما يزيد عن 20 مليون ريال. مع ملاحظة عدم إيراد شركة فتيحي لأي خبر أو تنبيه للمستثمرين في السوق المالية السعودية بما يخص هذه التوسعات الجوهرية.

• رفعت ملكيتها إلى ما يقارب 5.08% من عدد أسهم شركة العربية للخزف (أراسمكو) بعد أن كانت 3.74% في أول السنة المالية 2012 باستثمار ما يزيد عن 5 مليون ريال. مع ملاحظة عدم إيراد شركة فتيحي لأي خبر أو تنبيه للمستثمرين في السوق المالية السعودية بما يخص هذه التوسعات الجوهرية.

و بغض النظر عن الأثر الإيجابي لمثل هذه الإستثمارات في خفض التكلفة الكلية للإستثمارات السابقة فإن للمستثمر أن يتسائل عن المخاطر المتعلقة بزيادة الإستثمار في السوق المصرية في ظل تواجد كبير لفرص محلية من ضمن أنشطة الشركة الرئيسية و وجود أسواق أخرى أقل مخاطرة, و بالتالي فإن استمرار مثل هذه التوسعات دون أدنى إفصاح أو إعلان يؤثر على قرار المتداول و المستثمر في أسهم شركة فتيحي من ناحية قدرته على تحديد مخاطر الإستثمار و اتخاذ القرار الصحيح بالشراء أو البيع.

و المحزن في مثل هذه الأحداث, هو استمرار نقد الجهات الرقابية في السعودية لسلوك المستثمرين السعودين في السوق المالية في ظل زيادة المضاربات و نسب تملك الأفراد مع رغبة الجهات الرقابية في التحول إلى سوق مؤسساتي بحت. بينما يظل المستثمر السعودي على أمل أن تقوم الجهات الرقابية بدورها بمسؤولية وطنية تظمن من خلالها الشفافية المتطلبة في أسواق المال للحد من مثل هذه التخبطات الإستثمارية المتكررة في شركات متعددة في السوق السعودية.

و في ظل تجاهل و عجز كبير عن الضبط التنظيمي و القيام بالدور الرقابي يتفرض أن تقوم به الجهات المنظمة لأسواق المال كما يحدث في أسواق مجاورة, دون مقارنة بالأسواق العالمية, فإن على المستثمر أياً كان فرد أو مؤسسة القيام بجهود استثنائية للتعرف على استثمارات الشركات السعودية في الداخل و الخارج و التغيرات الجوهرية عليها بما يساعد على القيام بالقرار الإستثماري الصحيح.