مؤخرًا، وفي خطوة غير مسبوقة، تضمن الإعلان الأسبوعي لاجتماع مجلس الوزراء، الإشارة إلى أن قطاع متابعة الأوامر، والقرارات بالديوان الملكي، وللفترة من 1-1-1427هـ، إلى 1-1-1433هـ، وجد أن نسبة المشروعات المنفذة بلغت 39 في المئة، ونسبة المشروعات قيد التنفيذ 41 في المئة، وبقي ما نسبته 20 في المئة، من المشروعات غير منفذة بعد.
والسؤال الذي يطرح نفسه هو: كيف يحدث أن الاعتمادات المالية موجودة، ومع ذلك لم تنفذ كل المشروعات؟ الجواب المختصر لذلك هو أن عدد، وحجم المشروعات، هو أكبر بكثير من قدرات التنفيذ الموجودة، ولكن أن أردنا تفصيلاً أكبر، فإن هناك عددًا من الجهات التي يمكن أن تحمل المسؤولية في ذلك، لأنّ واقع الحال يقول: إن توفر التمويل يحل جزءًا أساسيًا من المشكلة، ولكن هناك مشكلات أخرى كبيرة، وكفيلة، بتعطيل تنفيذ أي مشروع، وساستعرضها فيما يلي:
1 - إذا اعتبرنا أن عام (1425)هـ، (2004)م، هو بداية الطفرة الثانية، التي هي قائمة حتَّى اليوم، فقد جاءت تلك المرحلة بعد سنين عجاف، احتاجت الحكومة خلالها إلى تقليص الإنفاق الاستثماري، لغرض تخفيض مديونية الحكومة، التي بلغت حدودًا غير مقبولة، كنسبة من الناتج الوطني، وكل ذلك أدى إلى تأخر صرف حقوق مقاولين من مختلف الأحجام، والتصنيفات، ومن ثمَّ خرجوا من قطاع المقاولات، ولذلك نحن اليوم نعاني من ضعف قطاع المقاولات، ومن ثمَّ لجأت الحكومة إلى عدد قليل من الشركات الكبرى، وهي غير قادرة على تنفيذ كل تلك المشروعات الطموحة، وليس لديها مقاولون مؤهلون من الباطن، بعد خروج الكثيرين.
2 - الجهاز الإشرافي الهندسي الحكومي غير قادر من حيث كفاءته الفنية، ولا عدده، للإحاطة بكلِّ تلك المشروعات، ولا من حيث إكرام مهندسيه الذين لا يحصلون إلا على متوسط راتب شهري لا يتجاوز تسعة آلاف ريال، للإشراف على مشروعات ببلايين الريالات، وهو ما أدى إلى أن تتوافق الجهات الحكوميّة مع المقاولين، لصرف سيَّارات، ومميزات أخرى، للجهاز الإشرافي، لأنّ الإدارة الهندسية الحكوميّة، لا تستطيع الاحتفاظ بذلك المهندس من دون ذلك، وهي في الواقع مبلغ متفق عليه، بين الجهة الحكوميّة، والمقاول!!
3 - ذات الوضع الذي يحدث مع جهاز الإشراف الهندسي الحكومي، يحدث مع من تستعين به الجهة الحكوميّة، كاستشاريين، ومشرفين خارجيين، وراتب أي مهندس منهم متواضع، مقارنة بمسؤولياتهم، وحجم، ومبالغ المشروعات قيد الإشراف!!
4 - كل تلك المشروعات اعتمدت، ولم يؤخذ بالحسبان إمكانية تنفيذها، فبجانب قضية توفر المقاولين، والجهاز الإشرافي، فالواقع أن عملية توفير المواد اللازمة، لم يكن ممكنًا، في ظلِّ حجم المشروعات المعتمدة، فالإسمنت شحيح، وعندما زادت طاقة الإنتاج، لم تجد مصانع الإسمنت الوقود، لأنّ أرامكو كان عليها استيراد محروقات بأسعار عالميّة، وتوفيرها بسعر معانٍ، وعندما تقرر التوسع في شبكة الطرق، لم يكن الإنتاج المحلي من الإسفلت قادرًا على توفير تلك الاحتياجات، ولم يكن مجديًا استيراد تلك المادَّة بسهولة.
5 - العامل الآخر الذي يسهم في تعثر المشروعات الحكوميّة، هو النظام المالي، والمحاسبي، والرقابي الحكومي، الذي أنا غير متأكَّد إن كنّا قد ورثناه من عهد محمد علي باشا، أو قبل ذلك، من الباب العالي العثماني؟! ولكن من المؤكد أنه نظام عجيب، لم يُعدُّ يطبِّق في أي دولة ترغب أن تكون دولة حديثة، ودعوني ألخص أس المشكلة في ذلك النظام:
أ - ذلك النظام لا يقبل الاكتفاء باعتماد ميزانيات للجهات المختلفة، وإنما يصر على أن تكون وزارة المالية هي الجهة الرقابية على الصرف، والأداء... إلخ، بدلاً من الجهات الرقابية الأخرى.
ب - النظام يصر على الأرخص سعرًا، ولا يسمح بأي استثناء، ولذلك ترسي المشروعات على من لا يستطيعون إكمالها، ولذلك شاهدنا معدات غسيل كلى صينية لا تقوم بدورها، وهي تمثِّل حالات حياة، وموت؟!، وغيرها كثير!!
ج - وظيفة الممثل المالي، الذي يشترط توقيعه لإقرار كل مستخلص مالي، حتَّى ولو كان معتمدًا سابقًا، هي مرة أخرى تركيز لمهمة المراقبة قبل الصرف، لدى جهة واحدة، بدلاً من المراقبة بعد الصرف، من قبل جهات أخرى مستقلة عن جهة اعتماد الميزانية.
لذلك فإن الممثل المالي، ونتيجة لذلك الدور المحوري، أصبح عقبة، وتسبب في تعطيل عملية تنفيذ المشروعات، وعطّل دور الأجهزة الرقابية الأخرى.
مرة أخرى سأكرر ما قلته سابقًا، بأن مدرستي الابتدائية، التي درست فيها قبل خمسين سنة، مازالت تستخدم كمدرسة، واليوم نقرأ عن جامعات تسقط أسقف مبانيها، بعد تسلّمها بأشهر!!
ما الحل؟! الحل بسيط، إن توفرت الرغبة، والإرادة، فالمشروعات الحكوميّة يمكن تصنيفها ضمن صنفين اثنين، إما عاجل، أو مطلوب، فالعاجل لا بد من تنفيذه، والمطلوب يمكن تنفيذه، ولكن بعد مضاعفة مدة التنفيذ، بحيث يرتاح المقاول، ويقل الضغط على سوق العمالة، والمواد، والتضخم بشكل عام، وكل ذلك سيفضي إلى خفض التكلفة، وضمان استمرار المقاولين، كمقاولين.
كلام جميل ، وتوصيف دقيق للواقع. لكن هل من مجيب؟؟؟؟
تسأل عن الحال هذا المقال يوضح واقع المناقصات الحكوميه,, بقي نقطه برأي كانت من اسباب التردي الواضح,, وهي دور الصحافه الورقيه وبعض الكتاب,, فقد كانوا ( يلطمون) وينوحون لكي لا يدخل لدينا شركات مقاولات اجنبيه كفؤه,, ففي تلك الفتره ركز بعض المقاولين والتجار على خطورة السماح للشركات الدوليه بالدخول للسوق السعودي, وعندما دخل بعضهم وضعت العراقيل أمامهم,, وخير مثال هو الشركات الصينيه ووزارة التربيه والتعليم
مقال جميل، للإيضاح المشاريع قيد التنفيذ لا تعني بالضرورة إن فيها مشكلة!! إذا المشروع مدته سنتين أو ثلاث فيعتبر قيد التنفيذ وهو ماشي زي العسل، فالمشكلة هي 20% من المشاريع. وغياب التفاصيل يؤدي إلى استنتاجات غير منطقية، فلا نعلم كم من هذه الـ 20% من المشاريع تم استبداله بمشروع آخر أو تم الاستغناء عنه كلياً لانتفاء الحاجة، إلخ، وبالطبع بعضها قد يكون بسبب ما ذكره الكاتب، ولكن التعميم خطير وهو ما تقع فيه هيئة مكافحة الفساد بشكل دائم على فكرة.
ياليت أحد يسلط الضوء على مشروع جامعة الاميره نوره, والتي يقال ان تكلفتها وصلت الى 60 مليار ريال؟؟
... عبدالله ناصر الفوزان * الوطن السعودية (قرأت في الـ"نت" تصريحاً لوزير المالية تحدث فيه عن التكاليف المقدرة لجامعة الأميرة نورة التي تم البدء في تشييدها في الرياض تحت إشراف وزارة المالية نفسها، قال فيه "إن التكلفة الإجمالية لمشروع جامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن للبنات تتجاوز العشرين مليار ريال"، ولأن معاليه لم يحدد رقماً، ولكن قال "تجاوز العشرين" فإنه يفهم من كلامه أن تكاليفها ستكون بين العشرين والثلاثين مليار ريال ) إنتهى ،، دون قيمة الأرض طبعاً وهناك من يذكر أن التكلفة فاقت الستة وثلاثين مليار ، ومجرد عدم معرفة الرقم الفعلى من قبل المواطن قمة الاستهتار به واحساس بأن المبلغ تجاوز كل تقدير منطقى ومعقول ،، الغريب أن الطالبات بعد بدء الدراسة فى الجامعة الجديدة لم يستلمن رواتب ثلاثة أشهر متتالية ، لدينا مفارقات تنموية غاية فى التخبط والفساد ، وليس لدينا من يعلق جرس الإصلاح الجدي حتى بوجود رغبة ملكية كريمة بذلك ، فيا ليت من بيده القرار الأول أن يبادر الى دعم مكافحة الفساد لتتحول الى كيان يحاكى أجهزة رقابية فى دول متقدمة لتبدأ فى نقد النظام ووزراءه وقياداته لمزيد من التطوير ومحاسبة كل مسؤول يضع مصلحته الشخصية فى المقام الأول ويخشى التغيير لعدم قدرته على مواجهة التحديات وخنوعه وضعفه أمام المتنفذين الذين لا يتوانى عن تلبية رغباتهم مهما بدت متعارضة مع النظام لا يقدم حتى على إقتراح بسيط قد يرفع إمكانات وزارته أو مؤسسته ، المقال أعلاه والكثير من المقالات الوطنية التى تساعد على إستقرار الوطن ونموه وازدهار ورفاهية مواطنية هى البذرة الأولى لعمل جهات رقابية ومحاسبية موثوقة ما زالت تنتظر خلف الأبواب الموصدة !!!
أول مره أعرف ان عبدالله ناصر الفوزان رجع يكتب!!!!!!!!!!!!!!!!! سبق وان نشر ان تلكاليفها أكثر من 10 مليار دولار, بعد ذلك كانت هناك ارقام غير مؤكده تقول انها أكثر من 40 مليار ريال, وقد تكون أكثر بكثير,, والسبب لانه طلب من المقاولين انجازها في 30 شهر او أقل
هناك شركات مقاولات عالمية وكفؤة تتمنى دخول السوق السعودية، لكن لابد أولاً من شريك محلي واصل وحبذا من أصحاب السمو ولا بأس بالمصاهرة لمصلحة الوطن. دبي شهدت نهضة إنشائية تاريخية تلاها كساد في قطاع المقاولات يمكن الاستفادة من المقاولين في دبي. أتعجب لماذا لم تتعثر أرامكو في بناء ٢٧ جزيرة صناعية وجسر بحري بطول ٤٥ متر ومرافق صناعية لانتاج ٩٠٠ ألف برميل من الخام الثقيل عالي الكبريت. المشكلة الكبرى هي الفساد والمجاملة والمحاباة على حساب الوطن.
من خبرتي المتواضعة في إدارة المشاريع التنموية الكبرى لمدة تزيد عن 30 عاماً، أستطيعُ الزعم أن الأسباب الخمسة التي ذكرها الكاتب تأتي في أولوية منخفضة مقارنةً بالسببِ الأساس الذي ذمره أخي الكريم/المعتصم بالله.. (الفساد وأهله) وأمواله التي تندرجُ تحت فئة السحت والعياذ بالله !!!!... أللهمَ وفق المخلصين في خدمة البلاد والعباد... أللهمَ آمين.
لماذا ندور حول حلقة مفرغة نتكلم ونحلل مشاكل نعلم أنها ناتجة من مشكلة كبرى تسمى الفساد