يأبى البترول (الذهب الأسود) ان يودّع العالم قبل ان يثبت للعالم انه بريء من التهمة الموجّهة اليه اعتباطا بأنه مسؤول عن ارتفاع درجة حرارة الأرض ففي دراسة جديدة صادرة من جامعة كورنيل (جامعة كورنيل لها مكانة خاصة في قلبي لأسباب شخصية) فإن الغاز هو أسوأ مصادر الطاقة الأحفورية الثلاثة (الفحم والبترول والغاز) في زيادة حرارة الأرض.
نشرت ملخص الدراسة (ووضعت الروابط لها) جريدة نيويورك تايمز بتاريخ 12 ابريل 2011 توضّح ان الغاز - لا سيما الغاز الصخري - يسبّب الأحتباس الحراري أضعاف أضعاف ماينسب للبترول وبذا يصبح البترول هو أنظف كثيرا (بعكس ماهو شائع) من الغاز الطبيعي.
يقول مقال النيويورك تايمز المنشور بعنوان: «Methane losses stir debate on natural gas» وفقا للدراسة الصادرة من جامعة كورنيل ان تأثير الميثان الذي يتسرب الى الجو خلال مراحل انتاج ونقل الغاز الطبيعي اكثر بمقدار 25 (خمسة وعشرين) ضعفا من تأثير ثاني اكسيد الكربون في حدوث الاحتباس الحراري على مدى الـ: 100 عام.
كذلك استنادا على تقارير لجنة المناخ الحكومية IPCCC فإن تأثير الميثان اكثر 72 (اثنين وسبعين) مرة من تأثير ثاني اكسيد الكربون في حدوث الاحتباس الحراري على مدى الـ: 20 عاماً.
لكن المفاجأة المذهلة حقا هي ان معدّي الدراسة (البروفيسور Robert Howarth وزملاءه في جامعة كورنيل) يستشهدون في دراستهم بنتائج دراسة صادرة من NASA (وكالة الفضاء الأمريكية) تم نشرها في المجلة العلمية Journal Science في عام 2009 تشير الى ان تفاعل الميثان مع بعض الشظايا المتطايرة في الجو تجعل تأثير الميثان في رفع درجة الحرارة يزيد بمقدار 105 (اكرّر مائة وخمس) مرات عن تأثير ثاني اكسيد الكربون على مدى الـ: 20 (عشرين) سنة.
من حسن حظ البترول ان نسبة انبعاث الميثان من البترول (حتى من الديزل diesel oil) ضئيلة جدا مقارنة بنسبة انبعاث الميثان من الغاز الطبيعي (كما هو واضح للعيان في الصورة البيانية المنشورة بالألوان في مقال النيويورك تايمز). هذه الحقيقة تجعل معركة المناخ التي تدور رحاها في قاعات الأمم المتحدة تنتقل الى حرب بين الفحم والغاز لصالح الذهب الأسود.
لقد كانت منذ البداية - ولازالت - اتفاقية الأمم المتحدة للمناخ UNFCCC ومايصدر عنها من برتوكولات (كبرتوكول كيوتو) تراهن على ثاني اكسيد الكربون CO2 من أجل تبرير الاقتراح الذي تطالب به الجزر الصغيرة - تحت رعاية بعض الدول الكبيرة - باصدار وثيقة عالمية (تطبقها جميع دول العالم) تفرض مايسمى ضريبة الكربون على انتاج البترول. لكن كانت العقبة الوحيدة ضد فرض هذه الضريبة على البترول هي ان الفحم ينبعث منه ثاني اكسيد الكربون اكثر كثيرا ممّا ينبعث من البترول ورغم هذا يلاقي الفحم التشجيع والمعونات لإحلاله بدلا من البترول كلما أمكن ذلك.
لذا أخذت الجهات المتحيّزة ضد البترول تروّج للغاز على انه هو البديل النظيف (رغم انه لا يوجد فرق كبير بين البترول والغاز في انبعاث ثاني اكسيد الكربون) الذي يمكن ان تستخدمه نفسيا كفزاعة (أي بعبع) لتخويف الدول المنتجة للبترول بأنها ستستغني عن استخدام البترول وتتحوّل الى الغاز الطبيعي اذا لم تتجاوب الدول المنتجة بزيادة انتاج البترول.
هذه التطورات العلمية في مجال مصادر الطاقة التي تثبت كل يوم مزيّة جديدة للبترول تجعلني أزداد اعتقادا ان للبترول رباً يحميه، فبعد كارثة اليابان النووية (التي يقال انها اشد من كارثة تشرنوبيل) التي جعلت الطاقة النووية تتراجع سنوات كبديل يهدد البترول. ثم جاء الآن الدور على الغاز ليخرج من ساحة صراع البدايل فأصبح يوجد في داخلي احساس قوي ان الضحية القادمة هو الوقود الحيوي (البيوماس). ثم ماذا بعد هل سيأتي الدور على الشمسية والرياح ؟
لا - ليس الآن - ..! لأن الشمسية والرياح - بدري عليهما- فهما لا زالا وليدان يحبوان في المهد ولم يدخلا مجال المنافسة مع النّبيل وبالتالي لم يحن وقتهما بعد.
الجدير بالذكر ان هذه الدراسة (التي وجدتها في الأيميل) تم نشرها في النيويورك تايمز بتاريخ 12 ابريل 2011 أي بعد اسبوع واحد من التقرير المفصل (الذي وجدته في الأيميل أيضا) بتاريخ 5 ابريل 2011 الصادر من ادارة معلومات الطاقة EIA بعنوان: World Shale Gas Resources (موارد الغاز الحجري في العالم).
موضوع الأسبوع القادم - ان شاء الله - سيكون عن ال: Shale Gas (الغاز الحجري).
* رئيس مركزاقتصاديات البترول» غير هادف للربح»
شكراً جزيلاً يا د. أنور على النقلِ المفيد.. الغازاتُ المسببة للإحتباس الحراري عديدة ولكن أشهرها ثاني أوكسيد الكربون .. وهناك معادلة لحساب أثر وحدة الغازات المختلفة (طن مثلاً) مقاساً بأثر طن واحد من ثاني أوكسيد الكربون.. يعني مثل إسعار صرف العملات الأخرى مقابل الدولار.. والمشتغلون بأمر حماية البيئة يدركون، وقبل نشر خبر النيويورك تايمز، أن أثر غاز الميثان أشدُ ضرراً سواءً كان معامل التأثير (الصرف) 25 أو 72 أو حتى 105 إلى 1 من الكربون!!.. هل أزيدكَ من الشعر بيتاً؟؟ .. هل تعلمَ أن أثرَ وحدة غاز سادس فلوريد الكبريت (وهو من الغازات المتهمة بزيادة الإحتباس الحراري ويستخدمُ كثيراً في الصناعة) يعادلُ 37,300 مرة أثر وحدة مماثلة من ثاني أوكسيد الكربون!!!.. ومعادلة الصرف (التأثير) ستكون كالتالي: one unit of SF6 = 37,300 of one unit of CO2.. والسلام
أزيدكم من الشعر بيت هل تعلم أن أكبر كمية من الميثان تنبعث طبيعيا من من العمليات الحيوية (المستنقعات وفضلات الماشية) وليس من انتاج الغاز! وهذا يزيد تأكيدا أن الاحتباس ليس من صنع الإنسان. لكن ليس من العدل أن يقارن بين الميثان قبل حرقة والزيت بعد حرقه. نسبة الهيدروجين في الغاز أكبر منها في الزيت. والهيدروجين عند حرقه ينتج بخار الماء فقط.
كلامكَ صحيحٌ أخي الكريم/عبدالرحمن الحمدي حول أثر الإنسان في ظاهرة الإحتباس الحراري.. وكما يعلمُ الجميعُ أن روث البقر (أعزّكم الله) مصدرٌ كبير لغاز الميثان!!.. ولذلك كانت نصيحةُ وزير الخارجية الأمريكي السابق/جميس بيكر للهند لتقليلِ مساهمتها في ظاهرةِ الإحتباس الحراري: (Kill your cows)!!! .. والسلام