تجربة العمل في القطاعين الحكومي والخاص

29/05/2011 5
سليمان المنديل
3 – المجموعة السعودية للاستثمار الصناعي هذه هي المحطة الثالثة، والأخيرة، عن تجربة العمل في القطاعين، وسأنهي المقال بالإجابة عن سؤال هام حولهما:

في عام 1985 كان الجيل الأول من مشاريع سابك قد بدأ مرحلة الإنتاج، ولم يكن متوقعاً قدرة القطاع الخاص على تنفيذ مشاريع مماثلة، ولكن الشيخ أحمد الجفالي، رحمه الله، لم ير في ذلك عائقاً، وأسس مجموعة قوامها 80 رجل أعمال، وشرعوا في دراسة فرص الاستثمار في قطاع البتروكيماويات، وانتهى ذلك الجهد بعد عشر سنوات بتأسيس شركة المجموعة السعودية، كأول شركة بتروكيماويات يملكها القطاع الخاص، ونتيجة لذلك القرار الجريء، نجد اليوم 14 شركة مساهمة عاملة في ذلك المجال، وتشكّـل تداولات أسهمها ربع سوق الأسهم السعودية.

العمل في ذلك المجال، وخصوصاً بوجود شركاء أجانب، أتاح لي تعلم عدد من الدروس الهامة، ومنها:-

1– الشراكات الدولية تحتاج اليوم طاقماً متخصصاً من المحامين، ولم يعد كافياً الاتفاق على مبادئ الشراكات فقط.

2– يسهّـل نجاح الشراكات الدولية الاقتناع بمبدأ "أنت تكسب، وأنا أكسب"، أي أن تكون عادلاً، وألا تحاول تعظيم فائدتك على حساب الطرف الآخر.

3– الاهتمام بمبدأ الأمن والسلامة، هو أمر مقدّس في صناعة البتروكيماويات، ولابد من تدريب وتذكير العاملين دائماً وأبداً بذلك، ومن ثم يربط الجزء الأكبر من المكافآت والحوافز المالية بذلك المبدأ.

4– إدارة شركة مساهمة تعمل في مجال البتروكيماويات هي عملية سهلة من حيث أن الأطراف التي تتعامل معها هي أطراف ذات مهنية عالية، مثل شركة أرامكو، والهيئة الملكية للجبيل وينبع، وصندوق الاستثمارات العامة، وصندوق التنمية الصناعية، وكذلك العملاء، ولكن الصعوبة تكمن في المسؤولية تجاه المساهمين، والذين لهم مطالب محقّـة في طلب تحقيق عوائد مجزية على مساهمتهم، وكذلك حاجتهم للحصول على أكبر قدر من المعلومات، وكل ذلك يخلق ضغوطاً على إدارة الشركة المساهمة.

أخيراً، أود طرح سؤال مهم، وهو لو توفرت لشاب اليوم فرصتيّ عمل، في القطاع الحكومي، أو الخاص، فأيهما أنصح به؟؟ للجواب دعوني أعود إلى ثلاثة عقود مضت، عندما عمل جيلنا في الحكومة، ففي ذلك الوقت كان القطاع الحكومي هو الموظِف الأكبر، وكان القطاع الخاص ضعيفاً، مكوناً أساساً من شركات عائلية لا تحرص على توظيف السعوديين، وكان الجهاز الحكومي يمثل ورشة عمل من مشاريع بنية أساسية ومشاريع إنتاجية وتأسيس شركات مساهمة محلية ودولية، مما أتاح فرص تدريب جيدة، وفوق كل ذلك، وبالرغم من تواضع الرواتب، إلا أن قدرتها الشرائية كانت أعلى بكثير مما هي عليه اليوم.

أما اليوم، فقد انقلبت الصورة تماماً، فالقطاع الخاص نشِط، وبالمقابل فالقطاع الحكومي مترهل، وتكاليفه تتزايد يوماً بعد يوم، ومن ثم فإن فرص التدريب هي أفضل في القطاع الخاص والحوافز المادية أفضل، بل إنني أتعجب من قدرة موظف الحكومة المتزوج اليوم على تدبير أموره المالية، وأحياناً أتسائل: هل يسعد القطاع الخاص تردّي الأوضاع المالية للموظف الحكومي، مما يسهل وجود عمليات رشوة؟؟! هي نظرية المؤامرة، مرة أخرى.