وفقا للأرقام المعلنة يوجد لدى المملكة أكبر احتياطيات البترول التقليدي في العالم قدره 264 مليار برميل كذلك يوجد لدى المملكة أكبر طاقة إنتاجية في العالم قدرها 12.5 مليون برميل في اليوم، وليس من المتوقع أن تتجاوز المملكة أي دولة في العالم سواء في حجم الاحتياطي الخام أوحجم طاقة إنتاجه. ولكن من المتوقع أن تتراجع المملكة فتفقد مركزها الأول سواء في الاحتياطي أو الطاقة الانتاجية إذا استمرت المملكة تنتج بمعدلات أعلى (كما هو الآن) من معدلات انتاج الآخرين فتنخفض احتياطياتها من البترول وبالتالي ستنخفض طاقتها الانتاجية وتحتل مكانها دول أخرى في أول القائمة.
هذه الخاصية من خصائص الموارد الناضبة لم يستوعبها بعض الذين يعتقدون ان زيادة الطاقة الانتاجية يمكن ان تحل مشكلة انخفاض صادرات البترول الى الخارج بسبب تزايد الاستهلاك المحلي لأنهم يتعاملون مع البترول وكأنه مصدر غير ناضب.
ارجو ان لا يساء فهم إثارتي لهذه الظاهرة العلمية (الطبيعية) فيعتبرها البعض انها سابقة لأوانها يجب ان لا يثيرها الباحثون السعوديون وننتظر حتى يوقظنا من غفوتنا الباحثون من الخارج اوحتى نجد انفسنا فجأة وسط معضلة مستعصية لا يمكن ايجاد الحلول لها.
تقرير تشاتام هاوس يشير - وكأنه يحث - بطرف خفي (صفحة 2) بأنه قد يكون بالإمكان إذا تم إضافة اكتشاف احتياطيات بترول جديدة وزيادة الانتاج تأجيل عجز الايرادات، ويقول في حالة عدم اتخاذ هذه الإجراءات فإن اقتصاد المملكة سينهار قبل عام 2038.
الحقيقة ان الاعلان عن اضافة احتياطيات جديدة وزيادة انتاج البترول لا يمكن ان تكون حلا لنمو ازمة استهلاك الطاقة في المملكة بل هو تكريس للأزمة فزيادة الاحتياطيات لن تأتي من الهواء بل لابد من ان تكون مبنية على اكتشافات حقيقية مؤكدة (وليس مجرد أماني)، وحتى في حالة احتمال وجود حقول لم يتم اكتشافها (أو الإعلان عنها بعد) فهي غالبا حقول متناثرة وصغيرة ومكلفة مقارنة بحجم وجودة وتكاليف ومواقع الحقول الحالية. اما زيادة الطاقة الانتاجية عن 12.5 مليون برميل في اليوم فأنه لا يمكن ان يوصي بها مستشار سعودي مخلص لسبب بسيط اصبح يعرفه معظم القراء (كما يتضح من تعليقاتهم)، ألا وهو تقصير عمر البترول، لا سيما بعد ان انتشر بين الناس ما يسمى لعبة العمر الافتراضي للبترول فأخذ البعض يتسلى - بعد كل اعلان عن زيادة الانتاج - بتقسيم الاحتياطي المؤكد على معدل الانتاج السنوي فيحصل على عدد سنوات معينة يتناقص عددها تلقائيا مع زيادة الانتاج.
أريد ان اختم بالرد على تعليق المهندس الراجحي (التعليقات 3، 4، 5، 6) على زاوية السبت الماضي فرغم انني اعتز بتعليقاته لانها تدل على فهم واعٍ، الا انني اريد ان اوضح بانني لم افترض رقما ثابتا لمجموع الانتاج (على حد تعبيره) لأنني استخدمت كلمة متوسط وهي تعني ان الانتاج اليومي اوالشهري اوالسنوي غير ثابت بل متغير فقد يرتفع احيانا فيتجاوز الاثني عشر مليون برميل في اليوم وقد ينخفض احيانا الى اقل من التسعة مليون برميل في اليوم، ولكن بأخذ المجموع الكلي وتقسيمه على عدد الايام يعطيك رقما موحدا يسمى وفقا للعرف المهني: "متوسط الانتاج".
ما جبت شئ جديد يادكتور بس في فمك ماء
الخبراء يقولون ان الاحتياط أقل من هذا الرقم بكثير منذ 20 سنه وهذا الرقم لا يتغير مع ان الانتاج في العشرين سنه الماضيه على الاقل 60 مليار برميل . أصبح الوضع مثل الرجل اللذي أقسم أن لا يغير عمره ...!!! وبعدين معظم نفطنا ثقيل جدا معظمه قار ولا يلبي حاجة الدول الصناعيه
أخي الفاضل أشكرك على اهتمامك لمستقبل المملكة ومستقبل الأجيال , ولكن البعض يزيد التحامل على وتر الانتاج اليومي للبترول ووتر نضب البترول بعد٢٠ سنة ويصور الحال بأننا كآباء نعتبر جناة سارقي مستقبل هذا البلاد ومستقبل الأجيال , وهذا مايحد من تطوير مستقبل هذه البلاد الى مايتطلع له الاجيال في المستقبل , فكون البترول ذو خاصية المواد الناضبة هذا لايعني بأن استغل الانتاج في سعر عالي جدا لتوفير فائض يمكن عن طريقه صنع نهضة اقتصادية في البلد تكون قوتها وزخمها بعد ٢٠ سنة للاجيال , فالمشكلة ليست في زيادة الانتاج اليومي , أو في نضب البترول , فهذه عوامل يجب ان تدرس جميعها لاعداد استراتيجية للاستفادة من هذا الفائض المقابل من زيادة الانتاج ؟ فهل هذا الفائض سوف يضخ في سندات امريكية ومن ثم يهبط الدولار؟ هل سوف تضخ في تقوية البنية التحتية للبلد؟ هل سوف تضخ لشراء ذهب وعملات اجنبة؟ وهل؟ وهل؟ وهل؟ والسؤال الأخير هل بقاء البترول كخام أفضل لي بعد ٥ سنوات من البيع بسعر ١٠٠ دولار؟ فهل البترول بعد ٥ سنوات سوف يرتفع سعره الى ٢٠٠ دولار؟ واما سوف ينخفض سعر البترول ماتحت ال ٥٠ دولار؟ هل سوف يوجد بديل للبترول ويسبب في خفض سعره, ولنا في منتج الغاز عبرة من ذلك! , فالاسئلة تكثر وتكثر من ناحية الجدوى الاقتصادية من زيادة الانتاج عوضا عن عدم ذكرنا للجدوى السياسية من ذلك , ولكن لنحيد السياسة ولنبسط الامر بتسمية البترول بسهم يباع ويشترى في سوق الأسهم , وأعني بذلك بأن المستثمر يريد البيع بسعر عالي ويريد الشراء بالسعر المنخفض , فالكل يهدف للتصريف في القمم وللتجميع في القيعان , وأعني بالتجميع في القيعان هو خفض تكلفة الوارد للسعودية في المستقبل باستغلال سعر بيع البترول بمافوق ١٠٠ دولار , وأضيف الى ذلك بان المملكة خفضت الانتاج الى ٧ مليون برميل عندنا انهارت اسعار البترول في عام ٢٠٠٨ , وهذا دليل على تعامل الاقتصاد السعودي على استغلال القمم واستغلال القيعان في زيادة الانتاج وتوفير الفائض لبناء مستقبل زاهر. وهدفي من هذه المشاركة هو الايضاح بأن هناك جوانب متعدده لأخذ قرار زيادة الانتاج اليومي للبترول , وليست فقط مبدأ مخزون وينضب وكأن السعر لا يتغير أو وكان البدائل لا يمكن ان توجد , فلو استغلت هذه الثروة النفطية لانتاج قوة اقتصادية صناعية بديلة تقلل من عبء الاعتماد على الثروة البترولية , لكانت سبب في متانة الاقتصاد كما حدث في دول اخرى مثل كوريا الجنوبية وسنغافورا , واسأل الله التوفيق لحكامنا لأخذ القرار السديد في استغلال هذه الثروة البترولية لاجيالنا ولمستقبل هذه البلاد.
الا تعتقد ان الاستهلاك الداخلي مبالغ به!!