تجربة العمل في القطاعين الحكومي، والخاص

15/05/2011 4
سليمان المنديل

1 – القطاع الحكومي عندما تلقيت دعوة من لجنة شباب الأعمال في الغرفة التجارية الصناعية بالرياض، لتقديم محاضرة، كان هناك أكثر من موضوع يمكن اختياره، أحدها هو موضوع التمويل من الصناديق الحكومية، أو التمويل من البنوك التجارية، أو موضوع الصناعة بشكل عام، أو صناعة البتروكيماويات بشكل خاص. ولكنني انتهيت إلى اختيار موضوع تجربة العمل في القطاعين الحكومي، والخاص، وسأكتب عن كل تجربة مقالا:-

أولا: تجربة العمل في القطاع الحكومي:

تكونت تلك التجربة من خلال العمل في ثلاثة مواقع، هي على التوالي:-

• صندوق التنمية الصناعية السعودي: وتنفرد تلك التجربة بأن الصندوق، والذي أسس في عام 1394، كان نتيجة فكر خلاّق، وفّر للصندوق ثلاثة ميزات، هي:-

1 – أوكل إلى بنك تشيس منهاتن الأمريكي مهمة تأسيس الصندوق، ومن ثم إدارته لمدة خمس سنوات، وهو ما أتاح للصندوق فرصة التأسيس على أسس مصرفية مهنية عالية.

2 – أعطي الصندوق كامل رأس ماله مقدما، وتلك مرونة تحسدها عليه باقي الأجهزة الحكومية، التي تصطف سنويا لدى وزارة المالية، للحصول على اعتمادات مالية.

3 – كان لدى بنك تشيس منهاتن برنامج تدريب مصرفيا معترف به عالمياً، استفاد منه منسوبو الصندوق، ولم يحتاج خريجو ذلك البرنامج إلى شهادات عليا، لكي ينجحوا في حياتهم بعد الصندوق.

ولكن مع الأسف أن تلك التجربة المتميزة، هي مهددة اليوم، بسبب هجمة بيروقراطية، وتحت ذريعة توحيد عمل الأجهزة الحكومية، أن تُغتال، بدلا من دراستها، والاستفادة من تجربتها، وربما تعميمها.

• صندوق الاستثمارات العامة: أسمي ذلك الصندوق بالجندي المجهول، لأن مشاركته في التنمية كانت الأكبر من أي صندوق آخر، سواء في تمويل صناعة البتروكيماويات، أو تكرير النفط، أو تقديم مساهمات الحكومة في الشركات المساهمة السعودية، والعربية المشتركة، والثنائية بين المملكة، ودول شقيقة، وصديقة، ولكن الصندوق موجود داخل وزارة المالية، ومن ثم لا يحظى بالتغطية الإعلامية التي يستحقها.

• وزارة المالية: عملي في صندوق الاستثمارات العامة قادني للمشاركة في أعمال الوزارة ذاتها، وانتهى بي الأمر وكيلا للوزارة، ورغم أنني أحتفظ بقصص كثيرة عن تلك التجربة، لا يتسع المجال هنا لسردها، بسبب محدودية المساحة، ولكنني سألخص مثالا ذكرته في المحاضرة، وهو أنني نبهت مبكرا في الوزارة بأنه بالرغم من تدريبي في الجامعة، وفي بنك تشيس منهاتن، بضرورة ألا أكتفي بعرض مشكلة ما، وإنما عليّ عرض المشكلة، ثم طرح الحلول، وأن أقترح أي من الحلول أوصي به، فإن العمل الحكومي كان يعني ألا تبدي رأيك، وإنما أن تعرض الموضوع فقط، ثم تختم المذكرة بجملة: آمل اطلاع معاليكم والتوجيه. وكان البعض يزيد على ذلك بجملة لا أحبها، ولم أكتبها قط، وهي "والرأي السديد ما يراه معاليكم"!!

وسأستعرض تجربة العمل في القطاع الخاص لاحقا.