ارتفع المؤشر الوزني لسوق الكويت للأوراق المالية بمعدل 1.8% لشهر أكتوبر الماضي ، بالمقارنة مع نمو بمعدل 1.3% للمؤشر السعري لنفس الفترة ، ويعكس هذا التقارب في أداء المؤشران – على عكس الأشهر الماضية – توزع الأداء الإيجابي على جميع شرائح الأسهم ، أي الكبيرة والصغيرة ، وذلك بعدما كان الأداء متحيزاً خلال الأشهر الماضية – ومنذ بداية العام الجاري – إلى الأسهم الكبيرة نسبياً ، وهو تحيّز في محله بكل تأكيد ،إلا أن هناك عدة متغيرات طرأت على الأسهم الصغيرة والتي يقل سعرها عن 100 فلس ، ومنها ، أن صارت هدفاً للمضاربة مقبولة المخاطر ، كون بعض تلك الأسهم كانت مقوّمة وبشكل عشوائي بأقل من قيمتها بشكل حاد ، ونعتقد أن الاهتمام بالأسهم الصغيرة سيستمر حتى وضوح قرارات إدارة البورصة أو هيئة سوق المال بشأن التعامل مع الشركات المتعثرة المدرجة ، والتي أسعار أسهمها أقل من قيمتها الاسمية بشكل ملحوظ ، وقد صاحب التحسن بالأسعار نمو بالتداول بلغ 14% ليصل إلى 57.7 مليون دك كمتوسط يومي ، بالمقارنة مع 50.6 مليون دك لشهر سبتمبر الماضي ، وقد قاد التداول مؤشرات التداول والأسعار – بالإضافة إلى الاهتمام بالأسهم الصغيرة كما أسلفنا – تحسن نتائج البنوك للربع الثالث 2010 بالمقارنة مع الفترة المناظرة السابقة ، بالإضافة إلى تماسك سهم " زين " عند مستويات مرتفعة نسبياً ، وكذلك الأسهم المتأثرة به ، وذلك رغم الجدل حول صفقة بيع " زين " لاتصالات الإماراتية.
مؤشر الجُمان للثقة وقد حقق مؤشر الجُمان للثقة مكاسب بمعدل 1.3% لشهر أكتوبر ، وذلك للشهر الثاني على التوالي ، حيث كانت مكاسبه 0.8% لشهر سبتمبر ، وقد عكس أداء مؤشر الجُمان للثقة حالة التفاؤل التي سادت الشهرين الماضيين ، ولو بشكل حذر ، ويعني الأداء الإيجابي لمؤشر الثقة الاحتمالات الإيجابية لأداء البورصة مستقبلاً ، وذلك بافتراض استمرار المعطيات الحالية ، وبتحييد المؤثرات الاستثنائية غير المتوقعة.
سجن مجرمي الشركات ... بارقة أمل ! صدرت أحكام نهائية في سجن أثنين من المسؤولين السابقين عن شركتين ، الأولى : مدرجة ، والثانية : غير مدرجة ، وذلك بإدانتهما بإصدار شيكات دون رصيد ، والذي يعتبر بارقة أمل لمحاسبة وسجن العشرات من مجرمي الشركات وسوق المال ، وذلك رغم أن أدانة المعنيان بالسجن كانت على أساس إصدار شيكات دون رصيد كما أسلفنا ، وليس لسرقتهما أموال الشركات التي كانوا مسئولين عنها ، حيث كان لهم دور مشبوه للغاية في تعثر الشركتين وإفلاسهما عملياً ، وتبديد أموال المساهمين الذي منحوا هؤلاء الثقة في أدارة أموالهم.
وننظر ببالغ الاشتياق لبدأ تفعيل قانون هيئة سوق المال ، والذي يعاقب بالسجن من تثبت عليه جريمة العبث بالشركات التي يديرونها ونهب أموال المساهمين بشكل أو بآخر ، حتى يكونوا عبرة لغيرهم ، وحتى نفخر ولو متأخرين كثيراً بوجود هيبة للدولة والقانون ، وأن المارقين – ولو بعضهم – سيتم وضعهم في المكان المناسب ، وهو السجن ، وليس مواقعهم الحالية ، وهي رئاسة الشركات وقبض الرواتب الفلكية والمكافآت الخيالية والمزايا غير المنتهية !
"مافيا" منظمة ! وقد خفتت بارقة الأمل التي أشرنا إليها ، وربما تحولت إلى فضيحة ، وهي هروب المجرمين المدانين من الكويت قُبيل أو فور صدور الأحكام النهائية ، وذلك رغم منعهما من السفر رسمياً ، أي أنه قد صدق المثل " يا فرحة ما تمت " ! ، وقد لحق هذان المجرمان بعشرات المجرمين الفارين من العدالة ، والذي قد يشكك في جهاز الدولة الأمني ، بل إننا لا نستبعد وجود شبكات إجرامية متكاملة شبه "المافيا" العالمية ، لترتيب أوضاع المجرمين وضمان تأمين سلامتهم الكاملة ، حيث أن السرقات بعشرات الملايين من الدنانير ، ولا مانع لدى هؤلاء المجرمين ، توزيع مئات الآلاف من الدنانير على متنفذين ومسؤولين رسميين لحمايتهم بشكل أو بآخر ، ناهيك عن "تضبيط" أمهر المحاميين والمحاسبين لتسليك أمور المجرمين المالية والقانونية.
لا شك بأننا عندما نتحدث عن الفساد في البورصة والاقتصاد ، فإن ذلك "عينة" لما يحدث في جميع مناحي الحياة في بلدنا للأسف الشديد ، والذي يتطلب من المؤتمين على مصالح البلاد والعباد تأدية واجباتهم على أكمل وجه ، حيث أن السيل قد بلغ الزبى كما طفح الكيل ، حيث أنه يتم رفع القضايا على المشبوهين ، وتستغرق مداولات المحاكم سنين طويلة وجهود كبيرة وأموال طائلة ، وبعدها يتم إدانة بعض هؤلاء وتجريمهم رسمياً ، ثم يهربون من تنفيذ الأحكام بتواطئ مُحكم ما بين عدة أطراف رسمية وغير رسمية ، ويسرحون ويمرحون في أصقاع العالم ، بينما أصحاب الحقوق وضحايا الإجرام يواجهون قدرهم المحتوم بضياع حقوقهم ونهب ممتلكاتهم ، وسلب صحتهم وعافيتهم ، والله المستعان.
صفقة " زين " والجدل لا يخفي على أحد الجدل أو ربما النزاع المحتدم ما بين كتلة الاستثمارات الوطنية وكتلة مجموعة الأوراق المالية حول احتمال بيع 46% من رأس مال شركة الاتصالات المتنقلة " زين " إلى اتصالات الإماراتية ، وبغض النظر عن دوافع الخلاف والنوايا المحركة له ، إلا قصور التشريعات والتنظيم من جانب سوق الكويت للأوراق المالية هو من أجج النزاع بشكل غير مبرر ، والذي غالباً ما يؤدي إلى تضرر مصالح المساهمين ، خاصة غير المعنيين بالنزاع ، و صغارهم تحديداً، بل الأمر والأدهى من ذلك ، هو زعزعة الثقة بالنظام الاقتصادي الكويتي ، حيث عرضت وسائل الإعلام المحلية والإقليمية وحتى العالمية فصول النزاع وتطوراته وتداعياته ، حتى أصبح المشهد الاقتصادي الكويتي " فرجه " للجميع ، وربما مدعاة للأسف والتحسر ، ناهيك للشماتة والتشفي والسخرية.
ولا شك أن المسئول الأول عن هذا " الهرج والمرج " هو إدارة سوق الكويت للأوراق المالية ، حيث أن هذا الموضوع ليس بجديد ، وقد تم هضم حقوق شريحة عريضة من حقوق بديهية لصغار المساهمين في عمليات سيطرة متعددة ، ومنذ فترة طويلة ، وهي مستمرة إلى ما شاء الله ، ولم تحرك إدارة السوق ساكنا ، من جهة أخرى ، كان الأجدى بهيئة سوق المال تعليق عمليات السيطرة على الشركات لفترة لا تتجاوز شهراً ، وذلك لحين الانتهاء اللائحة التنفيذية بما يخص تلك العمليات ، والتي تنظمها المادة 74 من قانون هيئة سوق المال ، حيث نعتقد وجوب تكثيف الجهود ولمدة أسبوعان إلى شهر كأقصى وقت لإنجاز ذلك ، وبالتالي ، تطبيقه على عمليات السيطرة دون الانتظار لاستكمال كافة المواضيع المتعلقة باللائحة التنفيذية التي تتطلب نحو 6 شهور من تاريخ تعيين رئيس وأعضاء هيئة سوق المال ، هذا من جهة ، ومن جهة أخرى ، عدم عرقلة فرص قد تكون نادرة لمساهمين رئيسيين للتخارج من استثماراتهم وإعادة هيكلة أوضاعهم ، والتي قد تكون حرجة للغاية في بعض الحالات ، وكل ذلك حتى يعرف كل من البائع والمشتري حقوقه وواجباته ، وأيضاً وضع حد للاجتهادات العشوائية ، والتي كانت محوراً للنزاع والتأزيم غير المبرر.
تجديد المناورات والتلاعبات بعد أن خفت النصب والاحتيال – بعض الشيء – في سوق المال لضرورات التنحي أمام موجات الأزمة العاتية ، بدأت وتيرة المناورات المشبوهة والتلاعبات المكشوفة تتصاعد وتظهر على السطح مرة أخرى ، وذلك بعد بدأ تعافي الوضع الاقتصادي إلى حد ما ، ونظراً لارتفاع معدلات السيولة ، والتي تُشكّل غطاءً لعمليات التجاوز والتلاعب ، حيث عادت الممارسات الإجرامية السابقة إلى الساحة مرة أخرى للأسف الشديد ، وبوجود هيئة سوق المال التي طال انتظارها ، وتعيين رئيسها وأعضاءها الكرام ، والذين تنتظرهم مهام جسيمة ومسؤولية ثقيلة نتمنى أن يكونوا أهلا لها.
تابع ومتبوع ، ونافخ ومنفوخ ! ومن التلاعبات القديمة الجديدة ، عودة التداولات الوهمية ، أو المصطنعة المتفق عليها مسبقاً ، وهي التي يجرمها قانون البورصة وقانون هيئة سوق المال ، حيث عادت الأطراف المشهورة بتلك العمليات بمزاولة نشاطها المعهود وبقوة أيضاً ، حيث لاحظنا تداول كميات فلكية على بعض الأسهم التي تنتمي لبعض الكتل المشبوهة ، وذلك دون مبررات منطقية ، وهو ما يسمى مؤخراً بعمليات " التدوير " ، والذي أصبح عرفا " محترما " في سوق الكويت للأوراق المالية ، حيث يتم نقل الأسهم ما بين الأذرع الاستثمارية أو التداولية لكتلة واحدة ، وذلك لجذب صغار المتداولين إليها كمرحلة أولى ، ونهب مدخراتهم كمرحلة ثانية وأخيرة ، ومن المناورات المشبوهة لبعض الشركات المتعثرة ، محاولتها مرة أخرى طرق أبواب الأموال السيادية ، والمتمثلة في هيئة الاستثمار ومؤسسة التأمينات بالدرجة الأساس ، وذلك لبيعها أصول ورقية ومتهالكة ، وذلك من خلال آليات " وفذلكات " مبتكرة للتمويه على الهدف النهائي ، وهو نهب المال العام ، كما أن هناك اجتهادات أخرى من نوع آخر للمشبوهين المتخصصين في الإدراجات المتعددة في بورصات الخليج ، ودبي تحديداً ، حيث يقومون بالنفخ المتبادل للأسهم التي يسيطرون عليها بشكل منظم ومحترف ، ومدعوم من خبراء معروفين ومحترفين في إجرام البورصات ، حيث يقومون بتصعيد سهم معين ، يتبعه سهم ثان تلقائياً ، ويلحقه سهم ثالث أتوماتيكياً ، ويسجل سهم تابع سعر قياسي في بورصة الكويت ، ويصعد تلقائياً ذات السهم في بورصة دبي ، والعكس صحيح ، ثم ينتقل النشاط إلى المتبوع بشكل مبرمج ومتقن ، يليه السهم الثالث ، وهكذا دواليك ، والمجرم الشاطر يربح من خلال آلية التابع والمتبوع ، وبرمجة النافخ والمنفوخ !
استعراض صحفي وإعلامي أطلق وزير التجارة والصناعة تصريحه الشهير عن " شركات العفن " قبل رمضان الماضي ، كما أطلق مدير البورصة الجديد تصريحات عن شركات " التفاح والبصل " ، كما توعد مسئولون آخرون في وزارة التجارة أكثر من 500 شركة للإحالة إلى النيابة ، كما هدد آخرون بمحاسبة مدققي الحسابات المشبوهين ، وتصحيح الأوضاع الخطرة لهذه المهنة الحساسة ، وغيرها من التصريحات النارية ، والتي لا تخلو من الاستعراض الصحفي والإعلامي.
ربما يعجب البعض من هذه الصحوة المفاجأة والثورة العارمة ضد الفساد والمفسدين ، خاصة أن بعض مطلقي هذه التصريحات البرّاقة هم أنفسهم كانوا ولفترات ليست بالقصيرة غير مبالين بحالة الانهيار المالي والأخلاقي لبعض المؤسسات التي يديرونها ، على كل حال ، لم نر حتى الآن خطوات تنفيذية لإصلاح الوضع ، لكنه يجب منح هؤلاء بعض الوقت لنرى حقيقة نواياهم ، والتي نتمنى أن تكون صادقة.
أما بما يتعلق بالشركات المدرجة في البورصة ، فيتطلب الأمر من المسؤولين الإفصاح بدقة وبشفافية كاملة وبصدق عن نواياهم وخططهم وإجراءاتهم تجاه الشركات المشكوك في مستقبلها ، حيث أنها مملوكة من آلاف - إن لم نقل عشرات الآلاف - المساهمين ، وأكثرهم من الصغار المسحوقين والمهضومة حقوقهم ، ولا بد أن يتم التعامل مع هذا الملف الشائك باحتراف بالغ ومهنية راقية ، وذلك لحماية ما تبقى من مدخرات مساهمي الشركات المنكوبة.
ونقترح أن يتم تحديد الشركات المرشحة للإيقاف المؤقت أو الدائم قبل فترة من التنفيذ ، والتي قد تتراوح ما بين 3 و 6 شهور للشركات المعنية كل على حدة ، وحسب حالتها "المرضية" إن صح التعبير ، لتكون كفترة انتقالية ، حيث يتم منح فرصة لمجموعة الشركات التي لديها أمل في الحياة لإعادة هيكلة أوضاعها ، والذي قد لا يمنع استمرار تداولها ، أو أن يتم إيقاف تداولها مؤقتا لحين تسوية أمورها ، كما يجب حسم وضع الشركات التي يشكل إدراجها وتداولها مخاطرة غير مبررة ، من جهة أخرى ، يجب توفير آلية واضحة ومحددة لتداول أسهم تلك الشركات خارج نظام التداول الرسمي ، وذلك لفتح المجال للتخارج القانوني المنظم ، وأيضا توفير المرونة في إعادة هيكلة ملكيات المساهمين.
جوقة مجرمين ! وفي موضوع متصل ، يجب أن تدعم هيئة سوق المال وإدارة البورصة ووزارة التجارة آليات محاسبة من تسبب في تعثر الشركات وسحق أموال المساهمين ونهبها ، حيث أن محاولات المساهمين وخاصة صغارهم باءت بالفشل في أكثر من جمعية عمومية سابقة ، خاصة مؤخرا ، وذلك لمحاسبة المشبوهين بتبديد أموالهم ، وكذلك مدققي حسابات تلك الشركات ، والذين لا يستبعد تواطئهم المتقن مع مسئولي تلك الشركات المنهوبة ، والتي عادة مما يتم إعادة انتخاب " جوقة المجرمين " لاستكمال إجرامهم وتغطية فضائحهم ، نظراً للوضع المتفرج للأجهزة الرسمية المعنية ، وعدم تطوير القوانين والإجراءات لمكافحة الفلتان الرهيب والمخيف.