تجتمع الدول الأعضاء في «منظمة الأقطار المصدرة للنفط» (أوبك) غداً في فيينا لتقويم وضع أسواق النفط العالمية واتخاذ قرارات تتعلق بالإنتاج، إضافة إلى قرارات إدارية مختلفة، منها انتخاب الأمين العام للمنظمة. والسؤال الذي يهم المهتمين بشؤون النفط والمال والاقتصاد هو: ما القرار الذي ستتخذه أوبك في ظل انخفاض أسعار النفط في الأسابيع الأخيرة؟ تشير بيانات الإنتاج والاستهلاك والأوضاع الاقتصادية العالمية إلى ان «أوبك» أمام خيارين لا ثالث لهما: إما إبقاء الإنتاج على ما هو حالياً من دون أي تغيير، أو إبقاء السقف الإنتاجي من دون تغيير مع مطالبة الدول الأعضاء بالالتزام بالحصص الإنتاجية.
مسوغات إبقاء الإنتاج من دون تغيير كثيرة، أهمها:
1- توافق الأسعار الحالية رغبات عدد من دول «أوبك» التي أكد وزراؤها أنهم يرغبون في خفض الأسعار إلى مستويات تتراوح حول 100 دولار للبرميل. ويلبي هذا السعر الاحتياجات المالية لكل دول «أوبك» فلا تقترض لتمويل الموازنة، كما يمكّن بعض دول «أوبك» من تحقيق فوائض مالية كبيرة.
2- يعني انخفاض الأسعار في الآونة الأخيرة ان لا حاجة إلى رفع الإنتاج عما هو حالياً، خصوصاً بعد الزيادة الكبيرة في إنتاج السعودية والارتفاع المستمر في إنتاج ليبيا والعراق.
ويشير الواقع إلى عدم إمكانية زيادة الإنتاج لأن ليس هناك أي طاقة إنتاجية فائضة إلا في السعودية، والسعودية، بعد زيادة الإنتاج الأخيرة، لا تبدو راغبة في استخدام ما تبقى من طاقتها الإنتاجية الفائضة إلا في حالات الطوارئ، أي عندما لا يبقى إلا هذه الورقة لإنقاذ العالم من أزمة كبيرة.
3- يعني الوضع الاقتصادي السيّء في أوروبا وخطر انزلاقها إلى كساد وانتقال عدوى ذلك إلى دول أخرى يعني ان لا حاجة إلى خفض الإنتاج الآن، علماً أن بعض «الصقور» في «أوبك» سيطالبون بخفض الإنتاج لأن ذلك يعني خفض إنتاج السعودية وليس إنتاجهم هم. بعبارة ويرى كبار المنتجين في «أوبك» ان أي خفض للإنتاج الآن سيهدد نمو الاقتصاد العالمي، وبالتالي الطلب المستقبلي على النفط وأسعار النفط وإيراداته.
4- تشير بيانات إلى ان الزيادة في إنتاج كل من السعودية وبقية دول الخليج والعراق تساوي منذ 2007 انخفاض الإنتاج خلال الفترة ذاتها في كل من إيران ومصر وسورية واليمن والسودان. ويعني هذا ان لا حاجة إلى خفض الإنتاج في ظل الأوضاع الراهنة في هذه الدول.
5- لا يزال خطر انخفاض صادرات النفط لأسباب سياسية كبيراً، خصوصاً في كل من إيران واليمن ومصر، كما ان تأزم الحال السياسية في مصر في ظل نتائج الانتخابات الأولية وما قد تسفر عنه الانتخابات النهائية قد يهدد الملاحة في قناة السويس. ويعني هذا ان لا حاجة إلى خفض الإنتاج.
6- تشير البيانات التاريخية إلى ان صادرات دول «أوبك» تنخفض خلال شهور الصيف، ومع اقتراب الصيف هذه السنة، لا حاجة إلى خفض الإنتاج.
ونظراً إلى ان «أوبك» تحاول الوصول إلى قرارتها بالإجماع، وتحاول إرضاء كل الأطراف على رغم مصالحهم المتعارضة، يمكن ان تتبنى «أوبك» قراراً بالإبقاء على سقف الإنتاج كما هو، لكن دولاً أعضاء تطالب بالالتزام بحصص الإنتاجي. وبناء على الواقع الحالي، لن تختلف النتيجة الفعلية لهذا القرار عن القرار السابق على الإطلاق، لكنه سيرضي إيران وفنزويلا.
وسيكون سبب تبني هذا القرار عوضاً عن الأول هو اعتراضات شديدة من إيران وفنزويلا على إبقاء الإنتاج على ما هو، فالإنتاج أعلى من سقفه، وانخفض إنتاج إيران في الشهور الأخيرة بينما لا تستطيع فنزويلا زيادة الإنتاج. ويعني هذا ان إيران وفنزويلا هما الخاسر الأكبر من أي زيادة للإنتاج من دول أخرى وأي خفض للأسعار. فالسعودية تستطيع التعويض عن انخفاض الأسعار بزيادة الصادرات، لكن الدول الأخرى لا تستطيع ذلك وتنظر إلى أي انخفاض في الأسعار على أنه خسارة.
وإذا كانت حدة المعارضة من إيران وفنزويلا في الاجتماع شديدة، فإن دول الخليج، بقيادة السعودية، قد توافق على إصدار قرار يقضي بالحفاظ على سقف الإنتاج على ماهو عليه مع ضرورة التزام الدول الأعضاء بالحصص الإنتاجية. ولو طبِّق القرار فعلياً فسيعني تخفيض الإنتاج، خصوصاً في السعودية، ولكن للأسباب المذكورة أعلاه فإن دول الخليج لن تخفض إنتاجها.
خلاصة الأمر أنه أياً يكن قرار «أوبك» غداً فهو لن يغير في أرض الواقع شيئاً وسيبقى الإنتاج على ما هو عليه. ويتضح من البيانات ان أسعار النفط، في حال تفاقم أزمة الديون الأوروبية خلال الشهور الثلاثة المقبلة، سترتفع عن ما هي عليه الآن لأسباب أهمها انخفاض صادرات دول «أوبك» في شهور الصيف بسبب زيادة الاستهلاك الداخلي من النفط وتفاقم أزمة الكهرباء في عدد من هذه الدول.
لا اعتقد ان ايران وفنزويلا ستلتزم بخفض الانتاج في حال لو تم الاتفاق على الخفض
شكرا دكتور علي هذا المقال الرائع وباعتقادي ان الابقاء علي سقف الانتاج الحالي دون تغيير سيبقي قرار اوبك اليوم الخميس