إنـه حقـا عبقـري !!

10/08/2009 5
سليمان المنديل

دعوني لا أترككم معلقين، تخمنون من هو ذلك العبقري، فهو شخص واحد، أو أكثر، عمل، وألف، وصمم نظام الصحافة السعودية، وكان ذلك في منتصف عقد الستينات الميلادية، أي قبل أكثر من أربعين سنة، ومع ذلك فإن ذلك النظام ما زال فعّالاً بعد كل تلك السنوات، وإليكم أهم ملامح عبقرية ذلك الشخص (أو الأشخاص).

* أعيد تنظيم الصحف السعودية على شكل مؤسسات صحفية، ومنح بعض الوجهاء فرص المساهمة كمساهمين، وربما أن التفكير الأصلي كان في أن يحمّـل أولئك المساهمون، مسؤولية ما يكتب في تلك المؤسسات الصحفية من مواد إعلامية، مقابل الامتياز الممنوح لهم.

ولكن من حسن حظ أولئك المساهمين، (وهذا من نعمة الله عليهم)، أن وزارة الإعلام قد سحبت منهم مسؤولية مراقبة الصحف، وبقي المساهمون، وهم قلّة، يتمتعون بالنتائج المالية لتلك المؤسسات المحدودة العدد، بدون أي مسؤولية مادية، أو معنوية.

* لأن عدد تلك المؤسسات لا يتعدى أصابع اليد، فإن ذلك بحد ذاته عنى أن فرص التوظيف لمن يعمل فيها، بدءاً من رئيس التحرير، ونوابه، وحتى الرقيب، ومصفف الحروف، هي فرص محددة، ولو أخطأ أي منهم، وأزاحته وزارة الإعلام، فلن يجد فرصاً بديلة، ولذلك أصبح كل من يعمل في المؤسسات الصحفية رقيباً ذاتياً، همه حماية مصدر عيشه، وليس بالضرورة اقتناعا بالمبدأ. وسيستمر ذلك الوضع طالما أن عدد المؤسسات الصحفية (ومن ثم فرص التوظيف) محدودة.

أقول ما قلته نتيجة خبرة مباشرة في الكتابة في الصحافة السعودية، سواء الموجودة داخل المملكة، أو الموجودة خارجها، وللتدليل على ذلك، أود الإشارة إلى الجدل الذي دار بيني وبين الرقيب في إحدى الصحف، عندما تضمن أحد مقالاتي جملة "شهوة التسلط"، وكان الرقيب يفاوضني على كلمة "شهوة"، ويسألني عن إمكانية تغييرها، لأن فكر الرقيب قد ذهب مباشرة إلى الشهوة الجنسية، ولم يتذكر أن هناك شهوات أخرى عديدة، منها شهوة الأكل، والسفر، ولعب البلوت،... إلخ أيضاً.

مساهمو المؤسسات الصحفية السعودية محظوظون، بسبب ذلك العبقري الذي عمل، وكدّ، واجتهد، قبل أربعين سنة، ووفر لهم فرصاً استثمارية مربحة، بدون عناء، أو مشقة، فهل تتوقع منهم أن يتكرموا بتقديم أضحية عن روح ذلك العبقري؟!.