صندوق النقد يحذرنا من الفقاعة

25/11/2009 1
محمد العنقري

أبدى المدير الإقليمي لصندوق النقد الدولي في منطقة الشرق الأوسط تخوفه من عودة الأموال الساخنة للأسواق الناشئة مما سيتسبب بحدوث فقاعة سريعة بالأسواق معتمداً على تقديرات ودراسات تبين رغبة صناديق عالمية رسمية وغير رسمية للدخول بأسواقنا؛ نظراً لكونها تحقق عائداً أفضل من الأسواق الغربية، حيث إن أسعار الفائدة أعلى وكذلك قدرة الاقتصاديات على تحقيق معدلات نمو أفضل من غيرها نتيجة الإنفاق الحكومي الكبير وصغر حجمها مما سينعكس بشكل إيجابي على أرباح القطاعات الاقتصادية.

وبما أن مكونات أسواقنا محدودة فإن أثر الفقاعة يظهر بها سريعاً، وبالتالي فإن رؤية صندوق النقد بأنه يجب الحذر من الآن باعتبار تحمل الفقاعات بأسعار الأصول لدينا محدودة وأثرها يكون عميقا بما لا يحتمل فمن الوجهة العامة هذا الكلام يبدو صحيحا بشكل عام، ولكن إذا ما أخذنا واقع الاقتصاد العالمي فإن دول الخليج على وجه التحديد هي الأفضل حالاً في العالم بالإضافة لدول شرق آسيا وعلى رأسها الصين.

غير أن الحديث عن الفقاعة بأسواق ما زالت تئن من وطأة الخسائر الكبيرة التي تحققت بأسواق الخليج خلال السنوات الأخيرة يدحض كثيراً من هذه التنبؤات على أقل تقدير لعامين قادمين بخلاف أن تقييم الأسواق منخفض وهي بعيدة جداً عن أعلى أسعار وصلت لها سابقاً بخلاف الخطط التنموية المقرة لسنوات قادمة والتي تم تأمين احتياجاتها من المال عموما نتيجة ارتفاع حجم الاحتياطات التي بنتها دول الخليج خلال الفترة من 2003 إلى 2008 بسبب ارتفاع أسعار النفط.

واليوم تشكل منطقة الخليج أهم وجهة للشركات والاستثمارات العالمية بسبب البيئة المناسبة إجمالاً للاستثمار وإصلاح الكثير من الأنظمة التي تجذب الاستثمار لاقتصادياتنا بخلاف عملية إصلاح الأسواق وزيادة الطروحات فيها ورغبة الكثير من الشركات إدراكها في الأسواق عدا إطلاق السوق الخليجية المشتركة وقرب إطلاق العملة الموحدة واتفاقيات التجارة الحرة مع أغلب الدول المهمة.

مما يعني أننا نعيش مرحلة تختلف عن السابق، وأصبح هناك مقدرة على توطين الاستثمار أفضل من السابق وكنا نأمل أن تؤخذ هذه المعايير بعين الاعتبار عند تحذير الصندوق خصوصاً أن الاستثمار العالمي يبحث عن المكان الآمن والأكثر عائداً ودول الخليج تعلمت كثيراً من التجربة السابقة وهي ليست بحاجة ماسة إلى حد كبير للمال بقدر ما هي تحتاج إلى تنويع اقتصادياتها وبناء استثمارات تعتمد على الإمكانيات المتاحة والمزايا النسبية التي تمتلكها من حيث الخامات والموقع الجغرافي.

كما أن الأموال التي وصفها بالساخنة لن تكون بحجم كبير بحيث يؤثر على نمط الحركة بالأسواق إذا ما أخذنا بعين الاعتبار كم المشاريع الهائل واستمرار التوسع بالبنى التحتية وإدخال مشاريع وشركات جديدة كقوة فاعلة بتحقيق تنوع الاقتصاد.

كما فات الصندوق أن يقارن بين ارتفاع أسواقنا من أقل نقطة وصلت لها إبان مرحلة إعصار الأزمة والأسواق العالمية التي حققت قرابة 80 بالمائة بالمتوسط بالرغم من أنها تعاني من الأزمة بشكل كبير وتحتاج وقتاً أطول للتغلب عليها لأنها بؤرة الزلزال المالي العالمي فالسؤال اليوم أين حدثت الفقاعة في ظل هذه الأزمة وهل المطلوب أن نرفض قدوم هذه الأموال حتى تبقى مجبرة على أسواق معينة، أليس هذا تحجيم لحركة رأس المال وتوجهاته؟ أليس بقاؤها قريبة من أسواق معينة يجبر بعض أموالنا الخاصة أيضاً التوجه لأسواقهم كونها أكثر حركة إذا ما تركزت بها الأموال والاستثمارات، أعتقد أن التحذيرات وإن كان مبكراً لكنه أيضاً يبقى بحاجة لتوضيح أكثر منطقية فدول العالم كلها ليست بحاجة لوصاية صندوق النقد أو غيره لأننا لم نسمع منه شيئا عن الكارثة المالية قبل حدوثها، فأين كانت أعين الصندوق عندما كانت مناطيد الفقاعة بوول ستريت محلقة وتشاهد عبر ضفتي الأطلسي بالعين المجردة.