تأسس بنك القاهرة كشركة مساهمة مصرية في مايو 1952 ويعد بنك القاهرة من أهم البنوك العاملة في مصر علي مستوي بنوك القطاع العام والخاص حيث يأتي في المركز الثالث من حيث حجم الأعمال وعدد الفروع والعملاء و لبنك القاهرة أكثر من 250 فرعاً و وحدة مصرفية على مستوى الجمهورية و لقد تردد في الآونة الأخيرة رغبة الحكومة لتحويل البنك الي بنك متخصص في تمويل المشروعات الصغيرة و المتوسطة حيث سوف تقوم الدولة بشراء البنك عن طريق عقد صفقة مباشرة مع بنك مصر صاحب ملكية بنك القاهرة .
و في تقديري الشخصي فإن السؤال الذي يجب أن نطرحة هو هل سوف يضيف تحول بنك القاهرة شئ الي قطاع تمويل المشروعات الصغيرة و المتوسطة و سوف أركز في الإجابة علي قطاع التمويل الأصغر حيث أنه الأكثر أهمية للتأثير المباشر في محاربة الفقر و مساعدة الفقراء و للإجابة علي هذا السؤال دعونا أولا نحلل ما وصل إلية بنك القاهره من نتائج و أرقام في مزاولتة لنشاط التمويل الأصغر فحسب ما جاء بتقرير الهيئة العامة للرقابة المالية عن صناعة التمويل الأصغر في مصر عام 2010 فإن بنك القاهره يمارس الإقراض الصغير منذ عام 2001 و يمتلك محفظة نشطة تقدر ب 99 ألف عميل و يبلغ حجم المحفظة النشطة حوالي 332 مليون جنية مصري ما يعادل 6.8 % من عدد المقترضين النشطين للإقراض الصغير في مصر و 15.2% من إجمالي قيمة المحفظة النشطة للإقراض الصغير في مصر و بمقارنت تلك الأرقام مع محافظ مؤسسات الإقراض الصغير المصرية التي تعمل في مجال الإقراض الصغير حسب ما جاء بة التقرير الإقليمي للتمويل الأصغر – مصر الصادر عن الشبكة العربية للتمويل الأًصغر – سنابل فإن لجمعية رجال الأعمال و المستثمرين بالدقهلية محفظة في نهاية عام 2009 تقدر ب 104 ألف عميل و جمعية رجال الأعمال بالأسكندريه محفظة تقدر ب 135 ألف عميل و جمعية رجال الاعمال بأسيوط محفظة تقدر ب 368 ألف عميل و لمؤسسة التضامن محفظة تقدر ب 91 ألف عميل و من عرض الأرقام السابقة يتضح أن ما وصل إليه بنك القاهرة من نتائج في مجال صناعة التمويل الأصغر في مصر هي نتائج ليست بالمرضية إذا ما وضع في الإعتبار مقدار إنتشار البنك في كل أنحاء مصر فالبنك يمتلك أكثر من 250 فرع كما أنه لم يتعرض لأزمات السيولة و التمويل التي تعرض لها سائر الجمعيات الأهلية في تلك الفترة و بإجراء عملية حسابية صغيرة سوف نجد أن نصيب كل فرع من فروع بنك القاهرة من إجمالي محفظتة هو ( 99000/250 فرع) 396 عميل فقط بعكس مثلا متوسط نصيب الفرع من اجمالي المحفظة النشطة في جمعية رجال الأعمال بالدقهلية ( 104000/ 9 فروع ) 11555 عميل و كذلك في مؤسسة التضامن ( 91000/ 23 فرع) 3956 عميل و تدل تلك الأرقام علي أن نشاط التمويل الأصغر في بنك القاهره هو نشاط متدني للغاية و أن ما يعمل علي ظهور محفظة البنك بأرقام ربما تكون كبيرة أنها أرقام تجميعة لجميع الفروع الموجوده علي مستوي الجمهورية و لكن محفظة كل فرع علي حدى لا تساوي إلا محفظة لمسئول إقراض واحد في مؤسسات التمويل الأصغر الكبيرة .
و عند سؤال الأستاذ مجدي موسي خبير التمويل الأصغر المصري ورئيس قطاع التمويل الأصغر في الصندوق الاجتماعي للتنمية في حوار لة مع موقع البوابة العربية للتمويل الأصغر عن رأية في تحول بنك القاهرة الي بنك متخصص في تمويل المشروعات الصغيرة أفاد سيادته ( مازالت المشروعات الصغيرة في مصر تعاني من ضعف الاهتمام بها وغياب التوجه الاستراتيجي نحوها ففي حين تكونت هيئات مختصة بشئون المشروعات الصغير في بلاد أخري مثل ماليزيا وسنغافورة وتمكنت هذه البلاد من تحقيق طفرة اقتصادية عَزَتها معظم التقارير إلي نجاحها في وضع سياسات تدعم نمو المشروعات الصغيرة وتهيئة المناخ المناسب لها وربطها بمنظومة المشروعات المتوسطة والشركات الكبيرة في شتي القطاعات، لذلك فإن تخصص أحد البنوك في تمويل المشروعات الصغيرة يعد خطوة هامة في الاتجاه الصحيح ولكنها ليست كل شيء؛ فالمهم أن تتناسب قدرات هذا البنك مع ما هو مأمول منه وفقًا لخطة استراتيجية عامة يتم وضعها ومتابعتها من خلال جهة مختصة كما يجب أن يتم التنسيق بين ما يقدمه البنك من خدمات مالية للمشروعات الصغيرة وما يمكن أن تقدمه جهات أخري من خدمات غير مالية لهذا القطاع .أما أن يتم نفس الشيء للمشروعات متناهية الصغر فإن هناك بنوك تقوم حاليًا بالإقراض المباشر للمشروعات متناهية الصغر مثل بنك القاهرة وبنك مصر وبنك الإسكندرية وبنك الإمارات "الوطني سابقًا" و التحول إلى تخصيص بنك واحد فقط لهذا النشاط لن يغير من الوضع القائم كثيرًا ما لم يتم وضعه في إطار استراتيجي كما أشرت سابقًا.)
الخلاصة :-
1. إن قطاع التمويل الأصغر في مصر يعاني من بيئة قانونية لا تساعد علي مزاولة نشاط التمويل الأصغر بسلاسة و الأهم من دخول لاعبين جدد في القطاع هو العمل علي تهيئة البيئة القانونية للاعبين الموجودين فعلا في القطاع حيث أنة في مصر ستة مؤسسات كبيرة تمارس التمويل الأصغر و جميعها تمارسة بصورة أكثر مهنية و جودة أعلي من بنك القاهرة و الأرقام هي التي تتحدث بذلك .
2. الحكومة ليست جهه إستثمارية تريد أن تدخل سوق التمويل الأصغر المصري فهو سوقها بالفعل و عليها أن تمارس دور المنظم الفعال لمجريات السوق فالأنفع أن تعمل الحكومة علي دعم المؤسسات المصرية العاملة في الصناعة فعلي سبيل المثال مثلا منذ سنتين تعرضت معظم الجمعيات الأهلية التي تعمل في الصناعة في مصر الي أزمة تمويل و لم تعمل الحكومة علي حل تلك الأزمة و لكنها للأسف مارست و مازالت تمارس الضغوط علي ممارسي التمويل الأصغر في مصر عن طريق وزارة الشئون الإجتماعية و علي من لا يعرف ما تمارسة تلك الوزارة من ضغوط يرجع الي جهل موظفيها بطبيعة التمويل الأصغر و طبيعة مؤسساته أن يسأل و يستفسر من تلك الجمعيات و سوف يجد أشياء لا يقبلها عقل تمارس من قبل وزارة الشئون الإجتماعية علي تلك الجمعيات .
3. هل تريد الحكومة من دخولها كممارس للإقراض في السوق الإستحواذ علي الدعم الفني و المالي و التي تقدمة بعض الجهات الداعمه الدولية و أولها هي حصول البنك علي 200 مليون دولار قيمة منحة سعودية ضمن حزمة المساعدات السعودية لمصر .. هل تريد الحكومة ذلك ؟ أو هو مفروض عليها لتلقي تلك المنح ؟ لا أعلم ، علي العموم الوقت مازال مبكر للحديث حول ذلك.
4. يوجد في مصر جهه حكومية تقدم التمويل للمشروعات الصغيرة و المتوسطة فعلا و هي الصندوق الإجتماعي فلماذا تحتاج الحكومة الي تعدد الجهات التي تقدم من خلالها التمويل طالما أنه لديها جهه منوطة بهذا النشاط فعلا و الخوف أن يكون طرح فكرة تحول بنك القاهرة الي بنك متخصص في التمويل الأصغر و المتوسط هو للإستهلاك الإعلامي فقط و لتهدئة الرأي العام .
5. يمارس بنك القاهرة الإقراض الصغير و لم يمارس الإقراض متناهي الصغر ( الإقراض الجماعي ) و هو الأهم في عمليات الوصول للفئات الأكثر إحتياجاً فهل سوف يمارس فيما بعد الإقراض المتناهي الصغر ؟ .
علي العموم فإنه ليس من الغضاضة أن تمارس الحكومة دور المقرض المباشر في سوق التمويل الأصغر المصري و لكنها يجب أولا أن تنتبة لدورها الأساسي و هو دور المنظم في السوق حيث أنه توجد جهات متعددة للإقراض و لكن لا يوجد غير منظم واحد فقط يجب علية أن يعمل بفاعلية.