جاء رد رئيس المصرف الأوروبي المركزي، ماريو دراغي، على استمرار النظرة المتراجعة لأوروا وارتفاع تكاليف الإقراض لبعض الدول في منطقة اليورو بالقول أن المصرف الأوروبي المركزي كان "مستعداً للقيام بكل ما يتطلبه الأمر". وجاء هذا الرد مشابهاً لخطاب جاكسون هول الذي حاز الآن شهرة واسعة والذي ألقاه رئيس الفيدرالي الأمريكي سنة 2010 عندما أشار إلى طرح التسهيل الكمي في وقت متأخر من هذا العام. أخذت السوق تعليق السيد دراغي كإشارة على أن المصرف الأوروبي المركزي سيتدخل لشراء السندات السيادية التي أصدرتها إسبانيا وإيطاليا، حيث شهدت هاتين الدولتين وصول تكاليف الإقراض إلى مستويات قد يصبح عندها تقديم كفالات أمراً ضرورياً.
قفز اليورو من أدنى مستوى له منذ سنتين وساعد ضعف الدولار السلع على الارتفاع أيضاً. ومع ذلك، فإن تحول هذا الانتعاش في ظل وجود مخاطر في أسواق العملات إلى انتعاش آخر لن يدوم إلا لفترة قصيرة نسبياً يظل احتمالاً قائماً بقوة بالنظر إلى الانقسام الحالي بين الشمال والجنوب الذي تشهده أوروبا فيما يتعلق بما يمكن وما سيتم القيام به للإبقاء على اليورو في حالته الراهنة.
اتسم أداء قطاع الزراعة خلال التغيير الذي طرأ في الأسابيع الأخيرة بالضعف وخاصة خلال الأسبوع الأخير في ظل الخسائر التي تكبدتها الحبوب والقطاعات الفرعية تجاوزت أربعة بالمائة على خلفية جني الأرباح الذي جاء بعد الانتعاش المفاجئ الذي وقع مؤخراً. هذا ولا تزال جهة توقع الأرصاد الجوية في الولايات المتحدة ترى فرصة هطول الأمطار لتصل إلى أجزاء من البلد أصابها الجفاف ولكن المخاطرة – وخاصة بالنسبة للذرة – هي أن الأوان قد فات تقريباً. أما بالنسبة لأداء المعادن الثمينة فقد كان الأفضل بعد أن حصل على المساعدة من ضعف أداء الدولار، في حين احتل الذهب مركز الصدارة بعد تخطيه مستويات المقاومة السابقة عند 1,610 دولاراً أمريكياً.
أسواق النفط تحصل على الدعم في ظل استمرار الشكوك الجيوسياسية
يبدو أن الانتعاش الكبير الذي شهدته أسواق النفط – التي حدثت في أواخر يونيو مدفوعة بالمخاوف الجيوسياسية بشأن سوريا وإيران ومؤخراً العراق، مصحوبة بفقد المخزونات بسبب الإضراب الذي تشهده النرويج في قطاع النفط – قد فقد زخمه في ظل استمرار تراجع الميل نحو الاقتصاد الكلي.
أثبتت العقوبات المفروضة على إيران أنها ذات فعالية كبيرة حتى الآن حيث تراجعت صادرات هذا البلد الذي يملك طموحات نووية إلى الحد الذي بدأ يعاني بسببه بعد أن تم شطب كمية تعادل ما تم خاصرته خلال الصراع في ليبيا عام 2011. إن التوترات المتصاعدة التي تشهدها سوريا وإشارات القلق من امتدادها إلى العراق سبب التوتر في أسواق النفط، وقد ترك هذا بمجمله سوق النفط العالمي يعاني نقصاً في المخزونات في وقت يشتد في الطلب في هذه الفترة التي عادة ما تشهد ارتفاعاً في الطلب، وهو ما ساعد سعر خام برنت، وهو المرجع العالمي لأكثر من 50 بالمائة من المعاملات الفعلية، على استرداد تقريباً نصف عمليات البيع بسعر رخيص خلال الفترة من مارس إلى يونيو.
لقد حصل هذا الانتعاش بالنسبة لخام برنت على الدعم الرئيسي في ظل الحرج الذي سببه انخفاض الإنتاج النرويجي والتوترات الجيوسياسية التي أثرت بشكلها الأكبر على خام برنت. إن توزع العقود المستقبلية التي يحين أوان استحقاقها قريباً ما بين خام غرب تكساس الوسيط وخام برنت كان له نتيجة تمثلت في اتساع الفرق بينهما بخمسة دولارات منذ وصول أسعار النفط إلى أدنى مستوى لها في 21 يونيو.
العقود المستقبلية لخام برنت التي يحين أوان استحقاقها قريباً – المصدر: بلومبيرغ أل بي
بعد الانتعاش الكبير منذ أواسط يونيو استقر خام برنت عند نطاق التداول 102 إلى 108 في ظل محاولته معرفة على ماذا يستند. إن التوترات الجيوسياسية وفرصة تطبيق الإجراءات الكمية المتجددة في أوروبا واحتمالية تقديم الولايات المتحدة الدعم للسوق على الرغم من ضعف الظروف الاقتصادية الشاملة على مستوى العديد من مختلف الاقتصادات.
شهدت البيانات الاقتصادية الواردة من لصين بعض التحسن مؤخراً ولكن وفي نفس الوقت انخفضت واردات النفط في يونيو بنسبة 12 بالمائة عن مايو، وهو ما قد يشير إلى أن الاندفاع لملء الاحتياطيات التجارية
والإستراتيجية قد بدأ بالتباطؤ مع امتلاء المخزونات. إن بناء مرافق التخزين الإستراتيجي وملؤها كان أحد التطلعات التي تسعى إليها الصين لتجعل عمليات البيع بتواريخ ثابتة وأسعار ثابتة تقترب من 90 يوماً وهو ما تتمتع به دول منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية بصورة عامة.
إن المستثمرين المضاربين الذين تأثروا بشكل كبير بهبوط الأسعار في يونيو بالنسبة لعمليات الامتلاك طويلة الأمد بدؤوا وبشكل بطيء بإعادة بناء انكشاف طويل الأمد بعد عمليات الخفض الحاد في عمليات الامتلاك طويلة الأمد في خام عرب تكساس الوسيط وخام برنت، وهو ما قد يشير إلى بعض التردد في الإصرار على موقفهم في هذه المرحلة، في ظل عدم وجود مبررات على ارتفاع الأسعار عن مستوياتها الحالية وفي ظل وجوب احتواء الدعم للوصول إلى 100 دولار أي عمليات بيع بأسعار مخفضة إلى أن تتمكن السوق من التعرف على أين تكمن المخاطرة الأكبر في تراجع الطلب من النشاط الاقتصادي البطيء أم المخاطرة التي تتعرض لها التوريدات.
ارتفاع درجات الحرارة يدعم الغاز الطبيعي.. ولكن إلى متى؟
لقد تغيرات القوى المحركة لسوق الغاز الأمريكية خلال الشهرين الأخيرين في ظل تذبذب درجات الحرارة في كل أرجاء البلاد وهو ما ساعد على خفض الثقل المفرط للغاز الطبيعي الموجود في مرافق التخزين تحت الأرض. وكما يظهر الرسم البياني فقد تراجع فائض المخزون الحالي خلال متوسط السنوات الخمسة من 60 بالمائة في مارس إلى 16 بالمائة فقط اليوم. وزاد الطلب على الغاز بما يكفي لدفع انتشار العقود المستقبلية في أغسطس 2012/سبتمبر 2012 إلى سوق مقلوب (أسعار أغسطس أعلى من سبتمبر) وهذه حادثة غير اعتيادية نسبياً في هذا الوقت من السنة ولكنها تعكس أيضاً حقيقة ارتفاع الطلب بصورة عامة على الغاز في ظل ما شهدته الأسعار المتدنية خلال الأشهر الأولى من 2012 من حلول مولدات الطاقة محل الغاز.
تقع ذروة الطلب المرتبطة بفصل الصيف خلال الأسبوعين المقبلين ومع بدء التباطؤ في الطلب والحاجة لانتظار عدة شهور قبل أن يبدأ الطلب على التدفئة في فصل الصيف بتخطي عمليات الضخ، لا تزال مستويات التخزين ترتفع لتتخطى الرقم القياسي المسجل 3,852 مليار قدم مكعبة في نوفمبر 2011، وعلى هذا الأساس فإن تحقيق مزيد من التقدم يتخطى بكثير 3 دولارات أمريكية سيواجه بعض المقاومة.
الذهب يعود ليتخطى 1600.. البحث عن الزخم
أخذ المعدن الأصفر خطوة أولية بسيطة سعياً منه لكسر نطاق التداول الضيق نسبياً الذي كان سائداً لعدة أشهر وذلك خلال الأسبوع الحالي. مستنداً إلى القوة في مواجهة عملات أخرى بخلاف الدولار، ليس أقلها اليورو متحداً مع إشارات بفائدة الأماكن الآمنة المتجددة، تمكن الذهب من كسر الحواجز وتخطي المقاومة السابقة عند 1,610. سواء أكان هذا كافياً لتحريك الذهب لمزيد من الارتفاع في هذه المرحلة أم لا، فإن الكثيرين لا يزالون ينظرون إلى الضعف الذي يعاني منه الدولار حالياً على أنه حالة مؤقتة، وحالما يتم شطب ثقل المضاربة المفرط للمراكز طويلة الأمد ستجعل التيارات المعاكسة المتولدة من تعافي الدولار وعودته إلى قوته تحقيق مزيد من التقدم أمراً صعباً.
لا تزال صناديق التحوط والمستثمرون الكبار الآخرون يشكلون نسبة ضئيلة نسبياً من الممتلكات طويلة الأمد في حين أن المستثمرين في المنتجات المتداولة في البورصة خفضوا ممتلكاتهم التي بلغت سجلاً قياسياً وصل إلى 2,413 طن متري إلى 2,396 طن متري حالياً. إن تهديد موديز، أكبر وكالة تصنيف ائتماني، يمكن أن يؤدي إلى خفض تصنيف الاقتصادات الأوروبية الرئيسية وهو ما سيدعم الذهب في ظل وجود استثمارات جيدة متراجعة بشكل متزايد أمام المستثمرين العالميين الذين يتطلعون إلى مكان آمن للاحتفاظ بأموالهم النقدية فيه.
في حين أن كل هذه الأحداث تقدم مستوى معين من الدعم للذهب، يبقى المحرك الرئيسي للارتفاع هو بروز زخم في السوق، شيء لم يسبق أن رأيناه لأشهر عديدة. سواء تطلب هذا الأمر انكساراً فوق مستوى الارتفاع الذي وصله في يونيو عند 1,641 أو متوسط الحركة على مدار 200 يوم عند 1,655 يبقى مسألة يجب علينا انتظارها لمعرفة ما سيحصل، ولكن الذهب لا يزال الآن يجاهد لحدوث ذلك شريطة ثبات 1,600 في مواجهة أي محاولات بيع بأسعار منخفضة.
المحاصيل الأمريكية بحاجة ماسة للأمطار
استسلم سعر المحاصيل الأمريكية الرئيسية لبعض عمليات البيع هذا الأسبوع بعد واحدة من أكبر حالات الانتعاش التي شهدتها، وهو ما أدى إلى ارتفاع أسعار فول الصويا والذرة مسجلة مستويات قياسية جديدة مدفوعاً بتوقعات المتنبئين بالأرصاد الجوية إلى احتمالية هطول بعض الأمطار في بعض المناطق التي أصبها الجفاف في الوسط الغربي من الولايات المتحدة، الأمر الذي أدى إلى بعض الارتياح المؤقت وتسبب ببعض عمليات البيع التي قام بها مدراء المال الذين شهدت الأسواق تزاحماً فيما بينهم للانكشاف على المدى البعيد في ظل الارتفاع الكبير في الأسعار. ومع ذلك يتوقع أن يستمر الجفاف وارتفاع درجات الحرارة خلال الأسبوع القادم. وفي حين أن محاصيل الذرة في العديد من المناطق تخطت إمكانية إصلاحها، لا يزال فول الصويا قادراً على الاستفادة من هطول الأمطار، وهو ما يساعد في تفسير سبب كون أداء الذرة أفضل نسبياً خلال التوقف الذي حدث مؤخراً كما يوضح الرسم البياني التالي.