فتحت الجهاز وذهبت لقوقل وبدأت بالبحث فتعذر البحث واستوقفتني هذه العبارة يتعذر على internet explorer عرض صفحة ويب قلت وأنـــــا يتعذر على قلبي عرض صفحات الماضي المزعجة .. يتعذر على عقلي تذكر تلك الأيام ... !!
لأن ذلك من الشيطان وإذا كان في ماضيك مايسؤك فلتجعل تلك العبارة أمامك ولتهتف بها عذرا أيها الماضي لستَ إلا مرحلة ومضت..!! كان أساتذتي وخاصة أساتذة الاقتصاد دائما ما يكررون علينا عندما كنا فى المرحلة الجامعية ان كل دورة اقتصادية تتبعها دورة اخرى .. !!!
وكل كساد يتبعه رواج...!! وكل رواج يتبعه كساد ...!!! وكان الكثيرون منا يستغربون ويضحكون من سذاجة هذا التفكير .. بل ويتسآلون ... هاهى امريكا تعيش فى رواج دائم وازدهار مستمر ...!!
بينما نحن فى بلادنا نعيش فى كساد دائم وغلاء فاحش ومشاكل عجيبة تزداد مع الايام ...!! فأين تلك الدورات الاقتصادية التى يتحدثون عنها ليل نهار ...!! حتى ظننا أن أساتذتنا يتحدثون عن امور نظرية بحتة لاتقترب من الواقع فى شىء ولا تحاكى ما نعيشه من قريب او بعيد ..!!
وتخرجنا من الجامعة ... والكثير منا يعتقد هذه المعتقدات ويحمل هذه الأفكار..!! وبدأنا رحلة الحياة ... وقد اخذت منا الحياة واعطت وذهبت بكل منا فى طريق ...!! فرقتنا دورب الحياة مع زملاء كنا نتقابل معهم اكثر مما نتقابل مع اخواننا واهلينا ..!!
وعندما اكتسبنا بعض الخبرة والتجارب ... وجدت ان كلام اساتذة الاقتصاد وعلمائنا عن الدورات الاقتصادية صحيح بدرجة كبيرة ... بل وينطبق ايضا على دورات الحياة وليس دورات الاقتصاد فقط ...!! فقد ظهرت الأزمات الاقتصادية على كثير من الدول التى كنا نعتبرها تعيش فى رغد دائم ومستمر ..!!
وهاهى الازمة العالمية لم تترك دول العالم المتقدم الا واصابت منه بعضا من تداعياتها ...!! ولم تترك الازمة الاقتصادية امريكا واوربا الاوهزتها هزا ودفعتها دفعا لاجراءات التقشف وعلاج هذا السيل المنهمر من الأزمات الاقتصادية.
وهاهى اليونان تكافح حتى لاتتعرض للافلاس ... وايطاليا تدافع عن نفسها واسبانيا تضع الحلول حتى لاتقع فى براثن الفقر .. واوربا وعملتها الموحدة على المحك ...!!! وكانت الصين والهند واللتان تعانيان من الفقر والبؤس فيما مضى .. اصبحتا من دول العالم القادم الينا بسرعة الصاروخ بعد ان كانتا تزحفان بنفس السلحفاة ..!! وهاهم أقوام يرتفعون وينحدر آخرون..!!
عجبا ان كلام علماء الاقتصاد واساتذتنا لاينطبق على الدورات الاقتصادية فحسب ... بل ينطبق على دورات الحياة ايضا ..!! فقد نبدأ حياتنا المهنية والعملية - والكثيرون مثلنا – بتفاؤل كبير فى مرحلة الشباب والصبا ... ويسيطر علينا الحماس لافاق قد تبدو اقرب الى الاحلام ... ونتسابق للحاق بكل مافى الحياة من طموحات ومميزات ... ثم تبدأ مرحلة الانتعاش وتبدأ الترقيات والمكافآت تنهال علينا .. ونصل الى درجة التشبع والوصول الى قمة الهرم الوظيفى .. ولكن نبدأ مرحلة القلق على ما وصلنا اليه وما حصلنا عليه .. ثم الخوف من زوال بعض مما اكتسبناه ... ويزداد الخوف على المكتسبات وعوامل الراحة والاطمئنان ... ويزداد الخوف فيتحول إلى هلع ...
وتتناهى الى اسماعنا ظروف الازمة العالمية والكساد الكبير ونلاحظ اننا نردد مقولات وتعبيرات لم نكن نستخدمها من قبل : تداعيات – مشاكل – كساد – ازمات – الاسوأ لم يأت .. ويصيبنا الإحباط وتتغير المؤشرات من ايجابية الى سلبية ... ومن تفاؤل إلى حذر ثم تشاؤم ... وغالبا مايفوق توقعات المحللين !! ونصل إلى درجة اليأس وندرك اننا قد وصلنا الى القاع ( اعنى قاع الأزمة ) وان الأمور لن تسوء اكثر من ذلك ... فتطمئن قلوبنا .. بل ونشعر اننا استطعنا التكيف مع الازمة واننا مازلنا نعيش .. ونستمر بل ونفكر فى الغد والامال والاحلام ...
وتبدأ مرحلة جديدة من التفاؤل واننا سوف نحقق طموحاتنا بل وطموحات اولادنا .. ومنا من يصل باحلامه لاكثر من ذلك حتى يفكر فى تحقيق احلام احفاده ...!! وننسى الأيام العجاف والأزمة العالمية وتداعياتها والمصطلحات المتداولة فى الازمة مثل الانهيار والافلاس وازمة الديون السيادية والفقر والتقشف ..!! وتبدأ مصطلحات جديدة على الساحة مثل الامل والتفاؤل والرخاء والقادم أحلى بل مذهل والمستقبل يبشر ..!!
وفى لحظة تأمل قلت لنفسى : رحم الله أساتذتي وعلماء الاقتصاد .. هل كانوا يدرسون ويعلموننا الدورات الاقتصادية ؟!! ام هل كانوا يعلموننا دورات الحياة ؟!! فقد لاحظت وعرفت وأدركت انهم كانوا يتكلمون عن الاقتصاد والحياة معا ..!! ولكننا لم نكن ندرى – انذاك – ان للاقتصاد والحياة نفس الدورات..!! وان دورات الاقتصاد والحياة تتشابهان الى حد كبير ..!!
كلام مؤثر وأتمنى من الكاتب أن يتحفنا بطرق عملية للإستفادة من الأزمات الإقتصادية على الصعيد الفردي والمجتمعي. سواء كان ذلك طريقة تفكير ينبغي أن ننتهجها أو أسلوب معين نسلكه لمواجهة هذه الأزمات. شكرا د. جمال