الغائب الأكبر.. المتقاعد!

30/08/2012 8
عبد الحميد العمري

إنّه الغائبُ الأكبر عن كلِّ معطيات النّماء والعطاء، ولكنّه الحاضر الأكثر تعاسةً بيننا تحت زخّات التضخم المدمرة، وتحت ويلات المعيشة وأعباء الحياة المتواترة، التعقيد والازدراء بهذا الإنسان الذي أصبح خارج نطاق الخدمة!

تزيدُ مستويات الأسعار شهراً بعد شهر، ودخله ثابت كما هو! وإن انتقل إلى رحمة الله؛ فإن ورثته على موعدٍ مع نقصان راتب التقاعد حتى يختفي تماماً.. ليست العاطفة هنا فقط من تتحدّث! بل هي لغة الأرقام ووقائع الأسواق المحلية التي تطحن هذا المتقاعد كلما أتى إليها مرغماً. فخلال السنوات الخمس الأخيرة فقط؛ تآكل من راتبه التقاعدي نحو %40 من قيمته الحقيقية! في المقابل حظي غيره من شركائه في المجتمع بعلاواتٍ وبدلاتٍ تجاه موجات ارتفاع الأسعار المبررة وغير المبررة على حدِّ سواء. وإنه لمن العجب؛ أن حتى الفريق الآخر الذي حظي بتلك العلاوات المالية مقابل موجات التضخم الجامحة، عبّروا -وهم على حق- عن عدم كفايتها تجاه تلك الموجات الكاسحة للأسعار المتصاعدة! فما بال المتقاعد الذي لم يرَ ريالاً واحداً مقابل تلك الموجات الكاسحة والحال تلك؟ وما يا تُرى حاله المعيشية هو ومن يعولهم من أفراد عائلته المنكوبة معه في ذات الوحل المعيشي المتردّي؟!

الأمر يزداد سوءاً على سوء لشرائح واسعة من المتقاعدين، الشرائح التي يقبع معاشها التقاعدي تحت مستوى الألفين والألف ريال! والتي تعد وفقاً لمستويات المعيشة الراهنة، ووفقاً للعرف الاقتصادي ضمن الطبقات الفقيرة التي تستحق الدعم! إلا أنها وفقاً للعرف النظامي غير فقيرة، لماذا؟! لأنها تتقاضى أجوراً شهرية بانتظام!

يجدر بالجهاز الاقتصادي لدينا أن ينظر بعين الاعتبار لهذا (المتقاعد) الذي أفنى حياته لخدمة وطنه، وأن يمنح اهتماماً خاصاً يكفل له حياةً كريمة وهو في خاتمة عمره! كما يجدر تكريمه من خلال إعفائه من كثيرٍ من رسوم الخدمات العامّة، أو على أقل تقديرٍ منحه خصماً يريحه من عنائها.. هل لنا أن نتذكّر هذا المتقاعد ببعض الإحسان؟!