أوردت شبكة بلومبيرج يوم الأربعاء الماضي 12/1/2011 تقريراً عن سوق الصكوك في دول الخليج أشار إلى انخفاض قيمة الصكوك المصدرة في دول المجلس عام 2010 بنحو 32 في المائة، ليصل إجمالي قيمة ما تم إصداره من صكوك في العام الماضي إلى 4.5 مليار دولار، بينما يتوقع التقرير أن يصل إجمالي إصدارات الصكوك في العام الحالي 2011 إلى أعلى مستوى في الأربع سنوات السابقة أو ما قيمته 8.2 مليار دولار مدفوعاً بانخفاض تكلفة فوائد الإصدار وتوقعات النمو الاقتصادي في دول الخليج، كما أشار إليها صندوق النقد الدولي الذي توقع أن ينمو اقتصاد دول المجلس بنحو 5.9 في المائة في العام الحالي مقارنة بنحو 4.5 في المائة في العام الماضي. وقد أورد التقرير عزم عدد من شركات القطاع الخاص في دول الخليج إصدار صكوك منها مجموعة البركة المصرفية في البحرين بإصدار يبلغ نحو 500 مليون دولار، وشركة سبكيم السعودية المتوقع أن تصدر نحو 533 مليون دولار خلال الربع الأول من العام الحالي.
هذا النمو المتوقع في سوق الصكوك الخليجية عموماً والسعودية خصوصاً منطقي في العام الحالي لعدة أسباب منها تفاوت التكلفة بين وسائل الائتمان الأخرى كالقروض البنكية وتكلفة إصدار الصكوك، تطور أسواق المال الخليجية، والحاجة إلى تنويع مصادر وأدوات التمويل. فإصدار الصكوك أو السندات من قبل الشركات يستخدم في المقام الأول لتمويل نشاطات توسعية أو استثمارات استراتيجية تركز على المديين الطويل والمتوسط. كما يعتمد تسعير إصدارات الصكوك والسندات على التقييم الائتماني للشركات المصدرة والذي يتم من خلال شركات تقييم الائتمان أو مستشار الإصدار ومدى قناعة مستثمري الصكوك أو الممولين لتناسب العائد مع حجم المخاطر الاستثمارية مقارنة بالخيارات الأخرى. وقد يكون للأزمة المالية العالمية وتبعاتها على حجم الإقراض البنكي الخليجي وأسعار الإقراض دور في توجه شركات القطاع الخاص لسوق الصكوك كخيار بديل أو مشارك لخيار الاقتراض المصرفي، حيث إن سيطرة التخوف وارتفاع حساسية البنوك الخليجية تجاه المخاطر أدت إلى رفع أسعار الفائدة البنكية لقروض الشركات بسبب ارتفاع هامش المخاطرة على الرغم من انخفاض أسعار الفائدة من البنوك المركزية التي لجأت إلى هذا التوجه لتحفيز الإقراض أساساً. والفرق هنا بين اقتراض شركات القطاع الخاص من البنوك وبين اقتراضها من خلال إصدار صكوك وسندات هو توقع تحسن الظروف الاقتصادية وآفاق النمو مع توقع انخفاض هامش المخاطرة الذي يشكل عبئاً على المقترضين وضمانة أو أرباح للمقرضين خصوصاً أن حساسية البنوك الخليجية في الوقت الراهن تجاه المخاطر الائتمانية عالية وفيها الكثير من المبالغة.
ومن فوائد الصكوك والسندات مقارنة بالاقتراض المصرفي الدور الذي تلعبه سوق الصكوك في تسعير المخاطر للشركات المصدرة بشكل آني مقارنة بالقروض البنكية، حيث إن القروض البنكية تبقى علاقة بين البنك والشركة المقرضة خلال فترة القرض ودون وجود أي مؤشرات للمستثمرين على أداء الشركة أو حجم المخاطر التي تواجهها باستثناء معرفة البنك نفسه بأداء العميل وآفاق النمو واستخدامات مبالغ التمويل. أما في حالة الصكوك، فإن أسعار تداولها في سوق الدين الثابت تشير إلى توقعات السوق لأداء الشركة وآفاق نموها والقطاع الذي تنشط فيه وحجم المخاطر التي تواجهها مما يوفر إشارات إلى حملة الأسهم أو المستثمرين في الشركة لا تتوافر في حالة الإقراض البنكي. فمثلاً، لو أن ''سبكيم'' لجأت إلى قرض بنكي فلن يكون بوسع المستثمرين في أسهمها متابعة مخاطر الشركة بالقدر نفسه الذي يتوافر في حالة إصدار الصكوك، حيث إن سوق الصكوك أو سوق الدين الثابت ستوفر مؤشرات يستفيد منها المستثمرون وحملة الأسهم، فكلما ارتفعت جاذبية سندات سبكيم وانخفضت أسعارها تحسنت التوقعات بشأن الأداء المستقبلي للشركة.
الأربعاء الماضي قال المهندس عبد الله رحيمي رئيس هيئة الطيران المدني في السعودية إن مطار الملك عبد العزيز الذي شرع في إنجازه في جدة سيكون مطارا جديدا بالكامل من برج المراقبة إلى الصالات إلى كامل البنية التحتية الأخرى بتكلفته البالغة 27 مليار ريال، وسيكون متصلا بميناء جدة ومستقبلا سيتصل بميناء المدينة الاقتصادية في رابغ، مشددا على أنه ليس مشروع توسعة للمطار القديم بل مشروع لمطار جديد بالكامل بما تعنيه الكلمة من معنى. وذكر أن تمويل المشروع سيتم من خلال إصدار صكوك أو سندات إسلامية ستصدر للسوق خلال الأشهر الستة المقبلة للأمد الطويل، موضحا أن الإصدار سيكون بدفعات، مقدرا قيمة كل دفعة ما بين 4.5 مليار ريال وستة مليارات ريال. هذا التصريح من قبل رئيس هيئة الطيران المدني يشير إلى عزم وزارة المالية على تنمية سوق الدين الثابت بإعطائها زخماً يستند إلى ارتفاع الإنفاق العام وخطة التحفيز الاقتصادي البالغة التي تم الإعلان عنها من قبل.
وختاماً، من المهم أن تكتمل أركان سوق التمويل الثابت أو الصكوك في المملكة من خلال وجود شركات تصنيف ائتماني سعودية لتقييم إصدارات الصكوك وتوفير قراءات موضوعية لمخاطر الائتمان ترتكز على معرفة بالبيئة الاقتصادية المحلية وأخذ مختلف متغيرات المخاطرة في الحسبان.