ماذا سيحصل لأسعار النفط إذا انخفضت معدلات النمو الاقتصادي في الولايات المتحدة؟ وماذا سيحصل لأسعار النفط إذا انخفض الطلب على البنزين والديزل بشكل ملحوظ نتيجة الارتفاع الكبير في أسعار النفط؟ وماذا سيحصل لأسعار النفط إذا تم فعلا تنفيذ خطة الرئيس الأمريكي باراك أوباما التي تم الإعلان عنها الأسبوع الماضي والقاضية بتخفيض الاعتماد على النفط بشكل كبير؟ وماذا سيحصل لأسعار النفط إذا تبنت الحكومة الأمريكية مشروع قرار يشجع على استخدام الغاز الطبيعي في السيارات بدلا من البنزين والديزل؟
من الواضح الآن أن احتمال انخفاض النمو الاقتصادي في الولايات المتحدة أكبر من ذي قبل، وأن طلب الأمريكيين على البنزين بالذات قد انخفض نسبياً بشكل ملحوظ. وهناك أدلة كثيرة تشير إلى أن الأمريكيين جادون أكثر من أي وقت مضى في مشاريعهم الرامية إلى تخفيض الاعتماد على النفط. أما مشروع قرار استخدام الغاز بدلا من البنزين والديزل في السيارات، فإنه أقرب إلى أن يصبح حقيقة من أي وقت مضى، والسبب ارتفاع أسعار النفط في الفترات الأخيرة من جهة، ورخص الغاز الطبيعي داخل الولايات المتحدة نتيجة وفرته من جهة أخرى.
التطورات السابقة تشير إلى أن أسعار النفط في خطر، حيث ليس هناك أي شك في أن انخفاض النمو الاقتصادي، وردة فعل المستهلكين على ارتفاع أسعار النفط، واستخدام الغاز في قطاع المواصلات ستخفض أسعار النفط في المستقبل، ربما إلى مستويات تنعكس سلبا على اقتصادات الدول المصدرة للنفط، التي زادت في إنفاقها في السنوات الأخيرة بشكل كبير.
في منتصف الأسبوع الماضي، صدر تقرير عن صندوق النقد الدولي تم فيه تخفيض توقعات الصندوق للنمو الاقتصادي في كل من الولايات المتحدة واليابان، كما تم فيه تخفيض توقعات نمو الاقتصاد العالمي عما كانت عليه في السابق. ويعود أغلب التخفيض إلى ارتفاع أسعار النفط. وتشير التقارير الأمريكية إلى انخفاض ملحوظ في استهلاك البنزين، ويؤيد ذلك ارتفاع عدد المستخدمين لوسائل المواصلات العامة والقصص المختلفة التي تنشرها أو تبثها وسائل الإعلام, التي تشير كلها إلى أن ارتفاع أسعار النفط بدأ يؤثر سلبا في الطلب عليه. وكان بنكا جولدمان ساكس وكريدت سويس قد أعلنا في الأسبوع الماضي، أن أسعار النفط وصلت إلى أعلى مستوى لها، وأنها ستبدأ بالانخفاض؛ لأن أسعار النفط المرتفعة أثرت سلبا في نمو اقتصادات العديد من الدول، خاصة الولايات المتحدة.
وفي بداية هذا الشهر الميلادي، أعلن الرئيس الأمريكي باراك أوباما في خطاب طويل نوعاً ما أن سياساته في مجال الطاقة تعتمد على تخفيض استخدام النفط والاستثمار في المصادر البديلة. وأشار في الخطاب إلى أن هدفه تخفيض واردات النفط بمقدار الثلث بحلول 2020. إذا تحققت خطة أوباما كما أشار، فإن التصرفات الأمريكية كفيلة بتخفيض أسعار النفط بأكثر من الثلثين، الأمر الذي سيؤدي إلى مشكلات ضخمة في الدول المصدرة للنفط. ويتفق الخبراء على أن خطاب الرئيس هذا ما كان ليجد آذاناً مصغية لولا الارتفاع الكبير في أسعار النفط في الفترات الأخيرة.
أما استخدام الغاز كوقود للسيارات فإن أثره السلبي في أسعار النفط سيكون كبيرا جدا. وكان المقال السابق قد ركز على وفرة الغاز في الولايات المتحدة وانخفاض أسعاره. هذه الوفرة في الإمدادات، وانخفاض الأسعار، ووجود لوبي قوي في واشنطن، قد يقنع الحكومة الأمريكية بتبني قوانين تشجع على استخدام الغاز الطبيعي كوقود في السيارات، خاصة سيارات الحكومات المحلية، والشركات الكبيرة. وتوجد حاليا سبعة مشاريع قوانين في الكونجرس هدفها إجبار الحكومة على توفير الإعانات اللازمة لتشجيع القطاع الخاص على التحول إلى سيارات تسير بالغاز الطبيعي، سواء كان غازا مضغوطا أم سائلا. ولعل أشهر هذه القوانين هو مشروع قانون رقم 1380، الذي تم الإعلان عنه في الأسبوع الماضي في أثناء مظاهرة مؤيدة له، واجتمع المتظاهرون مع عدد من أعضاء الكونجرس المؤيدين لهذا القانون. ويتضح من التصريحات الصحافية لهؤلاء وغيرهم أن الارتفاع الأخير في أسعار النفط كان السبب الرئيس في تبني مشروع قانون استخدام الغاز.. مرة أخرى، بعد أن تم رفضه في السابق مرتين. لكن الخبراء يرون أن ارتفاع أسعار النفط، والقلاقل السياسية في الدول العربية، وتأييد الرئيس أوباما للمشروع في خطابه الذي ألقاه في الأسبوع الماضي ستؤدي إلى تبني مشروع هذا القانون، رغم العقبات المختلفة التي تواجه تطبيقه على أرض الواقع.
وعلينا ألا ننسى أن قيام الصين بمحاربة التضخم ورفع أسعار الفائدة سيؤديان إلى تخفيض معدلات نمو الاقتصاد الصيني، كما أن الولايات المتحدة ستتخذ الخطوات نفسها عندما تبدأ بوادر التضخم بالظهور.
ورغم اتفاق كثير من الخبراء على أن ارتفاع أسعار النفط في الشهرين الأخيرين أثَّر سلبا في نمو الاقتصاد العالمي، وأن الأسعار يجب أن تنخفض، إلا أن هناك عوامل أخرى تدعم ارتفاع أسعار النفط، خاصة خلال الشهور الأربعة المقبلة، بغض النظر عن التطورات السياسية في العالم العربي. فمن المتوقع أن تنخفض صادرات دول ''أوبك'' النفطية بشكل كبير خلال الشهور القادمة بسبب زيادة استهلاك النفط محليا من جهة، وبسبب انقطاع الكهرباء المتكرر من جهة أخرى. وتشير بعض التقارير إلى أن هذا التخفيض في الصادرات قد بدأ فعلا في دول مثل السعودية وفنزويلا. هذا يعني أن العالم مقدم على أزمة نفطية كبيرة، وأن الدول النفطية مقدمة على أزمة أكبر إذا كانت ردة الفعل العالمية كبيرة بحيث ينخفض الطلب على النفط بشكل كبير ودائم.
خلاصة الأمر أن الارتفاع الأخير في أسعار النفط أضر، وسيضر، دول ''أوبك'' على المديين المتوسط والطويل. وإذا انخفضت صادرات النفط في الشهور القادمة فإن ردة فعل المستهلكين قد تكون قوية لدرجة أنه يمكن القول، في ضوء الثورات العربية، إن هناك ''ثورة'' من قبل المستهلكين ضد المنتجين ستقلل من دور النفط ودول النفط في المستقبل. إن مستقبل النفط لا يتعلق بوصول الإنتاج إلى ذروته أو نضوب النفط، إنما مرهون بمدى استمرار الطلب عليه.
عزيزي د.أنس شكرا لك على مقالتك "ورغم اتفاق كثير من الخبراء على أن ارتفاع أسعار النفط في الشهرين الأخيرين أثَّر سلبا في نمو الاقتصاد العالمي، وأن الأسعار يجب أن تنخفض، إإلا أن هناك عوامل أخرى تدعم ارتفاع أسعار النفط، خاصة خلال الشهور الأربعة المقبلة". أتفق مغ الخبراء بأن الاسعار سوف تنخفض عكس توقعاتك خلال الاربع أشهر القادمة. العوامل التى أوردتها لدعم توقعاتك بارتفاع اسعار النففط غير كافية لدفع الاسعار الى الأعلا.
د. انس بارك الله فيك دائما متميز لكن هناك نقطتين احب ان استوضحها منك اولا تأييد اوباما للاعتماد على مصادر بديلة للنفط إلا يكون من اجل كسب تأييد شعبي لمواجهة الانتخابات القادمة ثانيا في حال تركت الدول الغربية الاعتماد على النفط والذي بدوره اثر على الاسعار وبالتالي تأثرت اقتصادات الدول العربية والمصدرة للنفط ... ألا تعتقد ان لذلك تأثير غير مباشر على الدول الغربية؟؟ لان الدول العربية والمصدرة للنفط سيقل استهلاكها بسبب تراجع ايراداتها ,,,, وبالتالي اما ان تتجه للصناعة لتوفير احتياجاتها وتستفيد من توفر الطاقة لديها باسعار منخفضة وكذلك المواد الخام الاساسية ، او ان العادات الاجتماعية في الاستهلاك سوف تتراجع بشكل كبير وبالتالي سيقل الطلب على المنتجات الغربية
أتفقُ كثيراً مع زبدةِ المقال (.. خلاصةُ الأمر أن الارتفاعَ الأخير في أسعارَ النفط أضرَ، وسيضرُ، دولَ ”أوبك” على المديين المتوسط والطويل)!!!!.. ولهذا تقول المملكةُ ورجالها المخلصون أن السعرَ العادل لبترول بين 70-80 دولار !!!!!.. لأن الطلبَ على البترول والمفقود بسببِ إرتفاع السعر نوعان: 1) طلبٌ يمكن إستعادته قبل فوات الأوان بإنخفاضِ السعر مرةً أخرى!!... 2) طلبٌ لا يمكنُ إستعادته بسبب تحول إستخداماته إلى المصادر البديلة وبصورةٍ دائمة !!!... ومن مصلحةِ المملكة الإستراتيجية أن يكون الطلبُ المفقود من النوعِ الأول هو الغالبُ حتى يمكن إستعادته والإستمرار في بيع بترولنا حتى القرن القادم!!!... والله أعلم
لو تاملنا لوجدنا ان الاعلم يمر بدورة تصحيحيه كبيرة في كل جانب بل وان هناك اقتصادات ستظهر واخرى ستختفي ومن سيختفي لاتهم تصريحاته فهي رقصته الاخيرة قبل موته علينا بتصريحات الدول التي ستظهر الى فوق السلع سجلت اسعار اعلى من اسعار 2008 ولم يتكلم احد لان المنتج لهذه السلع الغرب ولما ارتفع عصب الصناعة ولم يبلغ حتى قمة 2008 بدأ الارجاف والتذمر لماذا لانهم ليسوا من النتجين له اخي الغالي ينبغي لتطبيق عملية التحول عن البترول كمصدر طاقة ان يكون هناك اعادة هيكلة وفاتورتها ستكون كبيرة جدا يعني السيارات ستغير والطائرات والمكينات وهذا يتطلب تغيير كامل كما قلت ولاحظ انه فقط لتشغيل هذه المنتجات هناك سؤال ماهو المصدر الاساسي لهذه الصناعات اذن البترول ليس فقط طاقة بل هو عصب الحياة وامريكا تسير في مسار مظلم لكي تخرج منه ينبغي عليه ان تنتظر 20الى30سنه
مقال منطقي وان شابه التشاؤمية. اين الدكتور ابو العلا فيلسوف نظريات البترول والمطبلين معه: يريدون تخزين النفط بعد؟