ارتفع المؤشر الوزني لسوق الكويت للأوراق المالية منذ بداية العام بنسبة 20.8% ، بينما كان أداء المؤشر السعري سالباً بمعدل 0.3% ، أي أن هناك تناقضاً ما بين أداء المؤشرين خلال الفترة المذكورة ، والذي يؤكد حركة الغربلة الصحية، والتي كافأت الشركات التشغيلية ، وهي الكبيرة في معظمها وأهمها البنوك ، بينما عاقبت الشركات غير التشغيلية، والتي هي ورقية في معظمها . وقد انكشفت تلك الشركات بشكل أوضح من حيث سوء الإدارة والفساد التي اكتنفها سنوات طويلة.
أما أداء سبتمبر الجاري ، فقد تحيز أيضاً لصالح المؤشر الوزني بأداء إيجابي بلغ 6.9% في مقابل 4.4% للسعري ، كما أغلق الربع الثالث على مكاسب ملحوظة للمؤشر الوزني بمعدل 17.3% في مقابل 6.8% للسعري ، مما يعطي مؤشراً إضافيا لتفوق أداء الأسهم الكبرى على الصغرى في مختلف المقارنات الزمنية.
وقد ارتفع متوسط التداول اليومي في سبتمبر بمعدل 46% ليصل إلى 50.6 مليون دك بالمقارنة مع 34.6 مليون دك لشهر أغسطس ، ورغم ذلك الارتفاع الشهري ، إلا أن متوسط التداول اليومي انخفض في الربع الثالث بمعدل 8% ليبلغ 39.8 مليون دك في مقابل 43.4 مليون للربع الثاني ، والذي كان بدوره منخفضا عن الربع الأول بمعدل 43% حيث بلغ 76.0 مليون دك ، ويرجع ذلك التراجع في متوسط التداول اليومي خلال أرباع العام 2010 إلى تشديد الرقابة على الصفقات المشبوهة ، والتي كانت تضخم التداولات بشكل ملحوظ ، وإلى حد الضعف في بعض الأيام ، ونتمنى أن تستمر المراقبة الجدية للتداول ، وأيضاً محاسبة المسؤولين عن الصفقات الوهمية ، وأن لا تكون الرقابة الجدية موسمية ، أو مجرد ردة فعل لحدث معين ، أو لذر الرماد في العيون ، كما يقال.
صفقة "زين " وقد نهض بمؤشرات الأسعار والتداول خلال سبتمبر الإعلان عن نوايا إبرام صفقة بيع 46% من رأس مال شركة الاتصالات المنتقلة "زين" ، والذي انعكس على التداول والأسعار بشكل ملحوظ يومي الأربعاء والخميس الموافق 29 و30/9/2010 ، وذلك بشكل حاد وبتداول مكثّف بلغ 109 ملايين دك يوم الأربعاء الموافق 29/9/2010 ، وهو ثاني أعلى تداول خلال العام 2010 ، حيث كان يوم 17/2/2010 أعلى يوم تداول خلال عام 2010 بمبلغ 168 مليون دك.
أرقام وتداعيات وتعادل حصة 46% من رأس مال "زين" نحو ملياري سهم ، وتبلغ قيمتها على أساس السعر المعروض 1.7 دك نحو 3.357 مليارات دك أي ما يعادل 11.743 مليار دولار أمريكي ، كما تعادل قيمة الصفقة المتوقعة نحو 9% من القيمة الرأسمالية لسوق الكويت للأوراق المالية البالغة نحو 35.8 مليار دك كما في 30/9/2010 ، ولاشك بأن للصفقة تداعيات إيجابية متعددة ، منها ، الحد من حالة ضعف الثقة السائدة في البورصة ولو مؤقتا ، بسبب ارتفاع مؤشرات الأسعار والتداول ، وكذلك استفادة الشركات المدرجة المستثمرة في "زين" بشكل ملحوظ ، والتي يقارب عددها العشر شركات ، بالإضافة إلى تحسن الوضع الائتماني لبعض المؤسسات والأفراد ، مما يدفعهم لسداد مديونيات متأخرة لدى البنوك ، والتي ستستفيد بدورها من تلك الحركة ، سواء بالحد من بناء المخصصات ، ناهيك عن الارتياح النفسي لتعزيز ملاءة بعض كبار عملائها ، حيث إن عدم سريان سيولة كبيرة متولدة عن صفقة عملاقة كهذه ، كان ينذر بسقوط بعض عمالقة عملاء البنوك في مستنقع التعثر المعلن والرسمي.
تطور بالأخلاقيات ! وقد كانت إدارة سوق الكويت للأوراق المالية غير موفقة كالعادة في التعامل مع هكذا ظروف ، حيث تم إيقاف سهم "زين" في اليوم التالي لإعلان خبر الصفقة ، و لم يتم إيقاف الأسهم الأخرى المرتبطة بالسهم ، وهي متأثرة ومستفيدة من الصفقة أكثر من سهم "زين" ذاته ، إلا أنه يجب أن نشيد بالتطور الملحوظ بالأخلاقيات من جانب بعض المستثمرين ، حيث تم إدارة مفاوضات الصفقة بسرية ومهنية عالية ، إلى درجة عدم تسرب خبر الصفقة إلا قُبيل الإعلان عنها ، وبالتالي ، كانت الاستفادة غير المشروعة في أضيق الحدود ، حيث كانت الممارسة التقليدية السابقة تقضي "بالتفنن" في التكسب غير الأخلاقي من مثل تلك الصفقات ، وذلك عن طريق إعداد خطة متكاملة لبث الأخبار الكاذبة وتسريب الإشاعات وإطلاق التصريحات المشبوهة وإصدار البيانات المغرضة بهدف إدارة التداول والأسعار باتجاه محدد، وهو الإثراء المشين والفاحش والسريع قبل الإعلان الرسمي عن الصفقة الحقيقية والنهائية ، والتي يتم استباقها عادة بعمليات عملاقة للنصب والاحتيال.
كما نعتقد أن النوايا الأولية المعلنة لمجموعة الخرافي لإتاحة المجال لعموم مساهمي "زين" للاستفادة من السعر المميز للصفقة ، تعتبر بمثابة تأكيد لما تم الإعلان عنه سابقا بهذا الشأن ووفاء بالوعد والذي يستحق التقدير والتشجيع ، نظرا لكون تلك الخطوة الإيجابية ليست ملزمة قانونيا ، حيث إنها لفتة تطوعية ، كما يجب على هيئة سوق المال الكويتية الاستعجال في البناء التشريعي والتنفيذي لحماية حقوق صغار المساهمين في عمليات السيطرة والدمج ، حيث إنه ليس المطلوب من جميع من يبيع حصة رئيسية في شركة مدرجة أن يتبرع أو يتنازل عن بعض حقوقه وفقا للتشريعات والأنظمة البائسة الحالية!
فرطت المسبحة! وتأتي صفقة بيع "زين" لمستثمرين إماراتيين ، وقبلها صفقة بيع "وطنية" إلى قطريين ، ومستقبلا بنك الكويت الوطني كما يتردد ، وذلك لمستثمرين خليجيين ، في إطار انفراط "العقد الفريد" أو أن المسبحة قد فرطت فعلا، كما يقال ، حيث إن أهم وأكبر الأصول الجيدة الكويتية تم أو سيتم بيعها ! ولا شك أن بيع الأصول الكويتية الممتازة لأشقائنا الخليجيين لا يشكل أي خطر اقتصادي أو استراتيجي تجاه الاقتصاد الوطني ، فهم أشقاؤنا وأبناء جلدتنا على كل حال ، لكن ربما يحق لنا التساؤل : ما هو سبب بيع الكويتيين لأصولهم الرئيسية ، والتي كان بعضها رمزاً وطنياً وسفيراً ممتازاً فوق العادة للدولة في الخارج ، نعتقد أن الإجابة ربما تكون القول بأن دنيا الأعمال والتجارة فرص ، وهي بالتأكيد غير موجودة على الدوام بكل تأكيد، وبالتالي يجب اقتناصها فورا ، وربما تكون إجابة منطقية أخرى تقول : بأن الكويتيين قد بالغوا بالمغامرة واقترضوا بأكثر من طاقتهم وتورطوا ، وبالتالي ، كانت تلك الأصول الكبيرة والدرر النفيسة هي طوق النجاة ، … على كل حال، نتمنى التوفيق للبائعين والمشترين ، إلا أننا نخشى أن لا يبقى بحوزة الكويتيين سوى الأصول الورقية والموجودات الوهمية التي صنعوها بأنفسهم ليلقوا شر صنيعهم وويلات مغامراتهم.
548 مليون دولاراً ... مقابل صفر! افاد تقرير رسمي تم نشره بتاريخ 28/8/2010 بأن الغرامات التي حصلتها هيئة سوق المال السعودية من الممارسات غير النظامية بلغت 548 مليون دولار أمريكي ، وذلك منذ تأسيسها العام 2004 حتى أغسطس 2010 ، أي ما يعادل 157 مليون دينار كويتي ، ويتبادر السؤال فوراً إلى الأذهان : كم حصّل سوق الكويت للأوراق المالية كغرامات وعقوبات منذ تأسيسه عام 1983 حتى الآن ؟ الإجابة : صفر لا غير ! ، من هنا نعلم سبب الفلتان وسيادة قانون الغابة في بورصة الكويت ، وهو أنه لا عقوبة ، بل يظل المتجاوز والمتلاعب معززاً مكرماً ، وأمواله التي اغتصبها من الآخرين على الملأ في الحفظ والصون ويمنع الاقتراب منها من جانب أصحابها الحقيقيين ومن الدولة بكافة سلطاتها!
على كل حال ، نأمل من هيئة سوق المال الكويتية ومفوضيها الكرام إصلاح هذا الوضع المقلوب في سوقنا المفجوع ، والمتمثل بانتهاك حقوق وحرمة أموال الشريحة الكبرى من المتداولين ، سواء في تبّخر مدخراتهم دون أدنى مبرر ، أو في تضليلهم من المعلومات والبيانات الخاطئة والمغرضة ، والتي تبث عليهم صباح مساء ، سواء من وسائل رسمية كالموقع الإلكتروني للبورصة أو غيره.
تحركات إيجابية ورغم السلبيات العظام والمآسي العضال التي تعاني منها بورصة الكويت والاقتصاد الوطني ، إلا أنه يجب علينا أن نشير إلى التحركات الإيجابية التي قامت بها بعض المؤسسات الرسمية المعنية بالاقتصاد ، وذلك حتى نكون منصفين قدر الإمكان وموضوعيين في الطرح وإبداء وجهات النظر . فقد قامت إدارة سوق الكويت للأوراق المالية بتسريع إتاحة البيانات المالية الكاملة للشركات المدرجة للمشتركين في تلك الخدمة ، وذلك من خلال الانترنت ، حيث كان يتم إتاحة تلك البيانات يدوياً وبتأخير كبير يصل إلى عدة أشهر ، وقد تم تحويل آلية التوزيع إلى الانترنت منذ بضعة شهور ، ولكن مع بعض التأخير ، ولاحظنا الآن انتفاء سلبية التأخير هذه في معظم الحالات.
من جانب آخر ، نشرت بعض الصحف خبراً مفاده نية إدارة البورصة إتاحة تلك البيانات المالية الكاملة على موقع البورصة الالكتروني ، والذي يعتبر تطوراً إيجابياً جديداً إن حدث ، كما يُفهم من ذلك الخبر ، أن البيانات ستكون مجانية دون أي رسوم كما هو عليه الحال الآن ، والذي من شأنه تشجيع المزيد من المتداولين للاطلاع عليها والاستفادة منها دعماً للشفافية وتكافؤ الفرص في الحصول على المعلومات والبيانات ، كما نشرت الصحف عزم إدارة البورصة إلغاء نظام تداول كسور الأسهم ، والذي كان محل انتقادنا لسنوات طويلة ولا يزال ، وتردد ايضا نية الإدارة إلغاء نظام الوحدات الكمية ، بمعنى أن البائع يستطيع عرض أي كمية يرغبها دون تحديد لأي وحدات ، وفي المقابل ، يستطيع المشتري شراء أي كمية دون إلزام بفئات محددة ، ولا شك بأن إيجابيات التعديلات أعلاه كثيرة لا مجال هنا لتعدادها ، كما نتمنى من إدارة السوق إلغاء الوحدات السعرية أيضاً ، بحيث يكون أقصى ارتفاع أو انخفاض للسهم 10% ، على سبيل المثال ، وذلك بدرجات سعرية متوافقة مع أسعار الأسهم كما هو معمول به في البورصات المتقدمة ، ومنها بورصات خليجية ، حيث إنه ليس من العدالة – وفق النظام الحالي – أن يكون ارتفاع سهم بالحد الأقصى بنسبة 10% ، بينما يكون الارتفاع الأقصى لسهم آخر هو 5% ، وذلك بناء على قيود الوحدات السعرية القائمة حالياً.
وخطوات إيجابية أخرى من المركزي من جهة أخرى ، قام بنك الكويت المركزي خلال سبتمبر الماضي بمنع البنوك من تمويل حملة أسهمها في اكتتابات رؤوس أموالها ، ونعتقد أن ذلك القرار في محله تماماً ، حيث تقوم بعض البنوك بدفع مساهميها للاكتتاب في زيادة رأس مالها من خلال تمويلات فورية وبأسعار مغرية وبضمان الأسهم الجديدة ، وغيرها من المغريات ، والتي تدفع معظم المساهمين إلى المشاركة في زيادة رؤوس أموال بنوكهم دون تفكير أو دراسة ، نظراً للمغريات التمويلية الهائلة ، وهذا ما يشكل مخاطرة ربما تكون كبيرة وخطيرة في بعض الحالات ، حيث يجب أن يكون التمويل لزيادة رأس مال البنوك من ممّول محايد ، كونه يأخذ في الاعتبار مخاطر التمويل ويضع الشروط الموضوعية والمهنية لمثل تلك العمليات الحساسة.
كما قام بنك الكويت المركزي بخطوات إيجابية أخرى ، تمثلت في تشكيل وحدات لشكاوي عملاء شركات الاستثمار وكذلك البنوك ، كما أعد نماذج معينة لشكاوى عملاء الوحدات المصرفية والاستثمارية الخاضعة لرقابته ، وذلك بعد أن استفحلت تلك الشكاوى وتنوعت جراء حالة الفلتان السائدة السابقة ، حيث نتمنى أن تتحول عمليات التطوير الأخيرة إلى آلية عملية لضبط التجاوزات المصرفية والاستثمارية وإنصاف المتضررين ، ناهيك عن كشف أصحاب الشكاوي غير الجادين ، والتي تنقص شكاويهم الموضوعية والأدلة الكافية.
توقعات الربع الثالث وثلاث أرباع 2010 وبمناسبة انتهاء الربع الثالث 2010 ، جرت عادتنا أن نقوم بإصدار توقعاتنا لصافي الأرباح المجملة للربع المذكور وثلاثة أرباع العام بالتبعية ، وذلك وفقاً للمتغيرات خلال الربع الثالث ، والتي من أهمها متغيرات أسعار الأسهم في بورصة الكويت ، والتي تلقي عادة بظلالها على نتائج الشركات المدرجة بشكل عام ، وقد ارتفع المؤشر الوزني بمعدل 17.3% للربع الثالث بالمقارنة مع ارتفاع بنسبة 14.3% خلال الربع الأول وانخفاض بمعدل 9.9% للربع الثاني ، ولا يستبعد إطلاقاً أن تكون – بالتبعية – نتائج الربع الثالث أفضل من الربعين الأول والثاني كل على حدة ، وعليه ، فإننا نتوقع أن يكون صافي الأرباح المجملة لجميع الشركات المدرجة للربع الثالث 2010 نحو 500 مليون دك ، وإن صحت توقعاتنا تلك ، فإن الأرباح المجملة لثلاثة أرباع العام 2010 ستبلغ نحو 1076 مليون دك ، وذلك باستبعاد الأرباح الاستثنائية لصفقة بيع "زين أفريقيا" والتي تم الإعلان عنها في الربع الثاني 2010 بنحو 788 مليون دك ، وأيضاً ما عسى أن يتم تسجيله من أرباح استثنائية في الربع الثالث ، وعلى هذا الأساس ، فإن الأرباح المجمعة للربع الثالث 2010 ستنمو بمعدل 136% عن مثيلتها في الربع الثالث 2009 والبالغة 212 مليون دك ، كما ستنمو الأرباح المجمعة لثلاثة أرباع العام 2010 بمعدل 46% عن الأرقام المناظرة للعام 2009 ، والتي بلغت 737 مليون دك ، ومرة أخرى ، بافتراض استبعاد أرباح صفقة "زين" الاستثنائية عن العام 2010 ، ولا شك بأن نسب النمو أعلاه جيدة وستدعم أداء البورصة لما تبقى من العام 2010 وربما للعام المقبل 2011 ، حيث إن النمو في النتائج يكاد يكون مؤكداً على كل حال ، حتى لو انخفضت الأرقام الفعلية عن الأرقام المقدرة أعلاه .