انخفض المؤشر الوزني لسوق الكويت للأوراق المالية بمعدل 1.3% خلال شهر يونيو 2010 ، كما انخفض المؤشر السعري بنسبة مقاربة بلغت 1.7%، مما يعني أن هبوط الأسعار خلال الشهر المذكور كان عامّاً لجميع شرائح الشركات المدرجة، سواء كانت كبيرة أو متوسطة أو صغيرة، والذي يعتبر مؤشراً غير مريح لغياب عمليات الشراء الانتقائية المعهودة، مما يجعل التباين واضحاً ما بين المؤشرين السعري والوزني في كثير من الحالات، ولا شك بأن غياب عمليات الشراء الانتقائي يمكن تفسيرها باليأس من وضع سوق المال الكويتي والاستسلام لانحداره المستمر، ويدعم ذلك التوجه السلبي،انخفاض متوسط التداول اليومي إلى 26.6 مليون دك خلال يونيو مقابل 34.6 مليون دك خلال الشهر السابق له وهو مايو ، أي بمعدل تراجع بلغ 23%.
ورغم المؤشرات السلبية أعلاه ، إلا أن المؤشر الوزني يظل رابحاً منذ بداية العام الجاري حتى تاريخ إعداد هذا التقرير بمعدل 4.1%، وذلك في مقابل أداء مناقض للمؤشر السعري بمعدل سلبي 6.0% ، أي أن التباين يظل واضحاً ما بين أداء الأسهم الكبيرة وهو إيجابي والتي يعكسها المؤشر الوزني، مقابل أداء سلبي للأسهم الصغيرة التي يعبر عنها المؤشر السعري، ونود أن ننوه إلى أن التحليل أعلاه لا يشمل تداولات يوم 30/6/2010.
أزمة الثقة ونعتقد أن الوضع المتردي المستمر للبورصة يعود لعنوان كبير هو " أزمة الثقة "، حيث يتفرع من ذلك العنوان الكبير عناوين فرعية متعددة،منها أزمة الثقة في إدارة البورصة من حيث الرقابة والتنظيم، وأزمة إدارات الشركات المدرجة من حيث ضعف الأمانة والكفاءة، وأزمة الثقة بالبيانات المالية، والتي لا تعكس حقيقة أوضاع بعض الشركات، والذي يرجع جانب منه إلى سلوكيات غير سوية لبعض مدققي الحسابات، وغيرها من العناوين المتعددة لأزمة الثقة السائدة حالياً، والتي أدخلت سوق المال في نفق مظلم نتمنى أن نرى بصيص أمل لنهايته قريبا.
نتائج الربع الثاني والنصف الأول 2010 ومن الأسباب الأخرى للتراجع الحالي لأسعار الأسهم، هو توقع نتائج غير مشجعة للربع الثاني، وهذا شبه مؤكد، حيث يتوقع أن تنخفض النتائج المجملة للشركات المدرجة بشكل ملحوظ عن الربع الأول 2010، والتي كانت أرباحا صافية بمقدار 383 مليون دك، وقد كانت إيجابية بشكل ملحوظ بالمقارنة مع الربع المناظر من العام 2009، حيث دعم ارتفاع المؤشرين الوزني والسعري بمعدل 14 و 8% على التوالي تلك النتائج خلال الربع الأول، بينما يتوقع أن يضغط أداء ذات المؤشرين على النتائج سلباً في الربع الثاني، حيث إنخفض الوزني بمعدل 9% وكذلك السعري بمعدل 13% خلال الربع المذكور.
ونظراً للمعطيات السلبية أعلاه لنتائج الربع الثاني 2010، فإننا نتوقع أن لا تفوق الأرباح المجمعة للشركات المدرجة مستوى 200 مليون دك، أي بانخفاض 48% عن الربع الأول 2010، وبانخفاض 55% عن أرباح الربع المناظر من العام الماضي 2009، والتي بلغت 442 مليون دك ،وبافتراض تحقق توقعاتنا للربع الأول 2010، فإن الأرباح المتوقعة للنصف الأول 2010 ستبلغ نحو 583 مليون دك، مما يفوق أرباح النصف الأول 2009 بمعدل 7%، حيث بلغت وقتها 546 مليون دك، ولا شك بأننا نتمنى أن تتحقق توقعاتنا كحد أدنى، حيث يكون أداء النصف الأول 2010 أفضل من النصف الأول 2009، ولا شك بأن توقعاتنا للربع الثاني والنصف الأول 2010 لم تأخذ بالاعتبار الأرباح الاستثنائية لصفقة زين أفريقيا والبالغة 2.7 مليار دولار أمريكي وفقاً للبيان الرسمي للشركة، والتي تعادل نحو 788 مليون دك.
هيئة سوق المال
وأيضاً من أسباب ضعف الثقة ببورصة الكويت، عدم تسمية رئيس وأعضاء هيئة سوق المال والتي اعتذر عن رئاستها عدة شخصيات،ويرجع اعتذار أحد أو بعض الشخصيات إلى عدم وضوح باقي أعضاء هيئة المفوضين ومعايير تعيينهم، وهل هي وفقاً لمقاييس مهنية؟ أم لأهواء معينة؟ أم لترضية هذا الطرف أو ذاك؟ فالمفترض أن يكون أعضاء هيئة سوق المال كفريق متجانس ومتفاهم، حيث ينتظرهم مجهود كبير وعمل مكثف لإنجاز اللوائح التنفيذية والقرارات الإجرائية، وهي تفصيلية ومتشعبة بشكل كبير جداً، أما في حالة كان الفريق غير متجانس،فإن ذلك مدعاة لفشل مبكر لهيئة سوق المال، وهو ما يجب تفاديه بكل تأكيد.
ولا شك بأن اختيار هيئة المفوضين يعتبر أمراً ليس باليسير لعدة أسباب، منها: شرط التفرغ بالكامل لهذه المهمة الحساسة، وهو أمر بديهي ومطلوب، بالإضافة إلى جسامة الأمانة والمسؤولية للقائمين على هيئة سوق المال، وذلك نظراً لحجم الدمار الكبير الناتج عن الفلتان العظيم على مدى عقدين من الزمن على الأقل، وأيضاً لتربص الفاسدين في السر والإعلان لمحاربة هيئة سوق المال والقائمين عليها، خاصة إذا كانوا من أهل النزاهة والكفاءة.
توقعات الصحف والجُمان
تم رصد توقعات ثلاث من أوسع الصحف الكويتية انتشارا بما يتعلق بالأخبار التي تنشرها عن نتائج الشركات المدرجة، وذلك قبل إعلانها رسمياً، والتي يمكن اعتبارها "مجازا" توقعات الصحف. وقد جاءت نتيجة توقعات الصحف متواضعة للغاية للربع الأول 2010، حيث بلغ متوسط صحتها 13%، وبلغت النسبة القصوى للتوقعات الصحيحة 33% لإحدى الصحف، بينما بلغت 15% في الصحيفة الثانية، في حين كانت صفرا في الثالثة.
وربما تُعذر بعض الصحف للتوقعات غير الموفقة نتيجة لاضطراب وضع الشركات المدرجة ، وبالتالي نتائجها ، والتي تكون محل التوقعات، وقد لوحظ عزوف شريحة كبيرة من الصحف عن إصدار التوقعات، وهو وضع إيجابي لتجنب التضليل والبلبلة، كما أن التوقعات التي أصدرتها الصحف كانت منخفضة عددياً، حيث بلغت إجمالي توقعات الثلاث صحف الأوسع انتشارا 24 توقعاً فقط، بينما كانت تزيد التوقعات عن ذلك الرقم وقت الرواج والتخبط إن صح التعبير، وقد تم إلغاء التوقعات التي تكون مطابقة أو قريبة للغاية من النتائج الفعلية إذا ما تم إصدارها قبل يوم من إعلان النتائج الفعلية، وذلك لحضور شبهة التسريب، كما تم اعتبار التوقعات التي تزيد أو تقل عن 10% من النتائج الفعلية توقعات ناجحة.
أما توقعاتنا، فقد كانت عن إجمالي النتائج كالعادة، حيث توقعنا من خلال تقريرنا الصادر في 2/5/2010 أن ترتفع الأرباح المجمعة للشركات المدرجة بمعدل 25% كحد أدنى للربع الأول 2010، وقد أعلنت 33 شركة عن نتائجها الفعلية وقت إصدار توقعاتنا، وذلك من أصل 205 شركة،وقد جاءت توقعاتنا في محلها من جانب، حيث تحققت من حيث ارتفاع النتائج عن الحد الأدنى المتوقع والبالغ 25%، حيث بلغت 383مليون دك، بينما كان الفارق واسعا، حيث ارتفعت تلك النتائج بمعدل 195% عن نتائج الربع المناظر 2009 والبالغة 130 مليون دك،وقدتعمدنا عدم تحديد رقم للنتائج المتوقعة نظراً لصعوبة ذلك في الظروف الراهنة، أي أن توقعاتنا كانت فضفاضة لحد كبير، والذي ربما يضعف من أهميتها وفقا لوجهة نظر البعض.
خطوة إيجابية جداً ولو أنها متأخرة
قام بنك الكويت المركزي بإصدار معايير حوكمة تُفرض على شركات الاستثمار خاصة بما يتعلق بالقروض ، وذلك على خلفية الكارثة التي حلت بشريحة عريضة من شركات الاستثمار إثر حالة الفلتان، والتي استمرت لعقد من الزمان ، وتتلخص معايير الحوكمة في نسبة الاقتراض إلى حقوق المساهمين ونسبة الاقتراض الأجنبي من الإجمالي، والحد الأدنى من الأرصدة النقدية السائلة، وقد منح البنك المركزي فرصة مناسبة حتى منتصف 2012 كي تلتزم جميع الشركات الاستثمارية الخاضعة لرقابته بتلك المعايير، وإلا تم اتخاذ إجراءات جدية تجاهها.
وبالرغم من تأخر تلك المعايير، حيث إنها لو كانت مطبقة منذ بداية فورة تأسيس شركات الاستثمار ابتداء من العام 2003، لما حدثت كارثة شركات الاستثمار، وعلى كل حال، أن نصل متأخرين خير من ألا نصل، ورغم انتقادنا للبنك المركزي لتأخره في وضع الإجراءات الاحترازية،إلا أنه لا يقارن إطلاقا بالمؤسسات الحكومية الأخرى مثل سوق الكويت للأوراق المالية ووزارة التجارة والصناعة، والذي أدى تراخيهما في أداء واجباتهما إلى زعزعة الثقة في الاقتصاد الوطني وتدمير سمعة الدولة اقتصاديا، والتسبب في تخلف غير مسبوق.
من جهة أخرى، تبقى ملاحظات مهمة حول قرارات البنك المركزي الأخيرة، حيث يبدو أنها لا تشمل الشركات القابضة، حيث تحولت بعض الشركات الاستثمارية إلى شركات قابضة لتفادي رقابة البنك المركزي فيما سبق، وبالتالي، نتوقع أنها غير مشمولة بالقرارات الجديدة، وإذا ما صح ذلك، فإن الرقابة ناقصة، وهناك فجوة يجب ردمها من الآن حتى لا تتسع، وذلك من حيث تحول الشركات الاستثمارية إلى قابضة،وبالتالي الهروب من رقابة البنك المركزي إلى رقابة وزارة التجارة الضعيفة والعقيمة.
من جهة أخرى، نتوقع من هيئة سوق المال حال اكتمال أركانها وضع حوكمة دقيقة وواضحة على غرار قرارات البنك المركزي، حيث إنه من غير المعقول إحكام الرقابة على البنوك وشركات الاستثمار وإهمال باقي الشركات والقطاعات، والتي تشكل معظم الشركات المدرجة.
تصريحات من المنفى!
عاث فسادا بعض المؤتمنين على الشركات المدرجة، حيث تم الإجهاز المبرم على شريحة منها، ومنها من هو في طور الفتك بتلك الشركات، ومنهم من يخطط لذلك، والعجيب بالأمر أن أحد المتورطين بإعطاب ثلاث شركات مدرجة، يقوم بإطلاق التصريحات من وقت لآخر،ومن خارج الكويت، أي من المنفى، وذلك لإعادة هيكلة تلك الشركات وإصلاح أمورها، بل يدخل بسجال " عن بعد " مع بعض مساهمي تلك الشركات حول أفضل الطرق لإحياء تلك الشركات الهالكة، وهي مهمة شبه مستحيلة، إن لم نقل مستحيلة تماماً، نظرا لحجم الضرر البالغ التي أحدثه هذا المتورط، والذي يريد أن يثبت براءته بأي طريقة كانت، حتى من منفاه، حيث إنه ملاحق وفار من العدالة جراء التهم والشكاوي العديدة والجسيمة الموجهة ضده، ولا شك بأن هذا المتهم ينفي أدنى تقصير في إدارته لتلك الشركات المعطوبة،حيث يلقي باللائمة على الأزمة الاقتصادية العالمية في تعثر شركاته، نظراً لجهوده " المضنية " في فوز إحدى تلك الشركات بصفقات وعقود بمليارات الدولارات في أصقاع العالم، والتي كانت حكايات ألف ليلة وليلة أكثر واقعية منها، وبمليارات المراحل أيضاً.