تتنوع صناديق الثروة السيادية تبعا لآلية تصنيفها، حيث يتم تصنيفها أحيانا تبعا لمصدر الأصول أو تبعا لأهداف الاستثمار، أو تبعا لخصائصها في بعض الأدبيات. وقد برزت صناديق الثروة السيادية بشكل واضح خلال سنوات الطفرة الأخيرة 2004 - 2006 حين قامت الصناديق السيادية الصينية والخليجية بالذات بالقيام باستثمارات استراتيجية، نوعية، وذات أبعاد مختلفة تمكنت من جذب الأضواء ووسائل الإعلام إليها كاستثمار صندوق الثروة السيادي الصيني في شركتي ''بلاك روك'' وصندوق ''دلتا'' للتملك الخاص من أجل تملك حصص استراتيجية في شركات غربية قد يصعب على الصندوق الصيني التملك فيها مباشرة؛ نظرا لأسباب سياسية أو استثمار شركة دبي العالمية في الاستحواذ على شركة ''بي آند أو'' الإنجليزية بعد منافسة شرسة مع المنافسين كشركة ''مايرسك'' الدينماركية للاستحواذ على الشركة البريطانية العريقة والموانئ التي تديرها. هذا البروز للصناديق السيادية كان كبيرا وواضحا خلال فترات الطفرة الأخيرة لتمكن عدد من الصناديق السيادية، وخصوصا تلك التي لجأت إلى الاقتراض لتمويل استحواذاتها واستثماراتها من جذب انتباه المقرضين من البنوك الغربية والجهات المنافسة كصناديق التقاعد والضمان الاجتماعي الغربية وشركات التملك الخاص التي يقوم نموذجها على الاستحواذ من خلال الائتمان LBOs. هذا البروز في سنوات الطفرة لم يكن بلا تكلفة، حيث تم إطلاق حملة إعلامية منظمة ضد الاستثمارات الاستراتيجية للصناديق السيادية، وتم القدح في مستويات الشفافية لدى هذه الصناديق؛ ما أدى إلى التزام عدد منها بالإفصاح الطوعي والتوجه نحو مزيد من الشفافية بشأن المحفظة الاستثمارية وأهداف توزيع الأصول. هذا التوجه من صناديق الثروة السيادية نحو الإفصاح، وخصوصا من تلك التي تتركز استثماراتها في حصص ملكية وأسهم في شركات غربية أدى إلى بدء تراكم البيانات وبدء اهتمام الباحثين والإعلاميين بتناول صناديق الثروة السيادية وأهدافها وتحركاتها، خصوصا أن هذه الصناديق قليلة في العدد مقارنة بالصناديق الاستثمارية غير السيادية، وتمتلك كما كبيرا من الموارد والاستثمارات بجانب اتباعها استراتيجيات استثمارية تتناسب مع نوع صناديقها والتي تغلب عليها الصبغة طويلة الأمد مقارنة بالصناديق التجارية.
ومن المآخذ التي يتناولها الإعلام الخليجي عادة على صناديق الثروة السيادية في دول الخليج هو توجهها للاستثمار في الخارج على حساب الاستثمار الداخلي، مستندا إلى حاجة البيئة الاقتصادية الخليجية إلى استثمارات تنمي البيئة الاستثمارية والاقتصادية واستدامتها على المديين المتوسط والطويل. حقيقة، إن حال الاستثمار وقراره لدى صناديق الثروة السيادية في الأحوال العادية يتحدد بناءً على تلاقي العرض والطلب، فإذا كان الطلب مبنيا على حاجة محلية ممكن إثباتها اقتصاديا وماليا وبإمكان صناديق الثروة السيادية الاستثمار بهذه الفرص بما يتناسب مع البعد الزمني والأنشطة التي تستهدفها هذه الاستثمارات، فإن الناتج يصب في خانة التنمية الاقتصادية المحلية بصورة مباشرة، وتوجه الصناديق إلى الاستثمار بها ما لم يكن للصناديق أهداف أخرى تؤثر على حسابات الأرقام البحتة. أما إذا كان من أهداف صناديق الثروة السيادية - وهو الحال في معظم الأحيان - تقليل المخاطر الاستثمارية على مدى استثماري طويل وتعظيم العائد لهذه المخاطر المحسوبة، فإن التنويع الجغرافي للمحفظة الاستثمارية، الذي يتضمن أسواقا متعددة وصناعات وقطاعات متنوعة يقل معامل ارتباطها مع بعضها البعض، تعد ضرورة استثمارية لبناء محفظة استثمارية تنافسية.
وفي ورقة عمل بحثية حديثة نشرها صندوق النقد الدولي قبل نحو شهر عنوانها ''الأهداف الاستثمارية لصناديق الثروة السيادة: مثال متحول''، تم تناول صناديق الثروة السيادية المتاحة بياناتها الاستثمارية وتوزيع أصولها. ورقة بحث صندوق النقد الدولي قامت بتصنيف صناديق الثروة السيادية لعدة أصناف بناءً على أهدافها التي منها استقرار الاقتصاد الكلي، التوفير والاستثمار، استثمارات المجالات الاجتماعية والتقاعد، وغيرها من مقاييس التوفير. وعلى الرغم من عدم تضمن الورقة لبعض الصناديق الاستثمارية التي يمكن تصنيفها في خانة الصناديق السيادية كشركات دبي العالمية ونفط عُمان وتكامل العُمانية ومبادلة الظبيانية، إلا أن عينة صناديق الثروة السيادية التي تم تغطيتها تعتبر جيدة. وخلصت الورقة إلى أن الأزمة المالية العالمية أثرت على استراتيجيات توظيف الأصول في هذه الصناديق، وأكدت ضرورة متابعة المخاطر الاستثمارية السيادية الكلية المرتبطة بالصناديق. وتم التأكيد بأن استراتيجيات توظيف الأصول في هذه الصناديق ترتبط بالدرجة الأولى بأهداف الصناديق سواء في أوقات الأزمة المالية العالمية أم في الأوقات العادية، أي أن صناديق الثروة السيادية اتبعت استراتيجيات ثابتة مرتكزة على أهدافها في الدرجة الأولى، ودون إبداء تغيرات دراماتيكية في النمط الاستثماري جراء الأزمة المالية العالمية.
خلاصة القول، أثبتت صناديق الثروة السيادية خلال الأزمة المالية الأخيرة أهميتها الاستراتيجية لاستقرار أسواق المال سواء في دولها أم في الأسواق العالمية من خلال توفير استثمارات استراتيجية لإنقاذ النظام البنكي في بعض الأحيان ولتوفير نوع من التوازن في حالات الانهيار غير المبررة. وبناءً على أهميتها الاستراتيجية، سواء أكانت استثماراتها موجهة محليا أم خارجيا يظل السؤال القائم منذ أكثر من عامين ''أين سنابل؟'' الصندوق السيادي السعودي الذي يهدف إلى الاستثمار محليا؟
سؤال وجيه..تسلم
حكومة تكذب ...
سنابلُ يحتاجُ للمياه مثل المنتجاتِ الزراعية ... ولذلك سنزرعها في الخارج !!!!