لا تعتمد على مدير الصندوق الاستثماري لتنويع استثماراتك نيابة عنك

04/10/2009 1
محمد القويز

ذكرنا في مقال سابق (بعنوان «متى تلوم مدير الصندوق الاستثماري ومتى تلوم نفسك؟» والصادر في 26/07/2009م) أن الصندوق الاستثماري عادة ما يكون مربوطاً بالاستثمار في فئة استثمارية معيّنة (كالأسهم أو العقار أو غيرها) وبسوق معيّن وفي بعض الأحيان بقطاع معيّن، وبالتالي فهو لا يمكن أن يتحمل مسؤولية الصعود أو النزول في أداء الفئة الاستثمارية أو القطاع أو السوق ككل (وذلك كما يقول المثل: «طيب السوق ولا طيب البضاعة»)، إنما يتحمل المسؤولية عن أدائه مقارنة بالسوق ككل، بحيث ينبغي أن يحقق أرباحا أفضل في سنوات الصعود، وخسائر أقل في سنوات الهبوط.

لا شك أن هذا التحديد الضيق يشكّل مُعضلة للمستثمر الفرد، إذ وردني بعد نشر مقالي المذكور العديد من الاستفسارات الغاضبة التي يقول الكثير منها: إذا ما كان مدير الصندوق يتحمل مسؤولية الصعود والنزول في السوق أو الفئة الاستثمارية ككل، طيب إيش أسوي أنا؟ هل معنى كذا أني بس أتحمل أداء السوق والشكوى لله؟»)

فإن كان أداء الصندوق يُقاس مقارنة بالسوق بصفة نسبية، إلا أن المستثمر في المقابل يهتم بأدائه بصفة مطلقة. لذا فإن واجب قياس وإدارة الأداء المطلق لاستثماراتك هو من مسؤوليتك الشخصية. وسلاحك في ذلك هو ببناء محفظة (لا نقصد بها هنا محافظ التداول في الأسهم) تتكون من العديد من الصناديق المختلفة من الفئات الاستثمارية والأسواق المختلفة، بحيث تنتقي وتركز على الصناديق التي تستثمر في الأسواق التي تتوقع لها الصعود، بينما تخفف من الصناديق التي تستثمر في الأسواق التي تتوقع لها الانخفاض. أما مدير صندوق الأسهم السعودية على سبيل المثال فليس بوسعه الامتناع عن الاستثمار فيها إذا كان يتوقع انخفاضها والاستعاضة عنها بأسهم صينية مثلاً.

ولكنك قد تقول في نفسك في هذه اللحظة («والله حالة!!! الحين أنا اخترت أني استثمر في الصناديق عشان أفتك من عناء الاستثمار ودوشته، والحين ترجع وتقول لي لازم أنا أعمل (محفظة) وأدير أداءها وتوزيعها على الصناديق المختلفة بنفسي؟ يعني كأنك يا زيد ما غزيت!!»).

لا تخف يا عزيزي المستثمر، فهناك أربعة وسائل متاحة لمساعدتك في بناء هذه المحفظة. وهذه الوسائل مرتبة على النحو التالي (من الأكثر مجهوداً إلى الأقل مجهوداً):

الوسيلة الأولى: يمكنك بناء محفظتك بنفسك بأن تختار الأسواق والفئات الاستثمارية الأنسب لك وتلك التي تتوقع لها الصعود في الفترة المقبلة (مع الحفاظ على حد أدنى من التنويع في جميع الأحوال)، ومن ثم انتقاء الصندوق الأفضل في كل فئة وكل سوق. هذه الطريقة بالطبع هي الأكثر حرية ولكنها الأكثر مجهودا، كما أنها تتطلب معرفة الشخص بالفئات الاستثمارية المختلفة وبطرق المفاضلة بينها، كما أنها تتطلب أن يعرف الشخص نفسه جيداً ومقدار المخاطرة الأنسب له.

الوسيلة الثانية: يمكنك الاعتماد على مستشار مالي أو متخصص من إدارة الاستثمار في البنك أو في شركة الاستثمار التي تتعامل معها. وهذا بديل جيّد ولكنه متاح في العادة (للطحاطيح) الذين بإمكانهم استثمار مبلغ يفوق مليون ريال. كما أن المستشار المالي وإن اقترح عليك التنويع في صناديق مختلفة إلا أنه غالباً ما سيقصر الخيارات التي يقدمها على الصناديق التي تديرها شركته (والتي قد لا تكون الأفضل دائماً). كما أن هذه الطريقة تبقيك جاهلاً بكيفية عمل استثماراتك.

الوسيلة الثالثة: يمكنك استخدام الأدوات التحليلية والحسابية الموجودة على العديد من مواقع الإنترنت والتي تمكّنك من بناء محفظة بطريقة آلية، وذلك عن طريق الإجابة عن بعض الأسئلة وأخذ نصائح عن الأوزان النسبية المناسبة لكل فئة وكل سوق بحسب أهدافك ورغباتك. لا شك أن هذه الوسيلة سهلة جداً، ولكنها عادة تقوم بتوزيع الاستثمارات على المدى الطويل دون أن تحاول توقع الأسواق التي سترتفع وتنخفض في الفترة المقبلة، وبالتالي فهي لا تغير من الأوزان كثيراً من فترة إلى أخرى. كما أنها عادة ما تقوم بالتوصية بالفئات الاستثمارية والأسواق المناسبة والوزن لكل منهم دون أن تساعد على انتقاء الصندوق الأنسب في كل فئة وسوق.

الوسيلة الرابعة: يمكنك الاستثمار في إحدى المحافظ المعدّة سلفاً من قبل الشركات الاستثمارية المختلفة، حيث تقوم العديد من الشركات الاستثمارية بتكوين عدد من المحافظ الاستثمارية (عادة ما بين 3 إلى 5 محافظ) تتكون كل منها من تشكيلة من الصناديق الاستثمارية والتي تشمل مختلف الفئات والأسواق، وتختلف إحداها عن الأخرى من حيث معدّل المخاطرة والعائد المستهدف (مثال: محفظة متحفظة، محفظة متوازنة، محفظة مغامرة) وبالتالي في الأوزان النسبية للصناديق المختلفة في كل محفظة بحيث تزيد المحفظة المتحفظة من وزن الصناديق منخفضة المخاطر بينما المحفظة المغامرة تزيد الوزن النسبي في الصناديق الأعلى مخاطرة وعائداً. وهذه المحافظ المعدّة جيدة، حيث تتمتع بالسهولة والتنويع والإدارة المحترفة على مستوى المحفظة، ولكنها أقل مرونة حيث لا تسمح للمستثمر بتغيير الأوزان وفقاً لرغبته أو توقعاته، كما أن هذه الوسيلة تشترك مع الوسيلة الثانية في أن الشركة الاستثمارية ستقصر عادة محافظها المعّدة سلفاً على الاستثمار في الصناديق التي تديرها فقط (والتي قد لا تكون الأفضل دائماً)، إضافة إلى ذلك فإن بعض مديري هذه المحافظ قد يفرضون رسوماً عليها بالإضافة إلى الرسوم المفروضة على الصناديق نفسها، مما قد يزيد من تكلفة الاستثمار عبر هذه المحافظ المعدة سلفاً.

بالنظر إلى ما سبق يتضح أن هناك العديد من الوسائل المتاحة لتنويع استثماراتك، وأن لكل وسيلة مزايا وعيوب. ولكن مما لا يُختلف عليه هو أهمية قيام المستثمر بالتنويع، بغض النظر عن الوسيلة التي يستخدمها.