تعتبر حوكمة الشركات مصطلح جديد كعلم وعمل في قطاع الأعمال , أي انه لم يتبلور ويأخذ حيز كبير من البحث والدراسة والاهتمام إلا بعد عمليات الفساد الكبيرة التي حصلت في شركة ايرون قبل اكثر من عشر سنوات , إلا انه في واقع الحال حوكمة الشركات أو الحوكمة بمفهومها العام تعتبر قديمة لكنها لم تأخذ طابع الاحترافية او التنظير سواء التنظير الاكاديمي او العملي في قطاع الاعمال إلا في مرحلة لاحقة.
الحوكمة في الواقع تنبع من عدة مصادر بعضها يستمد من الانظمة والقوانين والبعض الاخر من الاعراف الموجودة , او من الاخلاق العامة لأصحاب القرار في المنشاة.
وكل مصدر من هذه المصادر يعتبر موضع بحث بحد ذاته. وهو ما لا يمكن التوسع فيها حالياً , وسيكون تركيزنا على الانظمة الصادرة فقط , حيث انه وعند الرجوع الى نظام الشركات او نظام المحكمة التجارية السعودية نجد ان هناك مواد نظامية تحمل نفس ذات الروح التي تحملها مواد لائحة حوكمة الشركات الاسترشادية الصادرة من هيئة السوق المالية. وهو ما يثبت ان الحوكمة ليست بالحديثة كتنظيم في المملكة العربية السعودية ولكنها حداثتها تمكن في استقلاليتها كعلم او مسار اكاديمي متخصص , بالإضافة الى تخصيص الكثير من الجامعات الاوروبية والأمريكية مواد أكاديمية متخصصة في هذا الشأن, بالإضافة الى البحوث الاكاديمية سواء بحوث الماجستير او الدكتوراه فهناك كم هائل من البحوث المتعمقة في هذا الشأن , ومقالات محكمة. وكل بحث منها ينفرد في دراسة جزئية معينة من هذا العلم , ومن الملاحظ ان هذه البحوث قد تكون معمولة من طلاب كليات ادارة الاعمال او من كليات القانون. فهذا العلم يحمل في طياته ابعاد نظامية وأبعاد اخرى مالية واقتصادية. ويمكن اجراء الدراسة من الجانبين لا ضير في ذلك.
يعاب على حوكمة الشركات انه غير مبحوث بشكل موسع في عالمنا العربي , فقلما تجد بحوث اكاديمية او مقالات محكمة تغوص في أبعاد هذا العلم, والذي يحمل في طياته بعض الابعاد الانسانية لأنه يسهم وبشكل فعال في المحافظة على رؤوس اموال الشركات وبالتالي الحفاظ على اموال وممتلكات المستثمرين فيها وذلك عن طريق فرض رقابة ذات مستوى عالي من الشدة وقد تصل الى انزال عقوبات على اصحاب القرار والمتمكنين في هذه الشركات نظير إهمالهم او عدم قيامهم بمهامهم المنوط بهم على اكمل وجه.
فهناك الكثير من الحالات المنتشرة في البلد التي توحي بوجود تقصير من بعض اعضاء مجالس ادارات بعض الشركات او من بعض الرؤساء التنفيذيين او محاباة لمصالحهم الشخصية على حساب مصالح المساهمين اصحاب المال في هذه الشركة. لكن بحث ذلك وإثباته يحتاج الى تدخل من السلطة العامة.
ومما يجدر التنبيه اليه ان المساهمين او حملة الاسهم هم اولى الناس بمتابعة اموالهم وحركتها في هذه الشركات. وهذا محل بحث بحد ذاته ويحتاج الى تطوير وتثقيف كبير لحملة الاسهم سيتم التطرق له لاحقاً بإذن الله.