لله درك من ملك

22/09/2010 16
محمد العمران

عندما يحتفل الوطن بيومه، لابد لنا هنا أن نتذكر أهم الإنجازات الاقتصادية المحققة منذ تأسيس المملكة على يد الموحد المغفور له الملك عبد العزيز حتى يومنا هذا، حيث تتمثل أهم هذه الإنجازات من وجهة نظري الشخصية في تكوين احتياطي بقيمة تزيد على 1.6 مليار ريال من العملات الأجنبية جعل المملكة اليوم ضمن أغنى عشر دول في العالم، سواء من حيث حجم الاحتياطيات (بعد الصين واليابان وروسيا والهند وكوريا الجنوبية وغيرها من الدول) أو من حيث صافي الاحتياطيات بعد خصم الدين العام (بعد الصين وروسيا والهند وغيرها من الدول).

فعلى الرغم من الطفرات الاقتصادية العديدة التي مرت بها المملكة منذ تأسيسها (مثل طفرة السبعينيات الميلادية وطفرة التسعينيات الميلادية)، إلا أن ما يميز طفرة الألفية الجديدة التي نعيشها الآن تحت ظل خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز هو التوسع العقلاني في الإنفاق الحكومي، وتوجيه الفوائض المحققة من الموازانات المالية لتكوين هذا الرصيد الضخم من احتياطي العملات الأجنبية حتى أصبح هذا الاحتياطي يغطي ما تنفقه الحكومة لأكثر من أربعة أعوام، وهو بلا شك إنجاز لم يسبق حدوثه من قبل ستسجله الأجيال القادمة لهذا الملك الحكيم.

تكمن أهمية ذلك في أن الاقتصاد العالمي يمر اليوم بفترة عصيبة تخوفاً من حدوث تعثرات سيادية من بعض الدول المتقدمة اقتصادياً في أوروبا وشمال أمريكا نتيجة لارتفاع مديونيات هذه الدول، وبالتالي فإن أنظار المستثمرين على المدى الطويل ستتجه صوب الدول التي تملك رصيداً ضخماً من الاحتياطيات ونسباً منخفضة من المديونية، وهو ما ينطبق على المملكة حالياً بعد أن أصبحت نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي لا تتعدى 20 في المائة فقط في حين كانت هذه النسبة تزيد على 100 في المائة في بداية الألفية، وهذا بدوره يعزز من قوة ومتانة الاقتصاد السعودي في وجه أي أزمات مالية مستقبلية، ولله الحمد.

لقد كان بإمكان المملكة أن تحتفظ بهذه الاحتياطيات النقدية على شكل ثروات طبيعية للأبد، لكن ذلك لن يفيدنا في المرحلة الاقتصادية المقبلة التي تحتم علينا تسييل جزء بسيط من الثروات الطبيعية إلى أرصدة نقدية بهدف إعطاء الموازنات المالية المستقبلية مزيداً من القوة والمرونة، إضافة إلى إبراز الاقتصاد السعودي ضمن أكبر الاقتصادات العالمية وأقلها خطورة من المنظور الاستثماري، وهو بالتأكيد توجه استراتيجي مهم يدل على حكمة وبعد نظر صانعي القرار الاقتصادي في بلدنا الحبيب.

ففي خضم الاحتفالات بيوم الوطن، يجب ألا ننسى كل هذه الحقائق التي لا نملك أمامها إلا أن نقول شكراً يا خادم الحرمين الشريفين على ما أنجزته للوطن الغالي وشكراً على أجمل هدية تقدمها لشعبك الذي يحبك، ونسأل الله العلي القدير أن يجزيك عنا خير الجزاء، و"لله درك من ملك".