الدليل المنير في خفايا الدين الأمريكي المثير!

01/08/2011 12
طارق البتيري

أنشغل العالم خلال الفترة الأخيرة بمناقشات موضوع رفع سقف الدين الحكومي في أمريكا وهي المرة الأولى، في اعتقادي، لهذا الانشغال الكوني إذ لم يهتمُ العالم بالموضوع بهذه الدرجة عند رفعه أخر مرة وربما لأنه حينذاك لم تقع بعد الأزمة العالمية الكبرى 2007-2010م التي بدأت بانفجار فقاعة المشتقات العقارية في أمريكا أواخر 2007م.

وقبل ساعات من كتابة هذا المقال، أتفق الأمريكيون على رفع السقف وذلك على مرحلتين: 1) رفعُه بحدود تريليون دولار عن طريق خفض النفقات الحكومية دون رفع الضرائب. 2) تشكيل لجنة مشتركة من الكونغرس بمجلسيه ومن أعداد متساوية من النواب الديمقراطيين والجمهوريين للنظر في تحديد بنود خفض المرحلة الثانية (بحدود تريليون دولار أخر) وذلك قبل نهاية نوفمبر 2011م. كما أتفق الحزبان على النظر في أمكانية تعديل دستوري بإلزامية الحكومة بعرض ميزانيات إنفاق متوازنة وتنفيذها.

وخلال تلك الحملة الشرسة، تبادل الحزبان الاتهامات عن المتسبب في حدوث هذا الدين الفلكي وزيادة سرعة وتيرة نموه خلال السنوات الماضية. ووسط هذا التراشق، فقد الكثيرون، ومنهم في المنطقة العربية، تركيزهم ومالت أهواءهم وأقوالهم وفق ما يحبون ويكرهون من القادة الأمريكيين وأفعالهم في منطقتنا.

وعندي محاولتي تبيان أسباب تراكم هذا الدين وعلى ساعةِ أيّ رئيس أمريكي تزايدت وتيرته، تمكنتُ بتوفيق من الله على حصول على مخطط بياني، وهو من إعداد موقع بلومبيرغ الشهير، يبين تطور أهم بندين في الميزانية الحكومية الأمريكية (النفقات العامة الحكومية وإيرادات الضرائب) وهما كانا محور نقاشات الحل الأخير وسيستمران كذلك ما دام نظام المراقبة والمسائلة مستمراً في الأنظمة الديمقراطية.

يوضح مخطط بلومبيرغ النفقات الحكومية (بالخط المنقط) منسوبةَ إلى الناتج المحلي الأمريكي وكذلك نسبة إيرادات الضرائب (بالخط المتصل) إلى ذلك الناتج وذلك لفترة 60 عاماً (1950-2010م)!!. وسببُ اختيار هذين البندين فقط من الناتج المحلي كون أن عناصره الأخرى تمثل نشاط القطاع الخاص الذي لا علاقة له بسيطرة الحكومة على نفقاته وإيراداته!!. كما أن المسؤولية الأخيرة لهذين البندين (النفقات الحكومية وإيرادات الضرائب) تتقاسمها الحكومة مع الكونغرس. ومن المفيد ذكره أن تقاطع هذين الخطين تعني موازنة النفقات الحكومية مع إيرادات الضرائب وهو الهدف الذي يسعى إليه التعديل الدستوري المقترح.

معلومة أخيرة قبل أن تتأملوا ما يوضحه لنا هذا المخطط عن الرؤساء الأمريكيين الستة خلال الفترة الأخيرة من المخطط التي بلغت حوالي 35 عاماً:

1) الرئيس-44/اوباما (2008-2012)،..

2) الرئيس-43/بوش الابن (2000-2008)،..

3) الرئيس-42/كلينتون (1992-2000)،..

4) الرئيس-41/بوش الأب (1988-1992)،..

5) الرئيس-40/ريغان (1980-1988)،..

6) الرئيس-39/كارتر (1976-1980)... ويمكن للمعنيين متابعة فترات الرؤساء الآخرين.

ما لذي يمكن استنتاجه؟.. بالنسبة لي يمكنني القول مطمئناً: أن الرئيس/اوباما هو أكبر المبذرين المسرفين خلال فترة الـ 60 عاماً الأخيرة وذلك لبلوغ الفجوة بين النفقات وإيرادات الضرائب أكثر من 10% من الناتج المحلي الأمريكي وبذلك تخطى فعل الرئيس/ريغان الذي بلغت نسبته حوالي 6%!! علماً بأن في عهد الأخير كانت هناك مبادرة الدفاع الإستراتيجي (حرب النجوم) ومصاريفها العالية والتي ساهمت بطريقة مباشرة بسقوط النظام الشيوعي وإلى الأبد!!.. أما بقية الاستنتاجات فأتركها للقراء الكرام كلّ حسب موقعه وقراءته للمخطط الواضح!!.. والله أعلم.