صحافتنا السعودية غريبة التكوين، فملاك المؤسسات الصحفية ليس لهم دور في تسيير أمورها (سوى حضور الاجتماع السنوي لتحديد نسبة الأرباح الموزعة، والمكافآت)، وجميعها تربح بسبب نظام الاحتكار الممنوح لها، وفي الجانب المقابل، فإن غيرهم يكفيهم مؤونة الرقابة على المواد التحريرية. ولكن يلاحظ على جميع المؤسسات الصحفية السعودية، أنه وبالرغم من الأرباح الكبيرة التي تحققها، فإن استثمارها في العنصر البشري متواضع، ولذلك فهي تترك لمراسليها، والمتعاونين معها، حرية تحرير الأخبار كيفما يشاؤون (طالما أنهم لا يتعدون الخطوط الحمراء)، وهناك أمثلة كثيرة من التقارير، والأخبار، والتحقيقات التي تعبر عن ضعف مستوى أولئك المراسلين، سأورد بعضاً منها:-
• خبر يتحدث عن قدرة مواطن في معالجة الأمراض المستعصية، كالسرطان، بوصفات سرية، ولا يكلف المراسل، أو الجريدة، أنفسهم بالتحقق علمياً، ومن جهات الاختصاص، قبل النشر؟!
• مقابلة مع معمر، يذكرون أن عمره تجاوز (150) عاماً، وفي كل العالم، وبالتوثيق، فإن أكبر معمر مسجل في موسوعة جينيس لا يتجاوز عمره (115) سنة!!
• تحقيق عن فاعل خير يدور في سوق شعبي، ويسقي الناس حليب نياق من طاسة واحدة، ويمجد التحقيق كرم ذلك الحاتمي، ولكن التحقيق لا يتطرّق إلى المخاطر الصحية التي قد يسببها ذلك التصرف، وليس هناك ذكر لمسؤولي الشؤون الصحية، أو البلدية؟!
• تحقيق, وصور لمواشٍ نافقة، والخبر يقول إنه مرض غامض، والواقع أن المرض غامض لذلك المراسل فقط، ولو قام بواجبه الصحفي،باستطلاع رأي متخصصين بيطريين، قبل نشر الخبر، لزال الغموض، وحدد المرض.
• خبر عن سعودي اخترع لسيارته مضاد للصدمات، وهو في الواقع ليس اختراعاً، وإنما مجرد إضافة حاجز أمامي، لن يجد من يسجله له كاختراع، إلا ذلك الصحفي.
والمؤسف أنه عندما يشتكي أحد لدى مسؤولي التحرير عن ذلك المستوى من عدم المهنية الصحفية، فالمسؤول يجيبك بكل برود، بأنه مستعد لنشر ردك، وملاحظاتك، لكنه لن يعالج ذلك الخلل البيّن.
حالة أخرى تتعلق بالربحية التي يلهث وراءها مسؤولو صحفنا، على حساب المهنية الصحفية، وأعني بها ذلك الكم الهائل من الإعلانات،التي تلتهم أغلب المساحات، ولذلك عندما ينتقد كاتب ما، شركة مساهمة لها إعلانات مكثفة، فمن غير المتوقع نشر ذلك المقال، لأن الصحيفة يهمها الإعلان، أكثر من همّها في إثارة قضية عادلة للمستهلك.
كل ذلك يحدث بسبب الاحتكار الموفر للمؤسسات الصحفية، ولن يتعدل الحال، إلا إن فتح الباب على مصراعيه، لعدد كبير من الصحف،والمجلات، لكي تعمل المنافسة عملها، وبذلك تسقط الصحف التي لا تحترم القارئ، أو تلك التي لا تستثمر في قدرات صحفية حقيقية.
لعل مؤسسات الإعلام الاكترونية تحرج هذه المؤسسات ،وإذا شاهدت مستوى الطرح في موقع مثل ألفا بيتا وقارنته بزاوية صحفية متخصصة في الاقتصاد بين الصحف المحلية لوجدت تفوقا في المحتوى والمواضيع للطرح الاكتروني، لعله التنافسية تجبرهم على التغير فقد طال الانتظار
اضف الى امثلتك : جريدة الحياة تقول ان الطلب على الاسمنت انخفض 40 % وومستشهدين ب بائع صغير جدا لا تتجاوز مبيعاته 100 كيس اسبوعيا ؟؟؟؟؟ شيء مضحك جدا جدا
((عندما ينتقد كاتب ما، شركة مساهمة لها إعلانات مكثفة، فمن غير المتوقع نشر ذلك المقال، لأن الصحيفة يهمها الإعلان، أكثر من همّها في إثارة قضية عادلة للمستهلك.)) معك حق تماما.