في الآونة الأخيرة، لاحظ المستثمرون حول العالم انخفاض العائد على سندات الخزانة الأمريكية بشكل كبير وضمن فترة زمنية قصيرة لا تتعدى الخمسة أشهر حتى وصل الآن إلى مستويات متدنية لم يصلها منذ نحو عامين (تحديداً منذ كانون الأول (ديسمبر) 2008م)، حيث انخفض العائد على سندات الخزانة لفترة عشرة أعوام من 4 في المائة سنوياً إلى نحو 2.5 في المائة سنوياً، كما انخفض العائد على سندات الخزانة لفترة ثلاثين عاماً من نحو 5 في المائة سنوياً إلى نحو 3.5 في المائة سنوياً.
من الواضح أن الانخفاضات كانت كبيرة نسبياً خصوصاً إذا ما أخذنا في الحسبان أن العائد على هذه السندات خسر ما يعادل ثلث قيمته في كلا الإصدارين، في حين تتركز أسباب ذلك في عدة عوامل يمكن تلخيص أهمها في: انخفاض أسعار الفائدة على الدولار الأمريكي والمخاوف من انكماش الاقتصاد الأمريكي مستقبلاً والمخاوف من تعثرات سيادية في أوروبا وسياسة الفيدرالي الأمريكي الأخيرة حول ما يعرف بالمعايير الكمية وحالة عدم التيقن التي يعيشها الاقتصاد العالمي خلال المرحلة المقبلة والبحث عن ملاذات آمنة بعيداً عن المخاطر.
المهم هنا أنه على الرغم من انخفاض أسعار الفائدة على الدولار الأمريكي (كمحفز رئيسي للاستثمار في أسواق الأسهم)، إلا أن ذلك لم ينجح في إغراء المستثمرين الذين أصبحوا يفضلون أسواق السندات على أسواق الأسهم وهو ما يعني قبولهم بعائد سنوي متواضع جداً ولأعوام طويلة في مقابل التعرض لمخاطر محدودة وبالتالي رفضهم لعوائد سنوية عالية غير مضمونة من الأسهم في مقابل التعرض لمخاطر عالية نسبياً، وكانت النتيجة زيادة الطلب على السندات ومن ثم ارتفاع قيمتها السوقية ومن ثم انخفاض العائد الاستثماري لها (كنتيجة طبيعية للعلاقة العكسية بين قيمة السند والعائد عليه) حتى وصل إلى ما هو عليه الآن.
لا شك أن لذلك مدلولات سلبية مع الأسف الشديد، حيث إن العوائد من الأصول الاستثمارية على وجه العموم (سواء كانت أسهم الملكية العامة أو أسهم الملكية الخاصة أو السندات الحكومية أو العقارات أو النقد أو غيرها من الأصول) انخفضت بشكل كبير وملموس خلال العام الحالي 2010م وهنا تكمن المشكلة. فعلى سبيل المثال، أصبح من الصعب علينا الآن أن نجد استثمارا في أسهم الملكية الخاصة يدر عائداً داخلياً متوقعاً يزيد على 15 في المائة سنوياً!! بل وأصبح من الصعب علينا أيضاً أن نحقق الآن عائداً يزيد على 10 في المائة سنوياً من المضاربات في أسواق الأسهم!!