ارتفعت احتياطيات الولايات المتحدة من الغاز الطبيعي بشكل هائل في السنوات الأربع الأخيرة، كما وصل إنتاج الغاز فيها إلى مستويات قياسية، وانخفضت الأسعار بأكثر من 70 في المائة. ويتوقع كثير من الخبراء أن الوضع في الولايات المتحدة يشير إلى أن لديها إمدادات كافية من الغاز لعدة مئات السنين، وأن التطور التكنولوجي في هذا المجال لم يغير الوضع في الولايات المتحدة فقط، إنما سيغير العالم كله.
وكان الاعتقاد السائد في منتصف التسعينيات أن الولايات المتحدة ستعاني شحا في إمدادات الغاز مع بداية الألفية، الأمر الذي أدى إلى بناء عدد كبير من محطات استيراد الغاز المسال التي تقوم بتحويله من سائل إلى غاز. وكان الأمر مغريا للمستثمرين وغيرهم لدرجة أن قطر قامت ببناء محطتين ضخمتين لاستيراد الغاز المسال وتحويله إلى غاز. لكن تطور التقنية الذي مكن من استخراج الغاز بكميات كبيرة من صخور السجيل المتوافرة في كل مكان وعلى مساحات واسعة قلب الأمور رأسا على عقب, حيث لا تستورد الولايات المتحدة إلا النزر اليسير، وتقوم الآن بإعادة تصدير جزء مما تم استيراده. هذه التطورات بدأت تؤثر في صناعة القرار في واشنطن, حيث يتوقع تبني سياسات تدعم صناعة الغاز المحلية، خاصة في قطاعي الكهرباء والمواصلات. كما نتج عن هذه التطورات اهتمام كبرى شركات النفط العالمية بالموضوع فقامت في الشهور الأخيرة باستثمار مليارات الدولارات في مشاريع استخراج الغاز من صخور السجيل، ربما بهدف الحصول على الغاز الرخيص كلقيم في مصانع البتروكيماويات التابعة لها، الأمر الذي يشكل خطرا على صناعة البتروكيماويات في الخليج. وهنا لابد من التذكير بأن استمرار أسعار النفط في الارتفاع أو بقاءها في مستوياتها الحالية سيوفر المناخ الملائم في واشنطن لتبني قرارات تشجع استخدام الغاز الطبيعي في قطاع المواصلات، الأمر الذي يشكل تهديدا مباشرا لمستقبل النفط.
إذا كان نجاح الولايات المتحدة في تطوير مصادر الغاز من صخور السجيل قصة كبيرة، فإن الأكبر من ذلك هو أن هذه الصخور موجودة في كل أنحاء العالم، وستبدأ بعض الدول مثل بولندا والصين بإنتاج الغاز من هذه الصخور قريبا. وكانت إدارة المعلومات في وزارة الطاقة الأمريكية قد أصدرت في الأسبوع الماضي تقريرا أشارت فيه إلى أن صخور السجيل الحاوية على الغاز موجودة في كل أنحاء العالم, وذكرت تفاصيل كثيرة عن عدد من دول العالم. وذكر التقرير أنه تم التركيز على المناطق الواعدة التي يمكن أن تنتج الغاز في السنوات المقبلة من صخور السجيل، الأمر الذي نتج عنه التركيز على 70 مكمنا للغاز في صخور السجيل تقع في 32 دولة.
ووفقا للتقرير, فإن الدولة التي تتبوأ المركز الأول في العالم في احتياطيات الغاز السجيلية هي الصين، حيث تقدر كميات الغاز التي يمكن استخراجها بناء على التقنية الحالية بـ1275 تريليون قدم مكعبة، أو ما يكفي الصين أكثر من 200 سنة حسب استهلاكها الحالي للغاز. يلي ذلك الولايات المتحدة باحتياطيات قدرها 862 تريليون قدم مكعبة، ثم الأرجنتين (774 تريليون قدم مكعبة)، ثم المكسيك في المركز الرابع (681 تريليون قدم مكعبة)، ثم جنوب إفريقيا (485 تريليون قدم مكعبة)، ثم أستراليا (396 تريليون قدم مكعبة)، ثم كندا (388 تريليون قدم مكعبة). ويوجد هذا النوع من الغاز في كل من الجزائر (231 تريليون قدم مكعبة)، وليبيا (290 تريليون قدم مكعبة)، وهذا إضافة إلى احتياطياتها المعروفة من الغاز.. وتوجد احتياطيات كبيرة من هذا الغاز في كل من بولندا، وفرنسا، والبرازيل. وتقدر إدارة المعلومات إجمالي احتياطيات الغاز السجيلي بــ 6622 تريليون قدم مكعبة.
ولمعرفة معنى هذه الأرقام فإنه من المفيد ذكرها، مقارنة باحتياطيات دول ومناطق معروفة. مثلا، احتياطيات الصين من الغاز السجيلي، كما ذكر سابقا تقدر بـ1275 تريليون قدم مكعبة، التي تمثل نحو نصف احتياطيات كل منطقة الشرق الأوسط من الغاز، التي تتضمن دولا تحتل المركز الثاني في العالم في احتياطيات الغاز مثل إيران، والمركز الثالث مثل قطر، والمركز الخامس مثل السعودية. وإذا قارنا هذه الأرقام الجديدة باحتياطيات الغاز في السعودية نجد أن احتياطيات الغاز السجيلي فقط، التي لا تتضمن الغاز المستخرج بالطرق التقليدية، نجد أن احتياطيات السعودية أقل من احتياطيات كل من الولايات المتحدة والصين، وأن احتياطيات الأرجنتين أقرب إلى احتياطيات السعودية.
وعلى الرغم من أن هذه النتائج تشير إلى وجود الغاز بكميات كبيرة حول العالم، إلا أن التقرير يذكر أن الدراسة لم تغط منطقة الشرق الأوسط، وجمهوريات الاتحاد السوفياتي السابق، ومنطقة جنوب شرق آسيا، لأسباب عدة منها وفرة الغاز من المصادر التقليدية في بعض هذه المناطق, إذ إن هناك اعتقادا شائعا لدى الخبراء بأن صخور السجيل الحاوية على غاز موجودة في كل هذه المناطق، وتمتد على مساحات شاسعة، تماما كما هي الحال في صخور مارسيلاس, التي تمتد لتغطي عدة ولايات في شمال شرق الولايات المتحدة. هذا يعني، وبكل بساطة، أن الغاز في كل مكان في العالم، وأن المستقبل للغاز.
لا شك أن أفضل خيار لوقف عمليات الاحتباس الحراري هو اتفاق العالم كله على تخفيض انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري، لكن فشل اتفاقية كويوتو، وفشل المجتمع الدولي في الاتفاق على بديل في كوبنهاجن ثم في كانكون يجعل الخيار الثاني، تبني الغاز الطبيعي كمصدر أساس للطاقة، خيارا عمليا، خاصة بعد التقدم التكنولوجي في السنوات الأخيرة الذي مكن من استخراج كميات هائلة من الغاز لم يكن ممكنا استخراجها من قبل. فكما يعرف الجميع، فإن التأثير البيئي للغاز أقل بكثير من مصادر الطاقة الأخرى، كما أن وفرته تعني أنه من أرخص مصادر الطاقة، وأقربها إلى الأسواق. إن توافر الغاز بهذا الشكل حول العالم سينعكس سلبيا على قطر، كما أنه سيؤدي إلى إلغاء بعض مشاريع الغاز المسال في أستراليا.
بقيت نقطة أخيرة مهمة وهي أنه رغم انخفاض أسعار الغاز في الولايات المتحدة إلا أن تكاليف الإنتاج انخفضت بشكل مستمر، خاصة في الشهور الأخيرة، الأمر الذي مكن عددا من الشركات من تحقيق أرباح كبيرة حتى مع انخفاض أسعار الغاز.
الله يعطيك العافية دكتور انس قرأة ممتازة ... و خبر رائع ... لعل العالم يتخلص من البترول الاحفوري الذي دمر البيئة هل من الممكن تزويدنا بقائمة اعلى عشرين بلدا من ناحية الاحتياطيات من الغاز السجيلي شكرا لك
غاز السجيل (.. الذي يشكل خطرا على صناعة البتروكيماويات في الخليج..)!!!.. وأصحى يا نايم !!!!!
المشكله لو فى الغاز السجيلى تهون جايك نفط الرمال الزيتيه الله يستر على عباده