ضمن مناسبة إطلاق مشروع ميناء بوبيان يوم الأربعاء الموافق 07/07/2010 ، أجاب وزير التجارة والصناعة على سؤال أحد الصحفيين عن وضع البورصة ، حيث أفاد الوزير أن هناك "عفناً" في البورصة، إلى آخر التصريح المنشور بالصحف يوم الخميس الموافق 08/07/2010 .
نعتقد أن تصريح – أو بمعنى أدق إقرار– الوزير بشأن تعفن البورصة هو بداية المشوار لإصلاح الوضع الكارثي لسوق المال الكويتي ، وذلك بإثبات الفساد بشكل رسمي ولأول مرة في صرح الدولة الاقتصادي الحيوي والحساس ، وهو سوق الكويت للأوراق المالية .
وبرغم أهمية الإقرار بالعفن ، إلا أن الأهم من ذلك هو تحديد مَن هو المتسبب بذلك العفن؟، ونظن – ولا نجزم – أن السيد الوزير يقصد أن العفن هو في الشركات المدرجة الورقية ، حيث أومأ من خلال تصريحه أعلاه إلى أن أكثر من 140 بنكاً أمريكياً قد تم إشهار افلاسهم منذ بداية الأزمة الاقتصادية ، بينما لم يتم إشهار إفلاس شركة واحدة ، ونحن نقول شركة واحدة ، ولا نقول بنكاً ، كما أننا نقول أيضاً: إنه لم يتم إفلاس شركة ورقية أو وهمية ، … نعم ، لقد وصل بنا التدهور إلى عدم الجرأة باتخاذ الإجراءات نحو إفلاس شركة وهمية واحدة أو شطبها، وليس شركة عادية ، ناهيك عن الخوف المريب من محاسبة أو تغريم أو سجن شخص واحد فقط من عشرات مجرمي البورصة.
مرة أخرى ، من هو المسئول عن العفن ؟ قد يقصد الوزير أن المسؤول عن العفن هو إدارات الشركات المدرجة ، وهذا ما يتبادر لأذهان معظم المتابعين للبورصة للوهلة الأولى ، وفي ذلك شيء من الصحة لا شك ، لكن المسؤول الأول من وجهة نظرنا عن هذا الوضع الكارثي هو معالي وزير التجارة والصناعة ذاته ، أولاً بصفته وزيراً مسؤولاً عن البورصة من الناحية السياسية ، وثانياً من الناحية الإدارية والمهنية بصفته رئيساً للجنة السوق ، وهي اللجنة العليا الناظمة والمراقبة لوضع البورصة .
نعم وزير التجارة – وكذلك من سبقه في هذا المنصب – هو أول المسؤولين عن عفن البورصة ، وذلك لسماحهم بإدراج شركات وهمية وورقية ، ناهيك عن عدم اتخاذ الإجراءات المنوطة به لمكافحة الفساد المتفشي وسوء الإدارة المستعر سواء في الشركات المدرجة ، أو في إدارة سوق الكويت للأوراق المالية ، مما أدى إلى هدم سمعة بورصة الكويت والاقتصاد الوطني وتعفنهما، وذلك تحت مرأى ومسمع وشهادة سعادة الوزير ولجنة السوق وإدارة سوق الكويت للأوراق المالية ، حيث عمت الفوضى وساد النهب والسلب والنصب والاحتيال ، وذلك إلى درجة ارتباك بعض المتلاعبين كمؤسسات أو أفراد في تنفيذ أنسب خطة أو أسرع طريقة للكسب السريع والكبير ، وبالطبع اللامشروع ، نظراً لانفتاح الباب على مصراعيه للبطش بأموال ومقدرات المواطنين ، فعلى سبيل المثال ، ومن خلال سيناريو معين ، يمكن الاستيلاء على 100 ألف دك في صفقة واحدة ، وبواسطة خطة محددة يمكن نهب نصف مليون دك خلال يومين ، وعن طريق ذلك " التكتيك " يمكن (لطش) مليون دك، ولكن بصبر قليل لا يزيد عن أسبوع واحد فقط … وهكذا ، حتى سرت حالة من الهستيريا والهيجان لدى بعض المجرمين البورصويين من فرط سهولة سلب الأموال دون حسيب أو رقيب ، حيث ارتبك هؤلاء في أولوية عمليات السطو ، هل بواسطة الخطة " أ " ؟ أم عن طريق التكتيك " ب " ، أم بتطبيق إستراتيجية " جـ " ؟ … إلى ما لا نهاية من فنون ومهارات واختراعات النهب والإجرام ، حيث إن كلاً منها مباح ، وكل شيء من أموال المتداولين مستباح ، اللهم إلا استثناءات هامشية وثانوية .
نعم هذا ما حدث فعلاً في سوق الكويت للأوراق المالية تحت سمع ومرأى وشهادة المسؤولين عنه على مختلف المستويات، حتى خسر الشريحة الساحقة من المتداولين حصاد أعمارهم بلمح البصر، ناهيك عن شريحة عريضة مثقلة بالديون وتبعاتها الجسيمة والأليمة ، كما خسر ذلك السوق المسكين الثقة ، وهو أعز ما يملك ، وقد أكد وزير المالية ذلك، ولو بشكل غير مباشر ، عندما أقر بأن ضخ المليارات في السوق لا يسمن ولا يغني من جوع، وربما يرتفع يوما ، لكنه سينخفض باقي الأيام .
أما على صعيد الأرقام ، فقد خسرت بورصة الكويت أكثر من 30 مليار دك منذ بداية الأزمة الاقتصادية العالمية والأخلاقية الكويتية ، وفي تقديرنا المتواضع ، فإننا نعتقد أن 20 مليار دك من الخسارة يرجع إلى أعمال " شيطانية " كويتية مائة بالمائة ، بينما يرجع الباقي إلى متغيرات اقتصادية عالمية .
وبالرغم من مسئولية وزير التجارة الحالي وإدارة سوق الكويت للأوراق المالية وقبلها لجنة السوق عن حال التعفن الشديد الحالي في البورصة ، إلا أن من سبق هؤلاء في تلك المناصب منذ التحرير في العام 1991 جميعهم مسئولون عن العمق السحيق للتعفن ودرجة انتشاره الهائلة ، وقد أدت تلك الحالة إلى عزوف المعظم الساحق ممن تم ترشيحهم لتولي رئاسة هيئة سوق المال ، حيث إن مهمة من يتحمل مسؤولية هذا المنصب يترتب عليها مجابهة تراكمات متعفنة لمدة عقدين من الزمن ، إلا أننا قد نلتمس نقطة إيجابية واحدة في الموضوع ، فرغم أن معالجة العفن المتراكم أمر صعب جداً ، لكنه غير مستحيل كدرجة تفشي السرطان القاتل ، والتي نتمنى أن لا نكون قد بلغناها بتاريخ كتابة هذه السطور على الأقل ، وقد انتقدنا – وبشكل مستمر ومتكرر - تفشي العفن منذ 10 سنوات تقريباً وحذرنا منه بشكل موثق ، كما أن آخرين سبقونا في هذا المضمار ، وتَبعَنَا آخرون أيضاً ، ولكن دون جدوى ، وكأننا نخاطب أصحاب القبور ، حتى استحكم العفن وتسيّد الوضع ، وأصبحنا نتمنى ألا يتم تغيير اسم بورصتنا إلى " سوق الكويت للأوراق المتعفنة " في واقع الحال .
وفي الختام ، نتمنى أن يتم تعيين الأكفاء والأمناء لهيئة سوق المال حتى يشمّروا عن سواعدهم لإزالة العفن المتجذر في سوقنا المالي ، والذين يستحقون الدعم الكامل من المخلصين لهذا البلد، وحتى لا يتم الحديث عن العفن دون فائدة أو إطلاق كلام مرسل دون أي طائل أو مردود ، كما نتمنى أن لا ينساق البعض إلى الإعجاب بالكلام والتصريحات البعيدة كل البعد عن الجدية والحزم وتحمل المسؤولية .
الحال من بعضه !!!!! قال طلٌقها وخذ أختها ، قال لابارك الله في الثنتين .....!!!
صحْ لسانك وبدنك يا ولد الحمايل والأصول .. رحم الله والديك .. ورجّال من ظهر رجّال وبارك الله في بطنٍ جابك...