وفقاً لآخر التطورات الحديثة في نظرية اقتصاديات الموارد الناضبة فإن العائد على ريال البترول وهو تحت الأرض يسمى: Capital gains (ارتفاع قيمة البترول). بينما عائد ريال البترول فوق الأرض يسمى معدل تكوين مصادر مستدامة للدخل للتعويض عن نضوب البترول. فإذا كان عائد ريال البترول فوق الأرض (معدل إيجاد المصادرالبديلة للدخل) أقل من عائد البترول تحت الأرض (ارتفاع قيمته) يجب تخفيض معدل استخراج البترول أوتدارك الأمرعاجلا - قبل فوات الأوان - بإعداد خطة تنمية حقيقية (ليست على الورق) تحتوي جداول وتواريخ رفع معدلات ايجاد (اي تنويع) المصادر البديلة للدخل لتتساوى مع معدل نضوب (استخراج) البترول.
حكومتنا الرشيدة بالغريزة كانت تعرف هذه البدهيات. ولذا أنشأت وزارة التخطيط في بداية السبعينيات من أجل وضع خطط التنمية لتحقيق التوازن بين المعدلين. فتضمّنت الخطة الأولى هدفين لاثالث لهما - غير المحافظة على القيم الاسلامية - هما: تنويع مصادر الدخل (اي ايجاد مصادر دخل بديلة للبترول) وتدريب المواطنين (اي ايجاد عنصر عمل وطني). لكن للأسف فشلت وزارة التخطيط فشلا ذريعا الى الحد الذي جعل وزير التخطيط بعد أربعين سنة يقول لنا بأن تقليل الاعتماد على البترول يحتاج لوقت. السؤال لمعالي الوزير هل يضمن لنا معاليكم بعد أربعين سنة أخرى أن يوجد لدينا حقل الغوار.
موضوعنا اليوم ليست الخطة وانما قيمة البترول تحت الأرض. من الناحية النظرية فإن قيمة المورد الناضب تحت الأرض تنمو باستمرار مع مرور الزمن تبعا لازدياد ندرة المورد كنتيجة حتمية لزيادة معدل الاستخراج عن معدل إضافة (كاكتشاف مثلا) كميات جديدة الى احتياطيات المورد.
السؤال الذي قد يوجهه القارئ الذكي هو: بغض النظر عما تقوله النظريات هل نستطيع تقدير (قياس) معدل نمو قيمة البترول تحت الارض؟
الجواب نعم يوجد طرق متعددة بعضها معقد وبعضها سهل انا مغرم بالسهل لأنه غالبا يؤدي نفس النتيجة اذا كان المحلل متمكنا من ادواته.
لقد عومل البترول على مدى المئة وخمسين سنة من عمره وكأنه مورد غير ناضب، وقد ساعدت الاكتشافات في عدة مناطق ( لاسيما الخليج)، واقتصار استخدام البترول في دول محدودة، وسياسات الدول المستهلكة على تجاهل مفعول الطبيعة في نمو قيمة البترول تحت الأرض.
لكن مع اطلالة القرن الواحد والعشرين بدأت عوامل الطبيعة تتغلب على الظروف المصطنعة فبدأ معدل نمو قيمة البترول تحت الارض يأخذ مساره الطبيعي (رغم المناورات البشرية) فتجاوز متوسط معدل نموه السنوي - وفقا لحساباتي - 12 % وسيستمر في التصاعد (ولن يعيق تصاعده في المستقبل المنظورغير ارتفاع تكاليف الاستخراج بسبب الاستنزاف الجائر).
بينما معدلات ايجاد مصادر دخل بديلة في بعض الدول المنتجة للبترول تكاد تقارب الصفر لأنه حتى المصادر التي تقول وزارة التخطيط انها تمدنا بمقدار 72 % من اجمالي الناتج القومي هي في حقيقتها هشة قائمة على ريال البترول وبمجرد قطع ريال البترول عنها ستنهار وكأنها لم تكن. هذا الوضع يفرض على وزارة التخطيط ان تغيّر نغمتها أو أن تقفل فاها بالضبة والمفتاح.
موضوع الأسبوع القادم - إن شاء الله - عن تقرير تشاثام هاوس Chatham house بعنوان: أزمة الطاقة المستترة (أوالمسكوت عنها) في السعودية.
موضوع مهم جدا و للأسف لا أرى اهتمام كافي له من قبل الإعلام السعودي و الحكومة. الحل سيكون على جهتين، الأولى هي رفع عائد ريال البترول فوق الأرض و أعتقد أن العائق الأكبر أمام هذا الحل هو أننا دولة تعتمد على العمالة و الكفاءات الأجنبية الرخيصة و مهما أنفقنا في تعليم و تدريب أبناءنا لن نستفيد لأن البديل الرخيص موجود. أما الجهة الثانية فهي تحجيم إنتاج النفط و العقبة الكبرى أمام هذا الحل هي الإستهلاك المحلي الذي ينمو بشكل كبير و يتخذ أسوء درجات الفاعلية التي تصل إلى حد التبذير
ستحكامنا الاجيال عن ذلك لا من بقائه فى مكامنه
الربع مستعجلين ما اعرف ليه