صناعة البتروكيماويات إلى أين؟

25/01/2012 25
محمد العمران

شهدت صناعة الغاز الطبيعي في السنوات الأخيرة تطوراً جوهرياً تمثل في اكتشاف الولايات المتحدة الأمريكية تقنيات جديدة وقليلة التكلفة لاستخراج الغاز من الصخور "المعروف مجازاً باسم الغاز الصخري"، مما أدى إلى زيادة كبيرة في كميات إنتاج الغاز الصخري مدعوماً بزيادة أكبر في المخزونات القابلة للاستخراج تقنياً، كانت نتيجته انخفاض الأسعار العالمية للغاز الطبيعي بشكل مروع من قرب 14 دولارا في منتصف عام 2008م إلى نحو 4.30 دولار في تموز (يوليو) الماضي ثم إلى ما دون 2.40 دولار في الأسبوع الماضي.

ماذا يعني ذلك؟

هذا يعني أن صناعة الغاز الطبيعي في العالم دخلت منعطفاً مهماً مع بدء إنتاج الغاز الصخري بكميات تجارية ووجود مخزونات ضخمة منه على أراضي أكبر الدول المستهلكة للطاقة في العالم تكفيها لعقود من الزمن (دون النظر إلى المصادر التقليدية للغاز الطبيعي ودون النظر إلى مصادر الطاقة الأخرى مثل النفط والفحم الحجري)، والأهم من ذلك أن مصنعي البتروكيماويات في الدول المتقدمة أصبح بمقدورهم الآن الحصول على الغاز بكميات ضخمة وبأسعار منخفضة وهو ما سيضعف من الميزة التنافسية التي تتمتع بها مصانع البتروكيماويات في منطقة الخليج العربي عن منافساتها حول العالم، بل ربما تفقدها إن واصلت أسعار الغاز الطبيعي هبوطها مستقبلاً - وهو احتمال كبير على أي حال.

ما يؤكد ذلك هو الاتجاه الهبوطي الذي سلكته الأسعار العالمية للبتروكيماويات عموماً في النصف الثاني من العام الماضي وزيادة حركة نقل الغاز الطبيعي بين دول العالم بشكل كبير خلال العام الماضي، إضافة إلى قيام وزارة البترول والثروة المعدنية أخيراً بتأجيل اتخاذ القرار حول موضوع رفع أسعار اللقيم عاماً واحداً فقط على بعض الشركات البتروكيماوية (المنتهية عقودها للحصول على لقيم الغاز مع نهاية عام 2011م) حتى تتضح الرؤية بشكل أفضل حول ما ستكون عليه السوق العالمية للغاز الطبيعي مستقبلاً، وهو بالتأكيد قرار حكيم وفي مرحلة حساسة تمر بها صناعة البتروكيماويات.

بقي أن أشير إلى أن وضع صناعة البتروكيماويات في المملكة حتى الآن مطمئن - ولله الحمد - لكن إن استمر هبوط الأسعار العالمية للغاز الطبيعي مستقبلاً لما دون الدولار على سبيل المثال، فأعتقد أن الميزة التنافسية لصناعة البتروكيماويات في المملكة ستتلاشى كلياً وسيجعل مستقبلها على كف عفريت دون مبالغة. إن حصل ذلك فعلاً فمن المتوقع أن تحصل أمور غريبة قد لا يتخيلها أحد في هذا الوقت، كأن نجد تحول إنشاء المصانع البتروكيماوية الجديدة نحو الدول ذات المخزون الضخم من الغاز الصخري بعيداً عن منطقة الخليج، وكأن نجد وزارة البترول والثروة المعدنية تفكر في خفض أسعار اللقيم بدلاً من رفعها، وربما أمور لم نفكر فيها حتى الآن