تباين أداء مؤشري سوق الكويت للأوراق المالية خلال أغسطس ، حيث ارتفع الوزني بمعدل 4.0% ، بينما ارتفع السعري بشكل طفيف بمعدل 0.02% ، ويرجع ذلك إلى تحسن أسعار أسهم البنوك بشكل ملحوظ خلال الشهر المذكور، والذي يعكس أداءها المؤشر الوزني بشكل أوضح ، وذلك في مقابل استقرار نسبي لبقية الأسهم ، ومعظمها أسهم صغيرة ، والتي يعكس أداءها المؤشر السعري بشكل أكبر ، وقد حافظ متوسط التداول اليومي على مستوياته المرتفعة عند مستوى 35.3 مليون دك ، والتي كانت مقاربة لمستوى يوليو الذي بلغ 35.6 مليون دك ، وذلك خلاف متوسط التداول المنخفض لشهر يونيو البالغ 26.6 مليون دك، علماً بأن بيانات التداول لشهر أغسطس هي لغاية 29/8/2010.
نتائج النصف الأول والربع الثاني 2010أعلنت معظم الشركات المدرجة نتائجها عن النصف الأول 2010 بأرباح مجمعة بلغت 1,405 ملايين دك بالمقارنة مع 658 مليون دك للنصف الأول 2009 بنمو بلغ 114% ، ولا شك بأن هذه المقارنة غير عادلة ، حيث إن أرباح النصف الأول 2010 تتضمن أرباحاً استثنائية بنحو 788 مليون دك ناتجة عن صفقة بيع زين أفريقيا ، وبالتالي ، فإن الأرباح المجمعة للنصف الأول 2010 دون مؤثرات صفقة زين أفريقيا تبلغ 617 مليون دك ، أي بانخفاض 6% عن أرباح النصف المناظر من العام الماضي.
أما الأرباح المجمعة للربع الثاني 2010 ، فقد بلغت 1,004 ملايين دك ، وباستبعاد أثر أرباح بيع زين أفريقيا الاستثنائية التي تم الاعتراف بها في الربع المذكور نصل إلى رقم 216 مليون دك ، أي بانخفاض 55% عن الأرباح المناظرة في الربع الثاني 2009 ، وقد كانت أرباح الربع الثاني 2010 قريبة جداً من توقعاتنا التي أصدرناها بتاريخ 29/6/2010 ، حيث تم تقديرها عند مستوى 200 مليون دك ، والتي كانت منخفضة عن الأرقام الفعلية بمقدار 16 مليون دك ، أي بنسبة انحراف بلغت 8% فقط ، أما توقعاتنا للنصف الأول 2010 ، والتي كانت عند مستوى 583 مليون دك ، فقد كانت قريبة من الأرقام الفعلية ، والتي بلغت 617 مليون دك كما أسلفنا ، حيث بلغت نسبة الاختلاف ما بين التوقع والواقع 6% فقط.
وتجدر الإشارة إلى أن 193 شركة أعلنت نتائجها حتى تاريخ إعداد هذا التقرير ، حيث تخلفت حتى الآن 5 شركات عن إعلان نتائجها ، بالإضافة لعدد 12 شركة كانت متخلفة منذ فترة طويلة نسبياً ، ناهيك عن 16 شركة لا يتوافق عامها المالي مع السنة الميلادية ، والتي لم تأخذها الأرقام أعلاه بالحسبان.
قراءة في النتائج
ولا شك أن النتائج الأولية التي خلصنا إليها في الفقرة السابقة هي نتيجة لتفاعل متغيرات إيجابية وسلبية ، ومن المتغيرات الإيجابية تحسن نتائج البنوك بمعدل 55% للربع الثاني وبنسبة 16% للنصف الأول ، والذي يرجع إلى خفض بناء المخصصات بشكل عام ، وليس النمو في العمليات التشغيلية ، أما أداء القطاعات الأخرى وعددها 8 قطاعات ، فقد كانت محصلتها هزيلة للغاية ، حيث لم تشكل أرباحها سوى 41% من النتائج المجملة للربع الثاني في مقابل 59% لقطاع البنوك ، بينما تحسنت بعض الشيء حصة القطاعات الثمانية للنصف الأول لتبلغ 58% مقابل 42% للبنوك ، ولا شك أن تلك التحليلات تؤكد الضعف الكبير في نتائج الشركات المدرجة عموماً عند استبعاد قطاع البنوك والأرباح الاستثنائية لصفقة زين أفريقيا.
لماذا لم تشكل هيئة سوق المال حتى الآن؟ مضت ثلاثة أشهر تقريباً على الموعد النهائي لتشكيل هيئة سوق المال وفقاً للقانون ، ولم يتم تسمية رئيسها وأعضائها حتى الآن ، والذي يعد إشكالاً كبيراً في حقيقة الأمر ، وقد تحدثنا عن بعض أسباب تأخر تشكيل هيئة سوق المال في تقريرنا الصادر في 29/6/2010 ، وربما نستطيع أن نضيف سبباً جوهرياً آخر ضمن مسببات تأخر التشكيل ، وهو ندرة العناصر المؤهلة لشغل تلك المناصب الحساسة.
وربما يعجب البعض من ندرة المؤهلين لشغل مناصب مفوضي هيئة سوق المال ، باعتبار أن دولة الكويت عريقة في تاريخها التجاري ومؤسساتها الاقتصادية وغيرها من عناصر الأسبقية بالمقارنة مع دول الجوار ، ومع دول مجلس التعاون تحديداً ، والذي من المؤكد أنه أفرز كفاءات كثيرة في مجالي المال والأعمال ،حيث يتساؤل الكثيرون ... أين تبخرت تلك الثروة الوطنية الغزيرة من الكفاءات البشرية ؟ ، والجواب المباشر والصريح : أنه تم سحقها والقضاء عليها على مدى العقود الأربعة الماضية ، وذلك جراء تفشي الفساد والتخلف واللامبالاة ، حيث تحولت العقليات الكويتية الجبارة في البناء والتنمية التي كانت سائدة في الستينات والسبيعينات إلى عقليات جبارة أيضاً ، ولكن بالاتجاه المعاكس ، أي باتجاه الفساد والتخريب لغرض الكسب غير الشريف ، ناهيك عن السيطرة على مراكز النفوذ لأغراض دنيئة ، وبالتالي ، كان من البديهي الندرة الشديدة جداً للكفاءات المخلصة والمستعدة لتقلد مناصب حساسة مثل رئيس وأعضاء هيئة سوق المال.
نعم ، نحن في مأزق! وقد خلق هذا الوضع الأليم مأزقاً كبيرا ، وذلك لندرة العناصر المؤتمنة من أصحاب الكفاءات المستعدة لتقلد مناصب حساسة، هذا من جهة ، ومن جهة أخرى ، نعتقد أن أصحاب القرار مترددون في تعيين عناصر مشبوهة وهي متوفرة بأعداد غفيرة جداً ، حيث إن الوضع لا يحتمل إطلاقاً ، كون تلك العناصر المشبوهة من الممكن أن تسحق ما تبقَى من ثقة وتُنهي ما تبقًى من أثر لسمعة الاقتصاد الوطني ، وبالتالي نصبح في خبر "كان" كما يقال ، ولا بد لنا أن نشير في هذه المناسبة ، إلى توفر أمناء وأكفاء – ولو بأعداد قليلة جدا - لشغل مناصب رئيس وأعضاء هيئة سوق المال ، لكنهم يعزفون عن ذلك نظراً للجو الفاسد والمتراكم الذي يعيشه المجتمع الاقتصادي ، وكذلك البيئة التنظيمية المتردية ، وأيضاً الوضع الرقابي المتهاوي ، والذي يرجح إحباط بناء هيئة سوق مال بالمستوى المطلوب.مكافآت لمن يكشف التلاعبات وبمناسبة الحديث عن الفساد والتلاعب ، فقد قررت هيئة الرقابة على التداولات والسندات الأمريكية وضع مكافآت مالية لكل من يُقَدم معلومات عن عمليات تلاعب تضر بمصلحة المستثمرين ، وذلك بما يتراوح بين 10 و 30 في المائة من الأموال المستردة ، وقد تم تشريع هذا القرار لحث الموظفين على إفشاء الممارسات المشبوهة في الشركات التي يعملون بها ، ونعتقد أن هذا القرار يأتي في محله تماماً بعد إخفاق الجهات الرقابية الرسمية في اكتشاف العديد من حالات التلاعب الخطيرة ، والتي كان لها تداعيات جسيمة على الاقتصاد الأمريكي وبالتبعية العالمي.
كما نعتقد أيضاً ضرورة تطبيق هذا التشريع أو القانون في بلدنا ، حيث تفشت فنون التلاعب والإجرام المالي بشكل خيالي ، مما يصعب السيطرة عليه من خلال الأجهزة الرقابية والتنظيمية التقليدية ، والتي أصبح بعضها منهاراً ، وبعضها الآخر في طريقة للانهيار ، ومن هذا المنطلق ، فإننا نتمنى من هيئة سوق المال – التي طال انتظارها – الأخذ بقرار المكافآت المالية للموظفين الذين يقدمون معلومات عن عمليات مشبوهة في الشركات التي يعملون بها ، كما يجب أن يشمل هذا التنظيم أي فرد أو جهة لديها معلومات عن شبهات في شركات مدرجة أو غير مدرجة ، وأن لا يقتصر ذلك على موظفي تلك الشركات ، حيث نعتقد أنه من خلال التطبيق الصحيح لمثل تلك التشريعات سيتم الحد من الجرائم المالية بشكل كبير جداً ، والتي ترتكب الآن جهاراً و نهاراً دون حسيب أو رقيب ، من جهة أخرى ، نعتقد أن بنك الكويت المركزي مهيأ حالياً لتطبيق مثل تلك الأدوات الرقابية ، وذلك على البنوك وشركات الاستثمار الخاضعة لرقابته ، ومن دون انتظار التطبيق العام على الشركات ، سواء من جانب هيئة سوق المال " العتيدة " أو غيرها ، خاصة في ظل عدم إمكانية إحكام الرقابة على نحو 100 شركة استثمارية وعشرة بنوك ، والذي أدى إلى الكارثة الحالية ، حيث نعتقد أن المكافآة التي تتراوح ما بين 10 إلى 30 في المائة من قيمة المبالغ المختلسة من الشركات ستحفز العديد من الموظفين لفضح " البلاوي " الكامنة في شركاتهم ، وبالتالي ، قبض المكافآت السخية ، وعليهم بألف عافية .