أندونيسيا هل تعود إلى أوبك (الغريق يتعلق بالقشّة)

09/06/2012 3
د. أنور أبو العلا

على مدى سبعة وأربعين سنة (من 1962 إلى 2009) كانت أندونيسيا عضوا أساسيا في منظمة الدول المصدرة للبترول (اوبك OPEC). لكن في عام 1998 بلغ انتاج بترول اندونيسيا الذروة وبدأ في الانخفاض القسري الى ان اصبح انتاج بترولها لا يكفي استهلاكها فتحولت اندونيسيا عام 2004 من دولة مصدرة الى دولة تستورد البترول من المملكة وايران والكويت.

كذلك على مدى خمس سنوات كاملة (من 2004 الى 2009) بقيت اندونيسيا - رغم انها لم تعد تصدر البترول - متمسكة بعضويتها في اوبك على أمل أن تستطيع الشركات العالمية بما لديها من خبرة وأموال أن تفي بوعودها باستخدام مايسمى التكنولوجيا المتقدمة لتطوير وانتاج احتياطيات البترول الضخمة التي كانت - ولا زالت - تعتقد اندونيسيا انها مدفونة في اراضيها وشواطئها وتنتظر فقط من يأتي فيحولها من مجرد وعود وأماني الى حقائق.

لقد فشلت كل المحاولات المبذولة لاستخدام التكنولوجيا المتقدمة عن منع انخفاض انتاج بترول حقول اندونيسيا القديمة ولعدم القدرة على تطوير حقول جديدة بدأت الفجوة تزداد سنة بعد سنة بين انتاجها واستهلاكها فاضطرت اندونيسيا ان تعلّق suspend عضويتها في اوبك على أمل ان تعود يوما الى اوبك عندما يبلغ البترول الرخيص في دول اوبك الاخرى الذروة فلا تستطيع هذه الدول ان تحافظ على مايسمى اعتباطا السعر العادل فترتفع اسعار البترول بقوة الطبيعة وبالتالي يتحوّل الانسان الى انتاج البترول عالي التكاليف سواء استخراج الثمالة المتبقية في قاع آبار الذهب الاسود (البترول التقليدي) اوانتاج حثالة الذهب المغشوش (البترول غير التقليدي).

السؤال الذي تثيره الصحيفة الاندونيسية Jakarta Globe بتاريخ 13 فبراير 2012 هو: هل ياترى سيبعث أمل اندونيسيا الميت من قبره فترتفع اسعار البترول وتتمكّن الشركات العالمية من تطوير حقول البترول غير التقليدي فتعود اندونيسيا الى تصدير البترول.

تقول الصحيفة في مقالها المنشور بعنوان:Indonesia’s oil supply runs deep يوجد ستين حوضا هيدروكربونيا تحتوي على 106.2 بليون برميل مكافئ للبترول، اضافة الى انه يوجد مناطق اخرى تحتوي على 89.5 بليون برميل مكافئ للبترول (oil equivalent).

ثم تختم الصحيفة الاندونيسية مقالها بتصريح للقرطبي (محلل طاقة اندونيسي) بالقول رغم ضخامة بترول اندونيسيا الا انه مكلّف ولن يجرؤ احد على المغامرة باستخراجه مالم تعط الحكومة الاندونيسية حوافز مغرية للمستثمرين (اي تتنازل عن معظم ايراداتها للشركات الاجنبية) وبعد خمس سنوات من بداية التنقيب قد تعود اندونيسيا - مرة اخرى - عضوا في اوبك.

الدرس المستفاد من تجربة اندونيسيا انه من المستحيل تحدي الطبيعة بفرض حد أعلى لسعر البترول من غير ان يضر بالمنتجين والمستهلكين معا، فالمنتجين سينضب بترولهم والمستهلكين سيفاجأون بانعدام البترول الرخيص ويضطرون الى دفع اسعار مضاعفة للبترول الرديء.

هذا يجعل المنادين بزيادة انتاج البترول لخفض أسعاره شأنهم كشأن العبيط الذي يطالب بذبح الدجاجة للحصول على بيضها دفعة واحدة بحجة ان نقص البيض يضر ولا يعرف ان ذبح الدجاجة يضر اكثر لانه يؤدي الى انعدام البيض بالكلية وليس فقط نقص البيض.

موضوع زاوية السبت القادم - ان شاء الله - سيناقش الجدل الدائر بين العلماء الآن حول هل البترول والفحم انظف من الغاز الطبيعي لا سيما الحجري Shale Gas.