ظاهرة غريبة في البنوك السعودية !!

17/10/2012 16
د. أحمد المزروعي

خلال آخر 18 شهرا (مارس 2011 – سبتمبر 2012) أنقسمت البنوك السعودية الى مجموعتين أحدهما مجموعة تكاد لاتحقق نموا يذكر في حجم أصولها ويترأسها الثلاثة بنوك التقليدية الكبيرة الأهلي وسامبا والرياض ويضاف لهم العربي حيث لم تحقق هذه البنوك مجتمعة نموا سوى بـ 4 % مع العلم أن هذه البنوك الأربعة تستحوذ مجتمعة على أكثر من نصف موجودات البنوك السعودية..

أما المجموعة الثانية والتي تضم بقية البنوك فحققت نموا قويا في أصولها خلال نفس الفترة بمعدل 24 %  والتي تضم بنوكا كبيرة مثل الراجحي والفرنسي وساب بالاضافة الى البنوك الصعيرة نسبيا (الهولندي – الانماء – الجزيرة – البلاد)...

البنك

مارس 2011

سبتمبر 2012

الزيادة

مجموعة البنوك التي سجلت نموا محدودا في الموجودات (مليار ريال)

الأهلي

299.0

321.0

+ 7 %

سامبا

191.0

202.0

+ 6 %

الرياض

180.7

177.1

( 2 % )

العربي

120.5

125.3

+ 4 %

مجموع البنوك

791.2

825.4

+ 4 %

مجموعة البنوك التي تحقق نموا قويا

الراجحي

203.0

247.0

+ 22 %

ساب

126.0

156.2

+ 24 %

الفرنسي

125.6

155.0

+ 23 %

الهولندي

51.0

65.7

+ 29 %

الاستثمار **

51.2

55.0

+ 7 %

الانماء

29.8

49.8

+ 67 %

الجزيرة

35.9

48.0

+ 34 %

البلاد

21.9

29.5

+ 35 %

مجموع البنوك

644.4

806.2

+ 25 %


لاحظ من خلال الجدول أن المجموعة الأولى والتي تستحوذ على 55 % من الموجودات الاجمالية لجميع البنوك (في مارس 2011) لم تنمو موجوداتها سوى بـ 34 مليار ريال ، فيما المجموعة الثانية الأقل حجما استطاعت زيادتها بـ 162 مليار ريال ، أي أن وتيرة الزيادة لدى المجموعة الثانية تقترب من 5 أضعاف (نفس الملاحظة تنطبق تقريبا على الودائع ومحافظ الاقراض).

هذا التفاوت الكبير يطرح تساؤلات عدة حول سبب هذا الانقسام الذي لم نشهده من قبل بهذه الاستمرارية خصوصا وأن الفترة المعنية شهدت نشاطا اقتصاديا جيدا فضلا عن الاجراءات الحكومية التي اتخذت العام الماضي لزيادة الانفاق وغيرها (حافز مثلا) ... أو بمعنى آخر يمكن القول أن ما يحصل للمجموعة الثانية من نمو أمر طبيعي ومتوقع أخذا بالاعتبار الظروف الاقتصادية وحجم السيولة .. لكن غير المفهوم هو عجز بنوك المجموعة الأولى عن تحقيق مستويات نمو تتوازى مع ذلك علما بأنها كانت تحقق مستويات نمو أعلى في فترات سابقة وفي ظل ظروف اقتصادية أقل مما هو عليه الوضع الحالي !!!!

طبعا هناك العديد من التخمينات التي يمكن طرحها هنا لكن من الصعب تحليلها أو ترجيح بعضها مع محدودية المعلومات المتوفرة ... ولعل أهم مايلفت الانتباه أن 3 من بنوك المجموعة الأولى (الأهلي – سامبا – الرياض) هي بنوك استقطبت تاريخيا كبار الأثرياء ورجال الأعمال اما بسبب قدم العلاقة (الأهلي والرياض) أو بسبب تركيزها على هذه النوعية من العملاء (سامبا) ...

شخصيا أستبعد أن تكون بنوك المجموعة الثانية زادت حصتها من شريحة العملاء الكبار على حساب بنوك المجموعة الأولى حيث لايمكن حصول ذلك بهذه الدراماتيكية خلال فترة محدودة .. كما أنه لايتصور أن كبار العملاء ورجال الأعمال قد توقفت ثرواتهم عن الزيادة في ظل الأوضاع المواتية خلال هذه الفترة.. كما أنه من المستبعد أن تكون بنوك المجموعة الأولى قد قررت تحجيم زيادة ميزانياتها أو عدم المنافسة على استقطاب مزيد من الودائع أو التوسع في الاقراض خصوصا وان تعرضها لمشاكل الائتمان التي حدثت السنوات الأخيرة كانت أما موازية لباقي البنوك أو أقل...

ويبقى أحتمال أخير وهو أن نسبة معتبرة من الأثرياء ورجال الأعمال الكبار ربما تحولوا ببعض سيولتهم لاستثمارات خارجية عوائدها أفضل من عوائد الفائدة والمرابحة السائدة حاليا أو طلبا للأمان في ظل التوترات المحيطة بالمنطقة منذ الربيع العربي.. وبما أن بنوك المجموعة الأولى ، باستثناء العربي ، تتواجد بها أكبر نسبة من الأثرياء ورجال الأعمال الكبار فبالتالي ستكون الأكثر عرضة لعدم تحقيق نمو كبير   اذا صح هذا الافتراض ..

وكما أوضحت أعلاه فإنها تبقى مجرد احتمالات وربما لدى القراء تفسيرات أخرى أكثر منطقية لهذا الانقسام..

**ملاحظة : تم وضع "بنك الاستثمار" ضمن المجموعة الثانية بالرغم من نموه المحدود خلال الفترة وذلك لأن محدودية نموه ترجع فيما يبدو لأمر مؤقت متعلق باعادة ترتيب الأوضاع كون البنك كان أكبر المتعرضين لتعثر الشركات العائلية قياسا بحجمه الصغير..