الطاقة الاحتياطية الفائضة لإنتاج البترول

16/07/2011 0
د. أنور أبو العلا

تحتفظ بعض الدول المنتجة بطاقة احتياطية فائضة لإنتاج البترول. كذلك تحتفظ بعض الدول المستهلكة بمخزون احتياطي استراتيجي من البترول. من الممكن استخدام الطاقة الاحتياطية الفائضة لدى الدول المنتجة أو الاحتياطي الإستراتيجي لدى الدول المستهلكة للتأثير في أسعار اسواق البترول. لكن يجب ملاحظة ان كل برميل من الطاقة الاحتياطية الفائضة ينزل الى السوق ستفقده الدولة المنتجة الى الأبد ولا يمكن ان يعود مرة اخرى الى البئر. بينما كل برميل من الاحتياطي الإستراتيجي ينزل الى السوق يمكن ان تعوضه الدولة المستهلكة في المستقبل بشراء برميل مماثل له من البترول وتخزينه في الصهاريج والكهوف الطبيعية التي يتم تجهيزها واعدادها لتخزين البترول تحت الأرض.

قبل اسبوعين (في زاوية السبت 1 شعبان 1432) تحدثنا قليلا عن دور استخدام الاحتياطي الإستراتيجي لدى الدول المستهلكة للبترول. أمّا في زاوية هذا السبت فسنتحدث قليلا عن دور استخدام الطاقة الاحتياطية الفائضة لدى بعض الدول المنتجة للبترول.

ان مجرد احتفاظ دولة منتجة بطاقة انتاجية احتياطية فائضة -رغم تكاليفها الباهظة- هو رسالة واضحة موجهة للعالم للتعبير عن حسن نية هذه الدولة ورغبتها الصادقة في التعاون التام مع الدول المستهلكة فيما يحقق مصالح كل من المنتجين والمستهلكين للبترول.

من الناحية النظرية يمكن استخدام الطاقة الاحتياطية الفائضة لتعويض نقص المعروض المؤقت الذي يحدث لظروف طارئة فتخفّف من حدة ارتفاع الأسعار في اسواق البترول. لكن من الناحية العملية يوجد عدة معوّقات تؤجّل (او تحد) من مفعول الطاقة الاحتياطية الفائضة في التأثير على الأسواق فعادة اذا كان النقص في المعروض حدث بشكل مفاجئ قد لا تستطيع الطاقة الفائضة ان تتجاوب بالسرعة الكافية لتعويض النقص في الوقت المناسب بسبب عوامل كثيرة بعضها عوامل فوق طاقة البشر تقتضيها الظروف الطبيعية لسلامة الآبار وبعضها عوامل ادارية بسبب الإجراءات الروتينية التي تستغرقها عمليات التفاوض والاتفاق على عقود الصفقات (كاختلاف وجهات النظر على النوعية والحجم ومقدار الخصم) ثم الوقت اللازم لوصول شحنات البترول المتفق عليها الى الأسواق.

لكن اذا كان سبب ارتفاع أسعار البترول ناتجا عن نمو الطلب الدائم (غير المؤقت) على البترول فإنه يجب عدم استخدام الطاقة الاحتياطية الفائضة لأن الحل السليم في هذه الحالة هو السماح للأسعار بأن تأخذ مسارها الطبيعي في الارتفاع التدريجي حتى لا يتعرض السوق العالمي للبترول لتشوهات خطيرة عندما تتلاشى الطاقة الاحتياطية الفائضة للإنتاج.

سنستعرض ليس على سبيل الحصر بل على سبيل المثال عيّنة صغيرة من هذه التشوهات التي ستتعرض لها اسواق البترول. اولا سيصبح لنفس البرميل الواحد المنتج من الطاقة الاحتياطية الفائضة اكثر من سعر واحد في وقت واحد كالتالي: سعر منخفض نسبيا في سوق العقود Contract Market وسعر مرتفع نسبيا في السوق الفوري Spot Market هذه الحالة تسمى السعر ذو الطبقتينTwo Tier Price. ثانيا وجود سعرين للبرميل الواحد احدهما اعلى من الآخر قد يغري بعض الشركات بشراء البترول في سوق العقود بالسعر المنخفض وبيعه في السوق الفوري بالسعر الأعلى فيحرم الدولة المنتجة من دخل بترولها لصالح الشركات. ثالثا قد يؤدي تلاشي الطاقة الاحتياطية الفائضة الى استخدام الطاقة الإنتاجية التسهيلية القصوى Surge Capacity مما قد يعرّض الآبار للخطر فيضطر المنتج الى خفض او حتى وقف الإنتاج لإجراء الصيانة وتفادي الأضرار. رابعا خفض الإنتاج المفاجئ سيؤدي الى قفزات متتالية في الأسعار الى الأعلى تسمى:Frog-hop Price movements (اي قفزات الضفادع).

اذن رغم ان الطاقة الإنتاجية الاحتياطية الفائضة قد تنجح في تهدئة أسعار البترول الناتجة من النقص المؤقت في معروض البترول الا انها ليست وسيلة للحد من ارتفاع الأسعار الناتجة من النمو المطرد للطلب على البترول.

لكن حتى نكون منصفين فإن مجرد احساس المتعاملين في السوق بأنه يوجد طاقة احتياطية فائضة جاهزة لتعويض النقص في المعروض سيكون له تأثير نفسي قد يؤدي (مجرد التلميح باستخدامها) الى تهدئة اسعار اسواق البترول حتى اذا لم يتم استخدام هذه الطاقة.

بينما اذا تم استخدام الطاقة الاحتياطية بالكامل فإنه سيخلق شعورا نفسيا لدى المتعاملين في اسواق البترول بأن الأسعار لا محالة سترتفع ويغري المضاربين على دخول أسواق البترول فيزدهر ال: Futures market (الأسواق المستقبلية).