سعدت مثل غيري بقرار خادم الحرمين، عندما أعلن حفظه الله، حرصه على حماية المخزون المائي، على حساب زراعة القمح، والأعلاف المحلية. وبدأت الحكومة الخطوات العملية لاستيراد القمح، وإلغاء إعانات زراعته محلياً، وعززت الحكومة تلك الخطوات بتأسيس شركة للاستثمار الزراعي خارج المملكة، ومؤخراً عقدت احتفالية بحضور أربعة وزراء سعوديين، في مؤتمر يدعو المستثمرين السعوديين للاستثمار في دول شرق أفريقيا، على فرضية أن توفر مياه النيل كفيل بخلق سلة غذاء في تلك الدول (السودان، إثيوبيا، كينيا، أوغندا).
هذه هي الفرضية، وهذا هو الأمل، ولكن ما يجب تذكره، هو تجارب الماضي المأساوية، ودعوني أستعرض بعضاً منها:-
- منذ الطفرة البترولية الأولى، في منتصف عقد السبعينات الميلادي، كونت دول الخليج مع باقي الدول العربية، شركات لغرض دعم التنمية الاقتصادية العربية، مثل الشركة العربية للاستثمار، والشركة العربية للتعدين، وشركة سكر كنانة إلخ، كما قامت المملكة بتأسيس شركات ثنائية مع عدد من الدول الشقيقة، والصديقة، وكان الغرض من تلك الشركات العربية المشتركة، والشركات الثنائية، هو خلق تنمية اقتصادية، من خلال تنفيذ مشاريع، مبنية على دراسات اقتصادية، بدلاً من أسلوب تقديم الدعم المالي المباشر. ولكن ما حدث فعلياً هو أن أغلب تلك الشركات أصبحت مرتهنة لهوى الدول التي تستضيف تلك الشركات، وقلما وزعت تلك الشركات أرباحاً.
- مشروع سكر كنانة: هو مشروع عربي مشترك، حاول الاستفادة من البيئة الزراعية في السودان، ولكن منذ أن بدأ المشروع إنتاجه، منعت الحكومات السودانية المتعاقبة تصدير الإنتاج، وكذلك منعت تحويل الأرباح، وأصبحت عملية استيراد قطع الغيار المطلوبة للمصنع قضية تتطلب إقناع البنك المركزي في كل حالة، لغرض توفير العملة الأجنبية.
هذا هو واقع السودان، ولم يتغير الوضع كثيراً، وأوضاع باقي دول شرق أفريقيا لا تختلف، بل تزيد على السودان. هنا أتساءل، ويمكن أن أتفهم بأننا يجب أن نبذل جهداً لضم شرق أفريقيا إلى محيطنا، لأنهم الأقرب، ونحن نحتاج إلى فضاء أوسع، وأرحب، ولكن هل نتوقع أن استثماراتنا هناك ستكون مأمونة؟ وهل ستترك لنا حرية شراء المحاصيل، وكذلك تحويل الأرباح بالعملة الأجنبية بكل حرية؟! وللمقارنة، ماذا لو ذهبنا إلى أستراليا لتأمين احتياجاتنا من القمح، ولا أعني بالضرورة أن نشتري مزارع، وإنما أن نوقع عقوداً طويلة الأجل، ألا تكون فرصنا أفضل في توفير احتياجاتنا، بدلاً من التعويل على حكومات لا نعلم مدى استمراريتها، ومدى وفائها بالتزاماتها؟ مقارنة بما يوفره القانون الأسترالي من ضمانات؟
إلغاء زراعة القمح هو قرار صائب، وموضوع دعم الدول الأفريقية لكي ينفعوا أنفسهم، فذلك قرار سيادي، ولكن أن نعوّل على تصدير منتجاتهم الزراعية لنا بكل حرية، فذلك مشكوك فيه، وهناك خيارات أخرى يحسن النظر فيها، وبدون ذلك قد تتعثر استثماراتنا الجديدة، مثلما تعثرت استثمارات شركاتنا العربية، والثنائية السابقة.
أستاذ سليمان,, سابقا كان هم موظفي بعض الدول الحرص على المكاسب الوظيفيه أكثر من هم العمل الجمعي, لانه ينظر الى كم سيأخذ من انتداب, وحفاوه في حال انتقاله كموظف دوله داعمه الى دوله محتاجه للتنميه..... الخ , اليوم جائنا المبدعون(( الجدد)) الذين لن يكون همهم الانتداب ولا الاحتفاء الصادر من الدول الاقل دخلا,, أنما همهم الهاجس الحكومي من خلال (( الامن الغذائي)) وتسخير بعض(( وسائل الاعلام الجوفاء)) للطنطه على وتر (( ان الغذاء لن يكون متيسر من الاسواق العالميه)) انما سيوجد فقط(( لدى المبدعون الجدد)) في مزارعهم, التي ستنشأ في أثيبوبيا, وأرتيريا والبرازيل وكازاخستان واكورانيا...الخ وهم في الاخير متنقلين بين(( بين كازا ودبي,القاهره, وبيروت, الرياض)) والالتفاف حول الرغبه الحكوميه في تأمين مصادر غذاء, لحلب مبالغ من الدوله, بأسم تأمين الغذاء, ويوم امس كان واحد من تلك(( النمونه)) على احدى وسائل الاعلام, عندما ذكر بأنهم اسسوا شركه(( للاستثمار الزراعي الخاجي)) بعدما حسوا بأن المواطن يتعرض للتضخم الناتج من السكن والغذاء(( الذي سيقوم وامثاله في السهر من أجل من يوفره له من خلال شركتهم الخاصه,,, وأحدهم اصلا ((زاهد في السكن بالسعوديه)), واستقر به المقام بين كازا وبيروت ولندن,, ومع ذلك يتألم لزيادة التضخم المعيشي لدينا!!!!!!!!!عموما بما انك اوردت بعض الامثله,, فأود ان أورد مثالين للاستثمار الغذائي(( المتميز من وجهة نظري)) الاول شركة حصاد القطريه,, التي استثمرت في البرازيل واستراليا والارجنتين والسودان وسوريا,, وبدأت قطر في الحصول على منتجات من تلك الشركه,,, والثاني رجل بمثل امه, وهو الشيخ سليمان الراجحي,, سواء في السعوديه, او الآن في مصر والسودان,, فكلا(( المثالين ))لم يتجها لجيوب ومشاعر المواطنيين لانشاء استثماراتهم الخارجيه,, اما(( المبدعون الجدد)) جل همهم الآن في كيفية الوصول الى جيب المواطن ومن خلفه وزارة الماليه,, للحصول على أكبر دعم ممكن لهم,, بعدها لن تهمهم هذه الاستثمارات وقفت على أرجلها ام تعثرت,, طالما انهم اخذو (( القطفه الاولى الدسمه!!!!!!!!))
الأخ سليمان السلام عليكم أشكركم على مقالكم حول الاستثمار الزراعي الخارجي و أهمية مراعاة البيئة القانونية و ألتشريعيه في البلد المضيف وبالنسبة لما أوردتم عن شركة سكر كنانة كونها تمثل نموذجا فاشلا للمشاريع العربية المشتركة فهذا لا يعكس ألصوره الحقيقية الحالية للشركة و ذلك للأسباب ألتاليه: _ في بداية تشغيل الشركة عند ما كنت في وزارة الماليه كانت السودان في حاجة ماسه لسلعة السكر وذلك إبان حكم الرئيس جعفر نميري يرحمه الله و كانت تحكم الشركه في ذلك الوقت القرارات السياسيه بين كل من الرياض و الكويت و الخرطوم . _ منذ تولي الرئيس البشير قيادة السودان و أوضاع الشركة مختلفة تماما فقد بدأت التصدير للأسواق العربيه و الافريقيه إضافة لحصتها ألمحدده للسوق الاوربيه.وقد بدأت بتوزيع الأرباح منذ عام 1996 . الخلاصه يا أخ سليمان آن الاستثمار الناجح هو من يرعاه القطاع الخاص. تحياتي
شكرا للاخ greensboro على الايضاح المهم ولكن يبقى الاهم كمااوضحت مراعاة بيئة الاستثمارالقانونية . شكرا للاستاذ سليمان على مقالاته الرائعة كالعادة.
لماذا لا يفتح المجال أمام الشركات الزراعية القائمة مثل المراعي والجوف ودعمها للاستثمار خارجيا بدلا من انشاء شركة جديدةخطتها 45% استثمار خارجي والباقي استثمار داخلي خشية أن نقع في فخ بيشة جديدة أو المواشي اقتراحي ندعم الشركات الزراعية الناجحة التي عندها الخبرة والآلات بدا منانشاء شركة صغيرة ماتدبر نفسها
تصحيح ( بدلا من إنشاء)
شكرا للأخ / نيوترون على التعليق الأكثر من رائع وشكرا للأخ / سلـيمان على الموضوع البناء .