كما ذكر في المقالات السابقة، فإن الاقتصاد العالمي لا يتحمل أسعار نفط كتلك التي سادت في الشهرين الأخيرين، وأقصى ما يمكن أن يتحمله هو 80 دولارا للبرميل. وهذا السعر لا يتناسب مع ما تريده السعودية فقط، إنما مع ما تريده شركات النفط العالمية. فكلتاهما تريدان عائدا مجزيا على المدى الطويل، الأمر الذي يتطلب أسعارا تضمن استمرار الطلب على النفط.
وأكدت البيانات التي صدرت في الأسبوع الماضي هذه النتيجة، حيث انخفض الطلب على النفط وفقا لتقارير وكالة الطاقة الدولية وإدارة معلومات الطاقة الأمريكية وغيرهما مثل البنوك الاستثمارية، كما قامت هذه الهيئات بتخفيض توقعاتها للنمو في الطلب على النفط في عام 2011 نتيجة ارتفاع أسعار النفط.
فقد أشارت وكالة الطاقة الدولية في تقريرها الشهري، الذي أصدرته في الأسبوع الماضي، إلى انخفاض الطلب على النفط في الدول المتقدمة نتيجة ارتفاع أسعار المشتقات النفطية، خاصة البنزين، كما قامت بتخفيض توقعاتها للطلب على النفط عام 2011 بنحو 200 ألف برميل يوميا.
وذهبت إدارة معلومات الطاقة في الاتجاه نفسه، حيث خفضت توقعاتها بأكثر من 120 ألف برميل يوميا لعام 2011 مقارنة بتوقعات الشهر الماضي. وذكرت الوكالة أن متوسط استهلاك البنزين في الأسابيع الأخيرة انخفض بمقدار 2.4 في المائة، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. وأكدت هذه البيانات شركة ماستر كارد التي تتابع إنفاق المستهلكين على سلع مختلفة، بما في ذلك البنزين.
أما ''أوبك'' فإنها لم تغير توقعاتها وأبقتها كما كانت عليه في الشهر السابق، وهو أمر لا يمكن أن يستمر لأنه بناء على أرقام ''أوبك''، فإن عليها أن ترفع الإنتاج، في وقت تنخفض فيه الأسعار. لهذا فإن ''أوبك'' قد تصحح توقعاتها في الشهر المقبل، وتخفض الطلب على النفط. ويذكر أن البيانات الأخيرة، بما في ذلك التي أصدرتها ''أوبك''، توضح أن دول ''أوبك'' لم تستطع أن تعوض عن خسارة النفط الليبي بالكامل، الأمر الذي يفسر بقاء أسعار النفط مرتفعة في نيسان (أبريل) الماضي.
أثر ارتفاع أسعار النفط في الطلب
عادة ما يؤدي ارتفاع الأسعار إلى أمرين، الأول شراء البديل، والآخر انخفاض الدخل، الأمر الذي يخفف من الإنفاق على المشتقات النفطية، وبالتالي تخفيض الطلب عليها. وكما يعلم القراء، فإن أغلب النفط المستهلك في الدول المتقدمة يتم استهلاكه في قطاع المواصلات على شكل مشتقات نفطية مثل البنزين والديزل والكيروسين، وبما أنه ليس هناك بديل مباشر لهذه المشتقات على نطاق واسع، فإن البعض يستنتج أن الطلب على النفط لن يتأثر مع ارتفاع الأسعار. لكن الواقع أن بدائل المشتقات النفطية عديدة ولا تقتصر فقط على الوقود: استخدام المواصلات العامة والمشي وقيادة الدراجات الهوائية ومشاركة عدة أصدقاء سيارة واحدة وقصر قيادة السيارة على الرحلات الضرورية يعد من البدائل، وأغلبها بدائل رخيصة ومتوافرة، حتى على المدى القصير. ويضاف إلى ذلك ما يمكن أن يحدث على المديين القريب والمتوسط: استبدال السيارة الكبيرة بسيارة صغيرة، والانتقال للعيش بالقرب من مكان العمل، والاعتماد بشكل أكبر على الإنترنت والهاتف للقيام بعمليات كانت تتطلب قيادة السيارة إلى مكان ما للقيام بها. الواقع يشير إلى أن كل ما سبق ذكره حصل بطريقة أو بأخرى في الولايات المتحدة.
وتشير بيانات دول مختلفة إلى أن انخفاض الطلب على النفط يتكون من جزءين، ويختلف نصيب كل جزء حسب مدى ارتفاع الأسعار وسببه. الجزء الأول يمكن عودته مجرد انخفاض أسعار المشتقات النفطية. مثلا، إذا قام الشخص باستخدام المواصلات العامة بسبب ارتفاع أسعار البنزين، فإنه يمكن أن يعود إلى قيادة سيارته متى انخفضت أسعار البنزين. وهناك جزء لا يمكن استرداده على الإطلاق حتى لو انخفضت الأسعار، الأمر الذي يعني تحطيم أبدي لهذا الطلب، ومثال ذلك بيع السيارة القديمة الكبيرة المستهلكة للبنزين بشكل كبير وشراء سيارة أصغر وأكثر كفاءة في استخدام البنزين، أو الانتقال إلى بيت قريب من مكان العمل.
وذكر في مقالات سابقة أن أثر ارتفاع أسعار النفط في سلوك المستهلكين مربوط بالسياسات المالية والنقدية، وأن الوضع الحالي يختلف عن الفترة بين 2004 و2008 لأن الفترة الحالية تشهد تخفيضا في الإنفاق الحكومي والعسكري وانخفاضا ملحوظا في الدخول والإنفاق الاستهلاكي، لهذا فإن انخفاض الطلب على النفط في الفترات الأخيرة ثم انخفاض أسعار النفط يتناسب مع المنطق، ويوضح ضرورة قيام دول ''أوبك'' بزيادة الإنتاج لتخفيض الأسعار إلى مستويات تضمن عدم تحطيم جزء من الطلب على النفط للأبد.
لكن علينا أن نتذكر أنه رغم الانهيار الأخير في أسعار النفط، إلا أن الأسعار ما زالت في حدود 100 دولار في الأسواق الأمريكية وأعلى من ذلك بكثير في الأسواق الأوروبية، وأن هناك عوامل سياسية وفنية واقتصادية وطبيعية ما زالت تدعم هذا المستوى من الأسعار مثل الحرب الأهلية في ليبيا، وعدم قدرة ''أوبك'' على التعويض عن النفط الليبي بالكامل، والمشكلات السياسية في إيران، وتفجير خط أنابيب النفط في كولومبيا، وإضراب عمال النفط في الأرجنتين، والفيضان في ولاية لويزيانا الذي يهدد إنتاج النفط فيها، إضافة إلى الأنابيب والمصافي. هذه العوامل ستزيد من تحطيم الطلب على النفط، الأمر الذي يتطلب تدخلا من بعض دول ''أوبك'' لزيادة الإنتاج وتخفيض الأسعار قبل أن يستمر تحطيم الطلب على النفط وتنهار الأسعار فوق رأس الجميع.
وفي الختام لا بد من ذكر حقيقة مهمة، وهي أن الطلب الفعلي تاريخيا كان أقل من المتوقع بكثير. فإذا عدنا إلى توقعات نهاية الثمانينيات للطلب العالمي على النفط وقارناها بالأرقام الفعلية لوجدنا أن الأرقام الفعلية أقل من المتوقع بأكثر من عشرة ملايين برميل يوميا. أكرر، عشرة ملايين برميل يومياً! لا يمكن تفسير هذا إلا بـ ''تحطيم أبدي للطلب''.
صحْ يا بو فيصل التحطيمُ الأبدي للطلب على البترول بسببِ إرتفاع أسعاره هو الأخطرُ... رحم الله ظهرَ وبطن إللي جابوك.
بارك الله فيك يا استاذ انس هناك مشكلة اخرى ايضا ستؤثر علينا مع استمرار ارتفاع اسعار النفط ،،،، وهي تأثر الطلب ايضا على المنتجات البتروكيماوية وبالتالي سنرى تراجع جيد في اسعار هذه المنتجات وبالتالي تاثر شركاتنا البتروكيماوية والتي بدورها ستؤثر على السوق وهذا يعني تحقيق جزء من المتداولين لخسائر قد تؤثر على انفاقهم خصوصا مع اقتراب الإجازة
أرتفاع أسعار النفط يمثل خطر أخر ألا و هو تشجيع الأستثمار في المصادر الأخرى لتوليد الطاقة لمنافسة النفط.
تقرير أكثر من ممتاز وللأسف النظرة لسوق الأسهم وكل شى سوف يتأثر والأسعار كلها بإذدياد . المعيشة والأكل والشرب وكل شى . ربنا يسترها على الجميع الفقير والغنى بمعنى أوضح الطوفان قادم ولا يوجد أى إحتياط غير الدعاء والتوجة إلى اللة عز وجل . شكرا