يبلغ إجمالي قيمة الملكيات المعلنة للشركات المدرجة في شركات مدرجة أخرى - وهي الملكيات المتداخلة ما بين الشركات المدرجة “Cross Holdings” - نحو 3 مليارات دك كما في 5/8/2010 ، ما يمثل 9.4% من إجمالي القيمة الرأسمالية لسوق الكويت للأوراق المالية البالغ 32.4 مليار دك ، كما تشكل الملكيات المتداخلة ما بين الشركات المدرجة 21% من إجمالي قيمة الملكيات المعلنة في البورصة والبالغة 14.7 مليار دك .
وتمتلك 84 شركة مدرجة 195 حصة موزعة على 132 شركة مدرجة أخرى ، وقد سيطر قطاع الاستثمار على أكبر حصة من حيث قيمة الملكيات المتداخلة بنسبة 40.8% بما يعادل 1,237 مليون دك ، تلاه قطاع البنوك بنسبة 27.5% بما يساوي 836 مليون دك ، ثم قطاع الصناعة بحصة 12.2% بما يعادل 371 مليون دك ، في حين سيطر قطاع الاستثمار أيضاً على أكبر حصة من عدد الملكيات المعلنة في الشركات المدرجة بواقع 83 حصة بما يعادل 42.5% من إجمالي عدد الحصص ، تلاه قطاع العقار بعدد 30 حصة بما يعادل 15.4% من الإجمالي ، ثم قطاع البنوك بعدد 23 حصة بما يعادل 12.8% من إجمالي الحصص البالغ 195 حصة .
ويلاحظ من التحليلات الموجزة أعلاه ، أن الملكيات المتداخلة والمعلنة في سوق الكويت للأوراق المالية مرتفعة للغاية ، حيث تشكل 9.4% من إجمالي القيمة الرأسمالية للسوق ككل كما أسلفنا ، علماً بأن تلك النسبة لا تشمل الملكيات المتداخلة غير المعلنة ، أي التي تقل عن 5% من رأس مال الشركات المدرجة ، والتي نتوقع أن تكون مماثلة للملكيات المعلنة على أقل تقدير، بمعنى أن مجموع الملكيات المتداخلة المعلنة رسمياً والمقدرة تبلغ نحو 6 مليارات دك على الأقل ، أي 20% من إجمالي القيمة الرأسمالية للبورصة كحد أدنى.
وقد تم تركيب الملكيات المتداخلة عن عمد في غالب الحالات، وذلك لغرض إحداث الأثر المتوالي والمتضاعف لحركة أسعار الأسهم لتفعيل آلية " النفخ المتبادل" ، والتي أدت إلى طفرة أو "فقاعة" ضارة للغاية أثناء فترة الرواج المزعوم ، وذلك بارتفاع غير منطقي للأسعار لا لشيء سوى عملية التداخل المحبوك ، وقد حدثت نفس العملية خلال الأزمة وانتهاء " اللعبة " ولكن بشكل عكسي هذه المرة وبكل تأكيد ، حيث ظهر الأثر المتضاعف للهبوط حتى أصبح سوق المال الكويتي خارج سيطرة المتلاعبين وصناع السوق ، وكذلك التدخل الحكومي ، حيث فشل ما يسمى " بالمحفظة الوطنية " في السيطرة على انهيار الأسعار رغم تركيزها على أسهم ممتازة كما زعم مديروها ، وبات الوضع يتعاظم ككرة الثلج المتدحرجة، والتي تكبر بسرعة وتسحق من وما يعترضها ، ومن يحاول إيقافها أيضا.
ولعل حالة " النفخ المتبادل " وصيرورتها إلى مرحلة " التنفيس المتبادل " تشبهان رفع رؤوس أموال الشركات دون مبرر خلال فترة الرواج المزعوم أو مرحلة الضحك على الذقون ، حيث جاءت موجة خفض رؤوس الأموال حالياً لشطب الزيادات غير المبررة لرؤوس الأموال تلقائياً ، فقد بدأ العامل الزمني يأخذ دوره لإصلاح الوضع تلقائيا ولو ببطء شديد، ولكن بثمن باهظ للغاية ، وذلك على الأفراد والمؤسسات والدولة ككل ، وكان من الممكن توفير الكثير من الثروات الضائعة فيما لو تم التدخل المسؤول في الوقت المناسب ، وقد كان ذلك متاحاً ، حيث كان البعض يقرع أجراس الخطر وقتها ولكن لا حياة لمن تنادي !
ونرجع إلى موضوعنا ، فإن عملية التداخل في الملكيات المعلنة ناتجة عن انعدام الحوكمة الذاتية وفلتان الرقابة وضعف التنظيم ، والذي أدى إلى مجموعة كبيرة من السلوكيات المنحرفة ، منها ما هو مرتبط بعدم الالتزام بأغراض الشركات الأساسية، حيث تقوم بعض الشركات العقارية على سبيل المثال بالاستثمار في أنشطة غير متوافقة مع أغراضها ، بل إن بعض الشركات العقارية ليس لديها عقار واحد حتى لو شقة واحدة أو دكان … ، ومن ثمّ فإن جهود القائمين على تلك الشركات تنصب على المضاربة على الأسهم التي يمتلكون بها حصصا، وعلى التبادل المتفق عليه للأسهم والتصعيد المتعمد والمتبادل للأسعار ، ولا ننسى أن ذلك يكون مصحوباً ببث الأكاذيب وتشغيل ماكينات الدعاية والإعلام ، وغيرها من أساليب التضليل والتكسب غير المشروع.
وربما يقول البعض بأن طرح هذا الموضوع يعتبر متأخراً بعد أن "طاح الفاس بالراس" كما يقال ، لكننا نؤكد على أننا قد حذرنا من تلك الممارسات قبل فترة الرواج المزعوم وأثناءها ، ويهمنا في هذا المقام تذكير المسؤولين عن هيئة سوق المال المرتقبة بضرورة اجتثاث تلك الممارسات المدمرة ، والتي لا يوجد أي ضمان لعدم عودتها وفقاً للوضع الإداري والمهني والأخلاقي القائم.