أشار تقرير لشركة مشاريع الكويت الاستثمارية لادارة الاصول حول الانفاق العام في الكويت إلى ان الانفاق الراسمالي خلال الأشهر الخمسة الاولى من الميزانية العامة للدولة للسنة المالية 2012/2011 بلغ عشرة في المائة من اجمالي الانفاق الفعلي المتحقق. وقد يكون هذا التقرير مفاجئاً للكثير من المراقبين الذين عولوا الكثير على الانفاق الرأسمالي لانتشال الاقتصاد من حال الركود، الا ان اي متابع جيد لعمليات الانفاق العام في الكويت لن يستغرب ذلك اطلاقاً، هناك الكثير من العقبات والعراقيل الادارية والتنفيذية، سواء لدى الحكومة او القطاع الخاص، التي تعطل امكانات تحسين نسبة الانفاق الراسمالي في البلاد من قيمة الانفاق الحكومي الاجمالي. بداية، يمكن القول ان عملية اتخاذ القرار تستغرق وقتاً طويلاً، كما انه بعد اتخاذ القرار وترسية المشروع، اي مشروع، تبرز عقبات ادارية وغيرها، ربما تبدو هينة الا انها في حقيقة الامر عصية في غالب الاحيان. كذلك، فان القدرات الاستيعابية للانفاق الهامة تتطلب دراسات واقعية قبل اعتمادها. وكما هو معلوم ان الانفاق الراسمالي في الكويت، والذي يعتمد على ما يخصص في الميزانية العامة للدولة، يخصص لاعمال المرافق العامة مثل الطرق واعمال الكهرباء والمياه والخدمات التعليمية والصحية وغيرها من خدمات.. وكما هو معلوم ان هذه الاعمال بموجب المعايير لا تدر اي عائد يذكر على الدولة بل انها تزيد من تكاليف الانفاق الجاري.
من جانب آخر، أوضح التقرير المشار اليه ان نسبة المصاريف الرأسمالية خلال السنوات المالية من 2007/2008 الى 2010/2011 تراوحت بين 8 و13 في المائة من اجمالي الانفاق العام. ولذلك، فان رفع هذه النسبة لن يكون ممكناً من دون تغيير معطيات الاوضاع الاقتصادية، او تقليص الانفاق الجاري، وذلك شبه محال.. وبناء على هذه الحقائق فان امكانات انجاز الخطة المعتمدة لن تكون واعدة.. تفترض الخطة انفاق 32 مليار دينار خلال فترة زمنية مدتها 4 سنوات، اي انفاق ما قدره 8 مليارات دينار في العام الواحد ويتوجب على الحكومة تحمل 50 في المائة من قيمتها. اذاً، ان من واجب الحكومة ومجلس الامة القيام بمراجعات مهمة لفلسفة الخطة واعادة النظر في المخصصات المقررة لها والعمل على تحديد الاهداف على اسس اكثر واقعية.. ومن اهم الامور النظر في مدى جدوى المشاريع المحددة في الخطة وملاءمتها للاقتصاد الكويتي، وكذلك توريط البلاد في مشاريع ليس من ورائها فوائد اجتماعية واقتصادية. يمكن للمرء ان يزعم بان هذه الحقائق والبيانات تكشف مدى ضعف الدراسات والتسرع في القرارات، سواء من الحكومة او مجلس الامة، واعتماد الميزانيات من دون مراجعات مستحقة.. ان الانفاق الراسمالي يمثل اهمية لاي اقتصاد متطور، ولذلك فان زيادته تستوجب تفعيل المؤسسات الاساسية في البلاد، العامة والخاصة، حتى تتحقق النتائج المرجوة.