يدور الحديث كثيرا عن تعظيم استفادة الوطن والمواطن من الانفاق الحكومي. فالمراقب لما يدور يجد ان الوزارات الخدمية وجهت الكثير من الاموال لرفع كفاءة البنية التحتية وتوسيعها ولكن المتتبع للنتائج يجد امامة سجل متابين لمدى النجاحات المحققة. فعلى سبيل المثال بدء تدفق المياة المحلاة الى مدن المنطقة الشرقية الساحلية بعد عقود من الانتظار. اما وقد وصلت المياه المحلاة اليهم الان، فان اهالي المدينتين يرفعون اسمى التحيات لكل من ساهم في توصيل المياه اليهم ويرددون المثل القائل ان تصل الحاجة متأخرة خير من عدم الوصول نهائيا. وبمقابل تلك النجاحات في توصيل المياه نجد حالة مغايرة لمشاريع الصرف الصحي في المنطقة فقد سلمت المشاريع لشركات تعمل من الباطن عاثت فسادا في مدننا وشوارعنا واقل ما يقال عنها خربت باضعاف ما اضافت . وكذلك نجد ان وزارة النقل قامت بارساء مشاريع اعادة زفلتة الشوارع الرئيسية في المنطقة لمقاولين جعلتنا نترحم على ايام الشوارع قبل الزفلتة الجديدة فما هي الا ايام وبداء التشقق والتخدد يأكل تلك الشوارع المعاد صيانتها بصورة متسارعة تجعل المراقب يتصور ان المقاولين المنفذين على المشاريع متآمرين على المواطن او على الاقل لهم مصلحة من بيع ادوية الضغط.
ولو دققنا في مكمن المشكلة لوجدنها اكثر وضوحا عند نقطة التنفيذ. فاعمال شركات المقاولات متذبذبة وعانى القطاع من خروج المقاولين الجيدين في سنوات سبقت الطفرة الحالية وتسربت الكفاءات وبقى المقاولين المتطفلين على الصنعة ممن وصلو الى سدة تسلم المشاريع المهمة بالاعتماد على علاقات اقل ما يمكن القول فيها انها مشبوهة . وعند ما توفرت الموارد في السنوات القليلة الماضية لم يوجد من ينفذ تلك المشاريع الا المقاولين المتطفلين على الصنعة وابدعوا في تطفلهم حتى يخيل للمراقب لأعمالهم بانهم ضمن مؤامرة عالمية لتخريب البنية التحتية للبلد . واضف الى ذلك ان الاموال المصروفةعلى العمالة الاجنبية تغادر البلد بسرعة الضوء . ويبقى المواطن العادي الاقل استفادة من الطفرة الحالية من جميع اطراف عملية تطوير البنية التحتية.
فأعمال التصاميم منحت لمكاتب هندسية بالخارج لا يعرفون البيئة المحلية ولم يسبق لهم الاطلاع على المشاكل الهندسية المرتبطة بالبيئة المحلية حتى يستفاد من الاخطاء السابقة. وتبقى الاستفادة هي لمن نفذ المشروع من العمالة الواردة والتي ستبحث عن فرصة عمل خارج البلد . حيث واتتهم الفرصة لاكتساب الخبرة في تنفيذ المشاريع فوطننا اصبح ورشة تدريب كبرى لمن هب ودب. والمقاول المتطفل على الصنعة قد ابدع في البحث عن ارخص مهندس يمكن التحصل لينفذ اعمال مقاولات كبرى مع ان خبرة المهندس السابقة لا تتجاوز حفر ترعة في بلدة فذلك لن يهم فقد تم تسعير المشروع بسعر لا يمكن للمنافس الفاهم ان يسعر بتلك الاسعار وقام باداء متوجبات الصنعة للواصلين الى بواطن الامور وكل شىء محلول . ليولد لنا مشروع مسخ حبذا لو وئد في المهد.
وبهذا نصل الى حاجتنا الى تأسيس شركات هندسة ومقاولات كبرى شبة حكومية ( مثل سابك او معادن الذين وجودهم يعظم الفائدة من ثروات البلد كذلك نحتاج الى شركات تعظم الفائدة من موازنات الوزارات الخدمية) وتعنى بتحقيق ثلاث اهداف
الاول، استجلاب خبرات هندسية ( افراد وليس شركات ) في منافسة مباشرة مع الشركات الهندسية العالمية ولو كان مقر الشركة في الخارج. ويكون الهدف من استجلاب تلك الخبرات هوتدريب و نقل الخبرات المهارات العملية والمعرفة العلمية في تصميم وتنفيذ المشاريع للمهندسيين السعوديين. مع فتح جميع مشاريع الدولة القائمة لاطلاع هولاء المهندسين المتدربين. كما يشترط على الخبراء الهندسيين بالقيام بزيارات دورية للاطلاع على سير الاعمال المنفذة داخل المملكة.
الثاني، فتح مجال التوظيف لخريجي الثانوية العامة للعمل كمتدربين فنيين بمزايا مقاربة لارامكو وسابك على اعمال البناء ( اعمال النجارة والحدادة والكهرباء والسباكة, و التصميم والرسوم الهندسية ,الاكترونيات ..... ) في شركات المقاولات الجديدة مع الوعد بتطوير المتقدمين بادراجهم في برنامج ياخذ بأيديهم من قاع السلم الوظيفي وتدريجهم حتى يمنح للمتفوقين منهم شهادة جامعية في الهندسة اوالعلوم اوالتقنية بحيث نصنع كفاأت مهنية منتجة ومتعلمة و قادرة على تطوير نفسها بنفسها ومسلحة بالعلم والخبرة وتتسابق الشركات على توظيفهم.
الثالث، تعظيم الاستفادة من الموارد بصنع بيئة اعمال تكون كثيرا من مفاصلها موجهة للسعوديين بالخصوص وعلى الملكية السعودية كشرط عام للاستفادة من مشاريع الدولة. ونقصد هنا ان تمنح تلك الشركات الافضلية من ناحية الحصول على مشاريع الدولةوباسعار تفضيلية بشرط استيفاء نسبة عمالة وهندسة سعودية لاتقل عن تسعين بالمائة من القوى العاملة المنفذة للاعمال ولا يسمح بمقاولي الباطن بلعب اي دور حتى ولو كان في الحراسة.
وبهذا نكون ساهمنا في توطين الخبرات والمهارات الهندسية وايجاد فرص عمل للمواطنين ورفع مستوى مهاراتهم في مجال اعمال مطلوبة في شرق الارض وغربها ( لنجعل بلدنا ورشة تدريب كبرى لمواطنينا) في مجالات تنفق الدولة فية الكثير من المال العام . كما اننا سوف نوطن المال العام للعمل داخل البلد بدلا عن خروجة بعد ساعات من تسليم الرواتب الشهرية كما هو حاصل الان . ونكون قد قضينا على متطفلي المقاولات الحكومية وافسادهم في الارض.
شكرا محمد علي هذا المقال الرائع الذي يتضمن نقد وحلول
الاخ اكاديمي اشكرك على زيارتك و تعليقك . كنت اتمنى ان اكتب في موضوع اخف دم ولكن الموضوع ذو شجون